لا أصدق بأنه قد تبقى على يوم الانتخابات أربعة عشر يوما أي 336 ساعة أو 20160 دقيقة، وذلك من شدة الفرح، ليس انتظارا للنتائج ومعرفة من سيفوز ومن سيسقط من المرشحين ولكن لصعوبة تلك الايام على نفوسنا واشغالها لأوقاتنا عن كثير من القضايا المهمة، ولكثرة القيل والقال فيها والاشاعات والخصومات، وللتبذير في الانفاق وشراء الذمم والكذب، وبسبب النفخ في العصبيات القبلية والطائفية والفرز في مجتمعنا الصغير وبسبب استغلال البعض لتلك الحملات الانتخابية في كسر الحواجز بين النساء والرجال والخلط الذي نشاهده تحت مسمى توصيل الرأي للناخبين وتعريفهم بالمرشح أو المرشحة، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه ضريبة لازمة لكي نحقق مرادنا في اختيار مجلس قوي يتناسب مع طموحاتنا وآمالنا؟! وما هو الثمن الذي سندفعه مقابل ذلك الاختيار؟ لقد كنا نراهن على ان شعبنا يزداد نضجا كلما تقدمت تجربته البرلمانية ويؤصل لممارسات راقية في الاختيار والمنافسة بين المرشحين، لكن الواقع يشهد بأن ما يحدث هو العكس، وان تلك الممارسات الخاطئة خلال فترة الانتخابات من كلام في أعراض الناس ونقل للكلام وتجريح وعصبيات واختلاط ورشوة تنعكس على الايام العادية لتحرف المجتمع عن طبيعته المتسامحة والمتدينة وتتأصل في المجتمع.
من الامور التي نستسهلها أيام الانتخابات هو نقل الكلام عن بعض المرشحين بأنهم يرشون الناس او ان لهم سوابق اخلاقية او انهم لا يصلّون حتى وان لم نكن نعرف المرشح او لم نطلع على حقيقة ما ننقله عنه، وقد يكون هذا الكلام مدسوسا عليه من المرشح المنافس بينما يقول الله تعالى «أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع».
كذلك يستسهل البعض أخذ الهدايا الكبيرة من المرشحين مقابل جهود بسيطة يبذلونها في حملتهم الانتخابية ولا يرون بأن في ذلك رشوة انتخابية، بينما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعن الله «الراشي والمرتشي».
البعض يتساهل خلال فترة الانتخابات في وظيفته وفي أداء أعماله بحجة انه يبحث عن الافضل من المرشحين او يتابع اوضاع البلد، وما يدري بأنه قد خان أمانة عظيمة مقابل دور تافه يقوم به.
أتمنى أن يتم تأسيس لجان ومنظمات شعبية وحكومية مهمتها لا تقتصر على دراسة نزاهة الترشيح والانتخاب فقط، ولكن الأهم هو توجيه الشعب الى الاخلاق الانتخابية المتكاملة التي تنبثق من روح الاسلام وتوجيهاته وتمنع الاسفاف والتمادي في ارتكاب الموبقات تحت مسمى الانتخابات.
شكراً أخت إقبال ولكن...
أشكر الاخت الفاضلة اقبال الأحمد على نقلها لكلمة سيدة كويتية أثارت شجون الحاضرين حول كويت الماضي ومدى ترابطها وبعدها عن العصبية والطائفية والقبلية (السبت 3/5/2008 في القبس)، ولا شك اننا جميعا نحزن على تردي الأوضاع وازدياد التعصب في مجتمعنا، وأتمنى من الاخت اقبال ان تقرأ وتعلق على ما كتبه زميلاها في الصفحة المقابلة في نفس اليوم، فأما الاول فقد ذكر بأن أكثر المشعوذين وقراء الطالع «وكت الفال» وأسر المسحور هم من السلف (أهل التوحيد)، أما الآخر فلم يلتفت كعادته الى ما يجري في أقرب الدول الينا بين أبناء الطائفة الواحدة من قتل وتدمير بلغ آلاف الضحايا، بينما التفت الى ما يجري في البحرين من قادة السلف والاخوان والميثاق الشيعي من اصدارهم لتوصية برغبة بمنع المطربة اللبنانية «هيفاء وهبي» من احياء حفلة غنائية، ويعتبر بأن امراض مجتمعنا الكويتي قد انتقلت اليهم، وسبب دفاعه عن هيفاء وهبي هو ما ذكره بأنها قد ران على وجهها الخشوع والصدق عندما شاهدت سماحة السيد حسن نصرالله زعيم حزب الله اللبناني!!
د. وائل الحساوي
[email protected]