لقد كانت مقابلتنا مع سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الأسبوع الماضي تمثل قمة الأريحية واللقاء الأخوي، حيث فتح الشيخ جابر صدره لاخوانه الإعلاميين الذين قارب عددهم العشرين وأجاب عن جميع استفساراتهم واقتراحاتهم من دون تردد، حتى بعض الأسئلة والتعليقات الحساسة التي تتعلق به وبالأسرة الحاكمة وخلافاتها.
لقد كان في بالي تعليقات وأمور كثيرة أردت ايصالها مباشرة الى رئيس الوزراء ولكني اخترت موضوعاً في تصوري يمثل الهاجس الأكبر لكل مواطن كويتي ألا وهو التردي الرهيب للخدمات في الكويت وقلت بأن ذلك الإحباط المتولد عن تردي الخدمات هو عنوان المعارضة القادمة وليس المعارضة السياسية!! وضربت بضعة أمثلة لأدلل على حجم التردي في جميع مجالات الحياة التي يعاني منها المواطن يومياً:
أولاً: التعليم والذي يعاني من تدهور خطير في مستواه ومستوى مخرجاته، وقلت بأنني أعمل في التعليم العالي أكثر من 37 عاماً، ونشهد التدني يوماً بعد يوم، وخلال هذه الفترة الطويلة لم نشهد بناء جامعة جديدة أو مؤسسة علمية، وقد شاهدنا تكدس الطلاب والطالبات بطريقة غير طبيعية، وهو أمر طبيعي في ظل توقف عجلة الحياة في المجال التعليمي.
وماذا يستفيد الناس من الحديث عن 125 مليار دولار لخطة التنمية بينما لم يشاهدوا مشروعاً تعليمياً جامعياً جديداً يتحقق أمامهم؟!
ثانياً: قضية الإسكان التي تحولت كالبعبع أمام الشباب الكويتي، فمن يصدق بأن سعر الأرض في جنوب السرة يصل من 400 إلى 500 ألف دينار!! وماذا يفعل الخريج الذي لا يزيد راتبه على ألف دينار شهرياً لكي يوفر السكن؟! فلو أنه أنفق نصف راتبه لدفع سعر الأرض فإنه بحاجة إلى ألف شهر لتسديد قيمة الأرض وحدها!!
أما بيوت الإسكان فقد أصبحت كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء، وما بينها وبين التنفيذ وادٍ سحيق.
ثالثاً: قضية توظيف الخريجين أصبحت معضلة تتفاقم كل يوم حيث تصل فترة الانتظار لسنوات عدة ثم يتم توزيع هؤلاء الخريجين على أماكن لا تتناسب وتخصصاتهم بالرغم من الحاجة الماسة لجميع الخريجين، وهنالك نقطة لم أذكرها في حديثي وهي أن أكثر ما يؤلم هؤلاء الخريجين المنتظرين هو رؤيتهم لزملائهم الذين تخرجوا قبلهم وبمعدلات أقل منهم يقفزون عليهم ويتوظفون في أحسن الأماكن، وفي ذلك ظلم كبير لهؤلاء الشباب الذين لا يملكون الواسطة كما أنه يؤخر توظيفهم أكثر فأكثر.
رابعاً: مشكلة المرور قد أصبحت مأساة بكل ما تعانيه هذه الكلمة ولا يبدو في الأفق حل قريب لها، فالمواطنون والمقيمون يرون أنفسهم يومياً يسبحون في بحر متلاطم الموج ليس له نهاية، فمن يصدق بأن الوصول من الشويخ إلى الفيحاء في ساعة الذروة يستغرق ساعة ونصف الساعة يمر قائد السيارة خلالها بحفر ومطبات وانحناءات أشبه بلعبة الحية ويقال له: انتظر عشر سنوات لكي تنتهي تلك المشاريع وتنعم بالرخاء.
بعدها نجد مجلسنا الموقر يجتمع لمناقشة مشكلة المرور في جلسة أشبه بالحديث في الديوانية لا تشمل إحصائيات ولا حلولاً، ويجتمع لمناقشة مشكلة التعليم لكي نسمع التصفيات مع وزير التربية والقدح في ذمم المسؤولين!!
د. وائل الحساوي
[email protected]