«داومت شهرا كاملا متواصلا حين حدثت هدامة 1954 وكنا ننقل الغرقى إلى المدارس ونوفر لهم الرعاية الصحية»
فاطمة العريس ... أول رئيسة لهيئة التمريض في «الصحة»
... وتكريم آخر من وزارة الصحة
مع وزير الصحة السابق عبدالرحمن العوضي
شهاة شكر وتقدير
مع الأستاذة صفية الشراح (تصوير نور هنداوي)
مع طاقم التمريض سنة 1958
مع ابنتي أختها عناية وعصام شهاب
ولدى افتتاح المستشفى الأميري بحضور الأمير الراحل أحمد الجابر
مع سمو الأمير الراحل صباح السالم حينما كان رئيساً لإدارة الصحة
... وفي مستشفى الأميري 1955
فاطمة العريس ... ونظرة لعدسة «الراي»
ملائكة الرحمة كلمة تطلق على من عمل في مهنة التمريض، نستضيف اليوم احد الكوادر التمريضية التي واكبت تطورها في البلاد فهي شاهد عيان لمرحلة **سبقت تطور الخدمات الطبية فاطمة مصطفى العريس تحدثنا عن عملها في هذه المهنة الانسانية ومراحل تدرجها بها منذ ان حطت قدمها في الكويت سنة 1948. فلنترك لها ذلك:
نحن من بيروت وينسب لنا برج العريس مقر اقامة سلاطين العثمانيين فلم تكن ثمة فنادق في الماضي لذا كانوا يقيمون في برج العريس حين قدومهم الى لبنان وهذا في التاريخ وانا لم ادرك ذلك الزمان، لكن دراستي كانت في مدارس المقاصد الاسلامية كانت تدرس باللغة الفرنسية وبها جميع المراحل الدراسية ولأنني كنت متفوقا في جميع المراحل الدراسية تم اختياري لأدرس في كلية التمريض الفرنسية لم يكن أهلي لهم علاقة بالطب سواء والدتي ام ولدي، لكن كوني متفوقة تم اختياري في كلية الطب الفرنسية فهي كانت رائدة في هذا المجال، وبها اساتذة مميزون وهيئة طبية تدرس على مستوى عال والدراسة بها كانت ثلاث سنوات تخصصت (تمريض وولادة) وقد حزت ميدالية سقراط وهي لا تعطى الا للمتفوقين المميزين، هذه الميدالية لها وجهان وجه فيه صورتي والوجه الآخر به صورة سقراط وهي حافز كبير كان لي مثلما كنت متفوقة في مراحل دراستي في مدارس المقاصد الاسلامية كنت كذلك في كلية التمريض الفرنسية متفوقة، وحين تخرجي عملت في تخصصي نفسه تمريض وولادة في مدينة بيروت كنت اذهب الى الجنوب صيدا والقرى المحيطة بها ممرضة زائرة وقد اصبح لي صيت وسمعة عند الاهالي وكنت أقوم بأعمال التمريض وما يحتاجه المرضى ونكافح الامراض الوبائية ونقوم بإعطاء حقن التطعيم وكذلك توليد النساء فأنا متخصصة في هذا المجال. كانت وسائل النقل يوم كنت اذهب ممرضة زائرة غير متوافرة، لذلك كنا نذهب على الحمير والأحصنة لأن هناك مناطق جبلية لا يمكن للسيارات الوصول لها لكن كنت سعيدة بعملي.
الكويت
وأصبح الاهالي تعرفني جدا أمضيت ثماني سنوات وأنا أعمل ثم جاءت صديقتنا اقبال الحبال لكي تتعاقد مع مدرسات للعمل في التربية في الكويت فهي تعمل في ادارة المعارف قبل ان تصبح وزارة التربية كانت تريد مدرسات وممرضات للعمل في الكويت فتعاقد معي وأختي وفيقة ودرية للعمل في التدريس اما انا فتعاقدت معي كممرضة فجئت مع أختي ومعنا والدتي التي اصرت ألا نذهب إلا وتكون معنا، وفعلا أتينا للكويت سنة 1948 وباشرت أختاي التدريس في مدرسة الشرقية وأنا عملت في المستوصف الوحيد في ذلك الوقت هو المستوصف المركزي والذي لا تعرفه الناس الا بالمستوصف السوري.
