اسيل سليمان الظفيري / إنارة / علاقاتنا في الميزان

تصغير
تكبير
| أسيل الظفيري |

تكمن أهمية العلاقات الاجتماعية في حياتنا في الإشباعات التي تتحقق لنا من خلالها، فالحاجة للانتماء والتقدير مثلا لا يمكن ان تُشبع إلا من خلال المحيطين بنا، وتمتد هذه العلاقات في حياتنا باتساع أفقي فهي منتشرة ومتشعبة، ونحن ننتقي بذكاء من هذه العلاقات الأكثر نفعا لنا فنتعمق بها ونستمتع بتبعاتها.

يختلف الناس في أفهامهم وثقافاتهم كما يختلفون في ملامحهم، هذا التباين والاختلاف يخلق لنا تضارباً شديداً عندما يقترب الناس من بعضهم بعضاً، فكلما اقتربنا من الآخرين أكثر، تتكشف لنا جوانب من شخصياتهم قد تكون مجهولة بالنسبة لنا لو لم يكن هذا الاقتراب، بعض ما نكتشفه عنهم مألوف بالنسبة لأفكارنا، فإذا سلكوا سلوكا منطلقا من هذه القناعات فسنستطيع تفسيره وفهمه، ولكن أحيانا تنتابنا الحيرة من البعض، عندما نرى منهم سلوكاً لا نستطيع أن نفسره بمفاهيمنا، فنرى منهم الهجر غير المبرر أو التجاهل المقصود أو إنكار مجحف لما قدمناه لهم، فنبحث عن تفسير لهذا التصرف لنخفف عن أنفسنا الإحساس بالصدمة.

والحقيقة أننا مهما بحثنا في دوافعهم قد نصل للسبب الحقيقي وقد لا نصل، ونظل ندور في دائرة التفسيرات التي غالبا ما تقود لسوء الظن والغيبة ولا تترفع عن النميمة أحيانا، فيكون الشعور بالمرارة، والحقيقة أن السبب في التصادم هو عدم استيعابنا وتفهمنا لكثرة اختلاف ثقافة التعامل داخل العلاقة، فما أراه أنا صائباً، ليس بالضرورة صائباً عند غيري، والعكس بالعكس، فليس للصواب وجه واحد، بل له وجوه متعددة كلٌ يراها من زاويته.

بعض المنصدمين من العلاقات يأخذون قراراً بأن يقلصوا علاقاتهم من شدة ما يجدون فيها من ألم، أعتقد أن ترتيب علاقاتنا محسوم فعلاً ولا نملك فيه خياراً، فشريعتنا نظمت علاقاتنا مع الأزواج والأبناء والأرحام والأصدقاء وغيرهم، ولكننا نملك أن نتفهم اختلافاتنا ونستوعبها ولا نحاول تغييرها لأننا لا نملك تغييرها أصلا، ولكن نملك أن نخفض من سقف توقعاتنا من الأطراف الأخرى، فلا نتوقع منهم الكثير، وهذا يرجعنا لتمحيص نياتنا ونحن نقدم لهم ما نقدم، هل كانت نيتنا لله؟ أم أننا كنا نعطي طمعا في المقابل؟ فإن كانت الأولى فليس من شأني أن أسأل عن السبب وراء ردود أفعال من حولي لأنها ليست في حساباتي أصلاً، وإن كانت الإجابة الثانية فالحر عبدٌ ما طمع!

وأنهي مقالي بمقولة أعجبتني للدكتور طارق الحبيب «إن أي خلاف بين اثنين تقع مسؤولية حله على الأعقل»، والعاقل بالإشارة يفهم.



@AseelALzafiri

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي