| مبارك مزيد المعوشرجي |
أيام هيبة الدولة وقوة القانون كان بنك التسليف والادخار يوقع أصحاب طلبات السكن على تعهد بعدم تأجير منازلهم، وإلا استحق على المؤجر مبلغ القرض فوراً، إضافة إلى نسبة ربح معينة، لذا كان تأجير المنازل نادراً جداً، وبشرط موافقة البنك، فالدولة عندما أعطت المواطن أرضاً بالمجان وقرضاً من دون ربح، كانت تقصد بذلك إعطاءه سكناً عائلياً مناسباً.
واليوم يوم «كويتي وكيفي» ضاعت الطاسة، فعندما يعلم بنك التسليف بأمر شخص يؤجر منزله بالكامل يكتفي بإضافة 50 ديناراً على قسط القرض تخصم من أصل الدين، لذلك انتشرت بين منازلنا مبرات خيرية وإنسانية وقبلية، وحضانات أطفال ومكاتب محاماة وجمعيات نفع عام، و«عد وخربط» من هيئات متنوعة بين منازلنا، ما سبَّب أزمات مرورية في الشوارع الداخلية، ناهيك عن إغلاق المنازل بسيارات المراجعين لهذه الهيئات، أو صدم سيارة أحد الجيران وهروب الصادم، وشكاوى عديدة بما يخص النظافة لتكدسها أمام المبرات والمدارس.
كل ذلك حوّل ضواحي السكن الخاص الهادئة إلى مناطق استثمارية، وتحول من كان ينادي بالسكن العائلي الخاص ويشتكي من تأخر دوره إلى تاجر عقارات، يؤجر بيته بالكامل ويسكن شقة في بيوت أصبحت تشابه العمارات السكنية بين الفلل، من دون رقيب من البلدية.
لذا على الهيئة العامة للإسكان وبنك التسليف والبلدية وضع ضوابط وشروط عند اعتماد خرائط السكن، وعدم السماح بتأجير أي منزل إلا بموافقة جميع سكان الشارع، وأن يكون المنزل على شارع رئيسي وذي ارتداد كبير يسمح بإنشاء مواقف خاصة لهذه المؤسسة حتى لا تضايق الجيران، وإلا تحولت ضواحي السكن الهادئة إلى «حولي» جديدة من حيث الكثافة السكانية، وتنافس شارع فهد السالم من حيث كثرة المكاتب والشركات، وتفوق الجابرية من حيث فوضى البنيان، فتجد العمارة بجانب الفيلا وقريب منهما سوق تجاري.