الطائرة
استقللنا حين ذهابنا من بيروت طائرة صغيرة الحجم وكان معنا المجموعة التي تم التعاقد معها وأذكر انه كان معنا في الطائرة نفسها قادما من بيروت محمد عبد المحسن الخرافي رحمه الله، نزلنا في المطار القديم الذي كان في النزهة وقد قالت لنا اقبال الحبال البسن العباءة اي امرتنا ان نلبس العباءة فعلا ارتدينا العباءات وجميع من كان معنا في الطائرة كنا متخوفين، فنحن أول مرة نخرج من بلدنا إلى بلد آخر، نزلنا وكان في استقبالنا السيد يوسف النصف مسؤول عن دائرة الصحة في ذلك الوقت، وقد جعلوا إقامتنا في دار الضيافة، وهو مكان معد لاستقبال الضيوف، بعدها سكنت مع أمي وأختي في بيت خلف مستشفى الأميركاني قد خصص لنا.
السوري
مستوصف المركزي لا يعرفه الأهالي إلا بالمستوصف السوري، حيث كان يعمل به طاقم سوري قبل وصولي وعملي فيه... كان الدكتور يحيى الحديدي يعمل به، لكن حين عملي كان رئيس المستوصف هو الدكتور جوب هندي معروف مشهور ومكان المستوصف بناية معرفي على البحر، كان قبلي يعمل في المستوصف أم ادوار جميلة الياس كنت أنا مساعدة لها، ولم يكن لنا علاقة في مستشفى الأميركاني، كان دوامنا على فترتين صبح وعصر، وعندنا مساعدة ممرضة عائشة جماع وهي متعلمة وذكية وطيبة وفاهمة، والمستوصف يستقبل نساءً ورجالاً والدكتور جوب يعالج الجميع ونحن نقوم بعملنا.
التوليد
أنا تخصص تمريض وولادة، فكنت أذهب إلى الأهالي إذا طلبوني أذهب سواء على سيارة المستوصف أو هم يأتون يأخذوني، لذلك عملت فترة طويلة قابلة «الداية»، أساعد الحوامل وقت الانجاب والناس كانت لا تذهب إلى المستوصف أو تأتي بأحد لكي يساعد بناتها على الولادة إلا القليل منهم، الناس كانت على العهد القديم والطريقة التقليدية، لكن بعض الأهالي كانوا يأتون إليَّ لكي أقوم بتوليد نسائهم ومساعدة الحامل وقت الانجاب والاعتناء بها حتى منتصف الليل، كان الأهالي يأتون حيث سكني ويأخذونني وكانت والدتي لا تسمح لي بالذهاب إلا وهي معي، وعندما نذهب إلى مساعدة الحامل وقت الانجاب كانت تصاحبني امرأة اسمها سعدية تعمل معنا في المستوصف، وهي سيدة فاضلة طيبة... وقد كنت أذهب إلى الكثير من البيوت حتى خارج السور كنت أذهب لمن يطلب المساعدة حتى الخيَّم وبيوت الشعر كنت أذهب إليها.
الفرحة
كانت الفرحة والابتسامة تعم الأهالي حينما يأتي لهم المولود، الناس كانوا سيمتهم البساطة والطيبة، وهي موجودة بهم ولاتزال إلى اليوم، لكن في الأول لم تكن الكهرباء متوافرة والطرق ليست معبدة والماء كنا نجعله في «الحب» ونصفيه حين نشربه، ولا نعلم بتوافر الماء إلا حين نسمع من ينادي شط شط...
ومن وفاء الناس كانت تعبر بفرحها حينما يطلبوني لكي أقوم بتوليد نساء كانوا إذا وضعن المولود يقدمون لنا الهدايا التي غالباً ما تكون قطعة قماش تعبيراً عن فرحهم وشكرهم.
وبطبيعة الحال فرحة الولد عندهم أكثر، أختي صبيحة كان تخصصها تمريضاً وولادة وهي أتت بعدي وعملت في الصحة، وولّدت الكثير من نساء الكويت في الخمسينات والستينات حتى ان أسمها على شهادات الميلاد لايزال موجوداً.
الراتب
صرف لي راتب 600 روبية واستمررت أعمل صباحاً ومساءً في المستوصف المركزي المشهور بـ «السوري» كل ما يحتاجه المرضى نقوم به، فهم يدخلون على الدكتور جوب وهو يشخص حالة المريض ثم يأتينا نحن طاقم التمريض فنقوم بما يحتاجه سواء تطهير الجروح والضماد أو اعطاؤه حقنة، وفي حال انتشار الأمراض المعدية كنا نخرج إلى جميع المناطق نُطعم الأهالي خصوصاً الأطفال منهم، أذكر كنا نقوم بحملات تطعيم ضد الجدري والكوليرا وشلل الأطفال والحصبة، ومن المناطق التي نذهب إليها الصهيد والعشيرج.
الأميري
وسنة 1949، هذه السنة شهدت افتتاح مستشفى الأميري، وقد كان على رأس الحضور الشيخ أحمد الجابر ولي صورة على مدخل مستشفى الأميري... انتقلت إلى المستشفى وأصبحت ممرضة مسؤولة ثم رئيسة ممرضات، وفي الوقت نفسه أتابع حالة المرضى ومضى وقت وأنا أقوم بهذين العملين بعدها أصبحت رئيسة لهيئة التمريض واصبح دوامي في دائرة الصحة اكثر فهي واقعة في الشرق على البحر وكان بها مكتبي وبهذا العمل اصبحت اشرف على عمل الممرضات وتقييم ادائهن ومتابعة عملهن من خلال جولة ميدانية لجميع المستوصفات والمستشفيات التي توافرت في ذلك الوقت وكنت اسعى لرفع مستواهن من خلال التوجه والمحاضرات.
الاستقدام
كلفت من قبل دائرة الصحة لاستقدام ممرضات من كذا دولة كنت بالأول اذهب لوحدي وأُخول بتوقيع العقود لوحدي وبعض الاحيان يكون معي مرافق تجعله السفارة معي، وذلك حينما ذهبت إلى الهند وباكستان كنت اختبر من تقدم في مبنى السفارة، ونطلب منه الشهادات الدراسية وشهادات الخبرة وكل شيء يتعلق بالصحة، بعدها اصبحت هناك لجان تذهب وكنت معهم ومن الدول التي ذهبت اليها الهند وباكستان ولبنان وسودان ومصر وتونس... ومن يقدم على وظيفة داخل الكويت ايضا كنا نعمل له لجنة وبعض المتقدمين عندهم شهادات خبرة خلال عملهم في المستشفيات وفي عيادات الاطباء هؤلاء كنت اختبرهم واطلب منهم شهادات الخبرة وبعد الاختبار شفوي وعملي والفحص نقبلهم مساعدين ممرضين ونعمل لهم دورات رفع مستواهم.
الاعتناء
كانت السفارات حينما نذهب إلى الدول لاستقدام الممرضات تقوم في الواجب وتجعل لنا برنامجا وتوفر لنا كل شيء كل ما نحتاجه كانت تقوم به فاللجان كانت تعقد في مباني السفارات في تلك الدول التي نذهب اليها.
بعثة
بعثة الحج حين تأسست سنة 1956 ذهبت معها ومع أمي وكان أخي الشيخ عبدالله العريس قد عمل في الكويت إماما وخطيبا وكانت له محاضرات لموظفي الصحة الذين يذهبون مع البعثة إلى الحج محاضرات توعوية وارشادية وقد اكرمني الله في الحج خمس مرات وعمرات كثيرة.
الهدامة
حينما حدثت هدامة 1954 كنا نذهب إلى بيوت الأهالي وننقذهم ونسعفهم ونذهب بهم إلى المدارس ثم نعود اليهم لنقدم لهم الرعاية الصحية لقد امضيت شهرا كاملا وأنا اعمل في المستشفى الأميري وكانت وسائل الاتصال غير متوافرة وقد قلقت والدتي عليّ حينما لم اعد إلى البيت ولم تكن تعلم انني مع فريق الصحة في حال استنفار وقد جاءت إلى المستشفى الأميري لكي تراني.
الغرق
اذكر انه كانت هناك امطار غزيرة هطلت على البلاد وكنت ذاهبة إلى المستشفى الصدري في الصليبخات وكان معي الدكتور بيري وكدنا نغرق في الطريق من كثرة السيول والامطار.
الاستمرار
لقد استمررت رئيسة لهيئة التمريض سنين طويلة وصارت تعمل معي دكتورة انكليزية اسمها «ديم ألهيس» والشيخة بدرية السعود الصباح هي رئيس على هيئة التمريض والاطباء.
بعدها اصبحت مستشارة في الوزارة حتى عام 1990 تركت العمل في الصحة فانا من سنة 1948 الى غاية 1990 تدرجت من ممرضة إلى مسؤولة ممرضات، ثم رئيس ممرضات ثم رئيسة هيئة التمريض ثم مستشارة في وزارة الصحة وعاصرت الشيخ فهد السالم ثم صباح السالم والوزير يوسف الحجي وعبدالرحمن العوضي وعبدالعزيز الصقر قبلهم يوسف النصف وكل القياديين والوكلاء الاوائل كنت اعمل معهم وشهدت اول افتتاح لمستشفى في الكويت واذكر الدكتور ارك بيري ومدير ادارة الصحة يوسف الفليج وعلي الداود وعبدالمحسن العدواني والدكتور يحيى الحديدي وسامي بشارة، وعادل نسيبه.
الكشتة
كانت والدة سمو الامير الراحل صباح السالم تأخذنا في نزهة برية كشتة إلى الدمنة فحينها كان في منطقة الدمنة التي هي اليوم السالمية، وكثير من عوائل الكويت كنا نرافقهم في النزهة البرية.
اذكر قصر مشرف كان الشيخ عبدالله المبارك يدعونا إليه خصوصا في شهر رمضان حيث تعمل الولائم به هو رجال طيب وكريم جداً وصاحب أريحية وطيبة وكل أسرة الصباح أهل طيب.
كثير من عوائل وأسر الكويت كانت لي علاقة وصداقة معهم.
وكانت صديقتي شريفة الهلال ام الدكتور هلال الساير وعادلة الساير.
الرحمة
نحن الممرضات يطلق علينا ملائكة الرحمة لاننا نعنى بصحة الانسان فأعمالنا هي اعمال رحمة لانها تتعلق بصحة الانسان وحياته.
الابرة
كانت الناس في الاول تتخوف من اعطائهم الحقن لكن كنا نقدر امرهم ونأخذهم بالكلام الزين، اهم شيء لدى الممرضة والطبيب حسن المعاملة والاخلاق والتحلي الصبر، انا تعلمت اللغة الانكليزية من خلال الكتب والممارسة لانني كنت احتاجها فتعلمتها بطلاقة.
الجوهرة
ادركت الاسواق القديمة وعاصرة نشأة الكويت وسورها وبوابته جئت للكويت ولم يكن بها كهرباء لكنها طول تاريخها وهي جوهرة الله يحميها.
الشيخة فتوح
الشيخة فتوح الصباح ام ناصر رحمها الله زوجة سمو الامير حفظه الله كانت في منتهى الطيبة وكثيرا ما كانت تدعوني لزيارتها لأتناول وجبة الغداء عندها، فأنا قمت بتوليدها حينما وضعت ابنها الشيخ حمد صباح الأحمد حفظه الله، وكذلك قمت بتوليد الكثير من نساء الاسرة الكريمة، ووفرت الرعاية الصحية لهن وقت الانجاب.
نحن من بيروت وينسب لنا برج العريس مقر اقامة سلاطين العثمانيين فلم تكن ثمة فنادق في الماضي لذا كانوا يقيمون في برج العريس حين قدومهم الى لبنان وهذا في التاريخ وانا لم ادرك ذلك الزمان، لكن دراستي كانت في مدارس المقاصد الاسلامية كانت تدرس باللغة الفرنسية وبها جميع المراحل الدراسية ولأنني كنت متفوقا في جميع المراحل الدراسية تم اختياري لأدرس في كلية التمريض الفرنسية لم يكن أهلي لهم علاقة بالطب سواء والدتي ام ولدي، لكن كوني متفوقة تم اختياري في كلية الطب الفرنسية فهي كانت رائدة في هذا المجال، وبها اساتذة مميزون وهيئة طبية تدرس على مستوى عال والدراسة بها كانت ثلاث سنوات تخصصت (تمريض وولادة) وقد حزت ميدالية سقراط وهي لا تعطى الا للمتفوقين المميزين، هذه الميدالية لها وجهان وجه فيه صورتي والوجه الآخر به صورة سقراط وهي حافز كبير كان لي مثلما كنت متفوقة في مراحل دراستي في مدارس المقاصد الاسلامية كنت كذلك في كلية التمريض الفرنسية متفوقة، وحين تخرجي عملت في تخصصي نفسه تمريض وولادة في مدينة بيروت كنت اذهب الى الجنوب صيدا والقرى المحيطة بها ممرضة زائرة وقد اصبح لي صيت وسمعة عند الاهالي وكنت أقوم بأعمال التمريض وما يحتاجه المرضى ونكافح الامراض الوبائية ونقوم بإعطاء حقن التطعيم وكذلك توليد النساء فأنا متخصصة في هذا المجال. كانت وسائل النقل يوم كنت اذهب ممرضة زائرة غير متوافرة، لذلك كنا نذهب على الحمير والأحصنة لأن هناك مناطق جبلية لا يمكن للسيارات الوصول لها لكن كنت سعيدة بعملي.
الكويت
وأصبح الاهالي تعرفني جدا أمضيت ثماني سنوات وأنا أعمل ثم جاءت صديقتنا اقبال الحبال لكي تتعاقد مع مدرسات للعمل في التربية في الكويت فهي تعمل في ادارة المعارف قبل ان تصبح وزارة التربية كانت تريد مدرسات وممرضات للعمل في الكويت فتعاقد معي وأختي وفيقة ودرية للعمل في التدريس اما انا فتعاقدت معي كممرضة فجئت مع أختي ومعنا والدتي التي اصرت ألا نذهب إلا وتكون معنا، وفعلا أتينا للكويت سنة 1948 وباشرت أختاي التدريس في مدرسة الشرقية وأنا عملت في المستوصف الوحيد في ذلك الوقت هو المستوصف المركزي والذي لا تعرفه الناس الا بالمستوصف السوري.
الطائرة
استقللنا حين ذهابنا من بيروت طائرة صغيرة الحجم وكان معنا المجموعة التي تم التعاقد معها وأذكر انه كان معنا في الطائرة نفسها قادما من بيروت محمد عبد المحسن الخرافي رحمه الله، نزلنا في المطار القديم الذي كان في النزهة وقد قالت لنا اقبال الحبال البسن العباءة اي امرتنا ان نلبس العباءة فعلا ارتدينا العباءات وجميع من كان معنا في الطائرة كنا متخوفين، فنحن أول مرة نخرج من بلدنا إلى بلد آخر، نزلنا وكان في استقبالنا السيد يوسف النصف مسؤول عن دائرة الصحة في ذلك الوقت، وقد جعلوا إقامتنا في دار الضيافة، وهو مكان معد لاستقبال الضيوف، بعدها سكنت مع أمي وأختي في بيت خلف مستشفى الأميركاني قد خصص لنا.
السوري
مستوصف المركزي لا يعرفه الأهالي إلا بالمستوصف السوري، حيث كان يعمل به طاقم سوري قبل وصولي وعملي فيه... كان الدكتور يحيى الحديدي يعمل به، لكن حين عملي كان رئيس المستوصف هو الدكتور جوب هندي معروف مشهور ومكان المستوصف بناية معرفي على البحر، كان قبلي يعمل في المستوصف أم ادوار جميلة الياس كنت أنا مساعدة لها، ولم يكن لنا علاقة في مستشفى الأميركاني، كان دوامنا على فترتين صبح وعصر، وعندنا مساعدة ممرضة عائشة جماع وهي متعلمة وذكية وطيبة وفاهمة، والمستوصف يستقبل نساءً ورجالاً والدكتور جوب يعالج الجميع ونحن نقوم بعملنا.
التوليد
أنا تخصص تمريض وولادة، فكنت أذهب إلى الأهالي إذا طلبوني أذهب سواء على سيارة المستوصف أو هم يأتون يأخذوني، لذلك عملت فترة طويلة قابلة «الداية»، أساعد الحوامل وقت الانجاب والناس كانت لا تذهب إلى المستوصف أو تأتي بأحد لكي يساعد بناتها على الولادة إلا القليل منهم، الناس كانت على العهد القديم والطريقة التقليدية، لكن بعض الأهالي كانوا يأتون إليَّ لكي أقوم بتوليد نسائهم ومساعدة الحامل وقت الانجاب والاعتناء بها حتى منتصف الليل، كان الأهالي يأتون حيث سكني ويأخذونني وكانت والدتي لا تسمح لي بالذهاب إلا وهي معي، وعندما نذهب إلى مساعدة الحامل وقت الانجاب كانت تصاحبني امرأة اسمها سعدية تعمل معنا في المستوصف، وهي سيدة فاضلة طيبة... وقد كنت أذهب إلى الكثير من البيوت حتى خارج السور كنت أذهب لمن يطلب المساعدة حتى الخيَّم وبيوت الشعر كنت أذهب إليها.
الفرحة
كانت الفرحة والابتسامة تعم الأهالي حينما يأتي لهم المولود، الناس كانوا سيمتهم البساطة والطيبة، وهي موجودة بهم ولاتزال إلى اليوم، لكن في الأول لم تكن الكهرباء متوافرة والطرق ليست معبدة والماء كنا نجعله في «الحب» ونصفيه حين نشربه، ولا نعلم بتوافر الماء إلا حين نسمع من ينادي شط شط...
ومن وفاء الناس كانت تعبر بفرحها حينما يطلبوني لكي أقوم بتوليد نساء كانوا إذا وضعن المولود يقدمون لنا الهدايا التي غالباً ما تكون قطعة قماش تعبيراً عن فرحهم وشكرهم.
وبطبيعة الحال فرحة الولد عندهم أكثر، أختي صبيحة كان تخصصها تمريضاً وولادة وهي أتت بعدي وعملت في الصحة، وولّدت الكثير من نساء الكويت في الخمسينات والستينات حتى ان أسمها على شهادات الميلاد لايزال موجوداً.
الراتب
صرف لي راتب 600 روبية واستمررت أعمل صباحاً ومساءً في المستوصف المركزي المشهور بـ «السوري» كل ما يحتاجه المرضى نقوم به، فهم يدخلون على الدكتور جوب وهو يشخص حالة المريض ثم يأتينا نحن طاقم التمريض فنقوم بما يحتاجه سواء تطهير الجروح والضماد أو اعطاؤه حقنة، وفي حال انتشار الأمراض المعدية كنا نخرج إلى جميع المناطق نُطعم الأهالي خصوصاً الأطفال منهم، أذكر كنا نقوم بحملات تطعيم ضد الجدري والكوليرا وشلل الأطفال والحصبة، ومن المناطق التي نذهب إليها الصهيد والعشيرج.
الأميري
وسنة 1949، هذه السنة شهدت افتتاح مستشفى الأميري، وقد كان على رأس الحضور الشيخ أحمد الجابر ولي صورة على مدخل مستشفى الأميري... انتقلت إلى المستشفى وأصبحت ممرضة مسؤولة ثم رئيسة ممرضات، وفي الوقت نفسه أتابع حالة المرضى ومضى وقت وأنا أقوم بهذين العملين بعدها أصبحت رئيسة لهيئة التمريض واصبح دوامي في دائرة الصحة اكثر فهي واقعة في الشرق على البحر وكان بها مكتبي وبهذا العمل اصبحت اشرف على عمل الممرضات وتقييم ادائهن ومتابعة عملهن من خلال جولة ميدانية لجميع المستوصفات والمستشفيات التي توافرت في ذلك الوقت وكنت اسعى لرفع مستواهن من خلال التوجه والمحاضرات.
الاستقدام
كلفت من قبل دائرة الصحة لاستقدام ممرضات من كذا دولة كنت بالأول اذهب لوحدي وأُخول بتوقيع العقود لوحدي وبعض الاحيان يكون معي مرافق تجعله السفارة معي، وذلك حينما ذهبت إلى الهند وباكستان كنت اختبر من تقدم في مبنى السفارة، ونطلب منه الشهادات الدراسية وشهادات الخبرة وكل شيء يتعلق بالصحة، بعدها اصبحت هناك لجان تذهب وكنت معهم ومن الدول التي ذهبت اليها الهند وباكستان ولبنان وسودان ومصر وتونس... ومن يقدم على وظيفة داخل الكويت ايضا كنا نعمل له لجنة وبعض المتقدمين عندهم شهادات خبرة خلال عملهم في المستشفيات وفي عيادات الاطباء هؤلاء كنت اختبرهم واطلب منهم شهادات الخبرة وبعد الاختبار شفوي وعملي والفحص نقبلهم مساعدين ممرضين ونعمل لهم دورات رفع مستواهم.
الاعتناء
كانت السفارات حينما نذهب إلى الدول لاستقدام الممرضات تقوم في الواجب وتجعل لنا برنامجا وتوفر لنا كل شيء كل ما نحتاجه كانت تقوم به فاللجان كانت تعقد في مباني السفارات في تلك الدول التي نذهب اليها.
بعثة
بعثة الحج حين تأسست سنة 1956 ذهبت معها ومع أمي وكان أخي الشيخ عبدالله العريس قد عمل في الكويت إماما وخطيبا وكانت له محاضرات لموظفي الصحة الذين يذهبون مع البعثة إلى الحج محاضرات توعوية وارشادية وقد اكرمني الله في الحج خمس مرات وعمرات كثيرة.
الهدامة
حينما حدثت هدامة 1954 كنا نذهب إلى بيوت الأهالي وننقذهم ونسعفهم ونذهب بهم إلى المدارس ثم نعود اليهم لنقدم لهم الرعاية الصحية لقد امضيت شهرا كاملا وأنا اعمل في المستشفى الأميري وكانت وسائل الاتصال غير متوافرة وقد قلقت والدتي عليّ حينما لم اعد إلى البيت ولم تكن تعلم انني مع فريق الصحة في حال استنفار وقد جاءت إلى المستشفى الأميري لكي تراني.
الغرق
اذكر انه كانت هناك امطار غزيرة هطلت على البلاد وكنت ذاهبة إلى المستشفى الصدري في الصليبخات وكان معي الدكتور بيري وكدنا نغرق في الطريق من كثرة السيول والامطار.
الاستمرار
لقد استمررت رئيسة لهيئة التمريض سنين طويلة وصارت تعمل معي دكتورة انكليزية اسمها «ديم ألهيس» والشيخة بدرية السعود الصباح هي رئيس على هيئة التمريض والاطباء.
بعدها اصبحت مستشارة في الوزارة حتى عام 1990 تركت العمل في الصحة فانا من سنة 1948 الى غاية 1990 تدرجت من ممرضة إلى مسؤولة ممرضات، ثم رئيس ممرضات ثم رئيسة هيئة التمريض ثم مستشارة في وزارة الصحة وعاصرت الشيخ فهد السالم ثم صباح السالم والوزير يوسف الحجي وعبدالرحمن العوضي وعبدالعزيز الصقر قبلهم يوسف النصف وكل القياديين والوكلاء الاوائل كنت اعمل معهم وشهدت اول افتتاح لمستشفى في الكويت واذكر الدكتور ارك بيري ومدير ادارة الصحة يوسف الفليج وعلي الداود وعبدالمحسن العدواني والدكتور يحيى الحديدي وسامي بشارة، وعادل نسيبه.
الكشتة
كانت والدة سمو الامير الراحل صباح السالم تأخذنا في نزهة برية كشتة إلى الدمنة فحينها كان في منطقة الدمنة التي هي اليوم السالمية، وكثير من عوائل الكويت كنا نرافقهم في النزهة البرية.
اذكر قصر مشرف كان الشيخ عبدالله المبارك يدعونا إليه خصوصا في شهر رمضان حيث تعمل الولائم به هو رجال طيب وكريم جداً وصاحب أريحية وطيبة وكل أسرة الصباح أهل طيب.
كثير من عوائل وأسر الكويت كانت لي علاقة وصداقة معهم.
وكانت صديقتي شريفة الهلال ام الدكتور هلال الساير وعادلة الساير.
الرحمة
نحن الممرضات يطلق علينا ملائكة الرحمة لاننا نعنى بصحة الانسان فأعمالنا هي اعمال رحمة لانها تتعلق بصحة الانسان وحياته.
الابرة
كانت الناس في الاول تتخوف من اعطائهم الحقن لكن كنا نقدر امرهم ونأخذهم بالكلام الزين، اهم شيء لدى الممرضة والطبيب حسن المعاملة والاخلاق والتحلي الصبر، انا تعلمت اللغة الانكليزية من خلال الكتب والممارسة لانني كنت احتاجها فتعلمتها بطلاقة.
الجوهرة
ادركت الاسواق القديمة وعاصرة نشأة الكويت وسورها وبوابته جئت للكويت ولم يكن بها كهرباء لكنها طول تاريخها وهي جوهرة الله يحميها.
الشيخة فتوح
الشيخة فتوح الصباح ام ناصر رحمها الله زوجة سمو الامير حفظه الله كانت في منتهى الطيبة وكثيرا ما كانت تدعوني لزيارتها لأتناول وجبة الغداء عندها، فأنا قمت بتوليدها حينما وضعت ابنها الشيخ حمد صباح الأحمد حفظه الله، وكذلك قمت بتوليد الكثير من نساء الاسرة الكريمة، ووفرت الرعاية الصحية لهن وقت الانجاب.