كانت الكويت محاطة بسور له بوابات «دروازات» ... وأنا دخلت من «دروازة» الجهراء في أول عام 1954
محمد بعلبكي: «الصحة المدرسية» كافحت مرض الدرن في المدارس وكنت أحد كوادرها «التمريضية» لمدة 40 عاماً
تكريمه من قبل وزارة الصحة
تكريم من جمعية التمريض الكويتية
مع رفيقة دربه (زوجته) وابنته
في سنة 1965
شهادة اجتياز احد الدورات التمريضية سنة 1969
مع حفيده
... التطعيم خير وقاية من الأمراض (تصوير طارق عز الدين)
محمد بعلبكي ونظرة لـعدسة «الراي»
إعداد:سعود الديحاني
التمريض مهنة سامية، ألحقت بها الصحة المدرسية التي كانت مسؤولية عن وقاية الطلبة حين التحاقهم في المدارس، ضيفنا اليوم محمد بعلبكي أحد كوادر الصحة المدرسية، يحدثنا عن بدايته مع هذه المهنة ثم يتطرق الى الصحة المدرسية والدورة التي التحق بها وما هي الأمراض التي كانوا يحرصون على تطعيم الطلبة منها؟ أحاديث شيقة وممتعة نقضيها مع ضيف حديث الذكريات فلنترك له ذلك.
انا تعلمت التمريض في بلدي لبنان كان يأتي طبيب زائر «اسمه سبردون حوراني» إلى بلدنا اي القرية «عديسة» التي اقيم بها فنحن عندنا سوق كل يوم اربعاء فهو يأتي في هذا اليوم ويعالج المرضى في هذا اليوم الذي هو اجتماع للناس كل اربعاء ... سوق يضم كثيرا من الناس ويجلس الدكتور والذي يشتكي مرضا ما يعرض نفسه على الدكتور «طبيب» فيشخص حالته ويصرف له الدواء فعيادة هذا الطبيب في هذا السوق وانا كنت متوقفا عن الدراسة حيث انني درست المتوسطة ولم اواصل تعليمي؟ فلابد لي من ممارسة نشاط بدل الدراسة لذلك التحقت في العمل مع هذا الطبيب الزائر لنا كل اسبوع في سوق الاربعاء في بلدنا... وقريتنا قرية زراعية وبها نبع ماء عذب من رب العالمين ولا يزال يتدفق إلى يومنا هذا فبلدنا من القرى القريبة من فلسطين.
الدوام
الطبيب الذي تعلمت عنده كان يبدأ عمله من السابعة إلى الثانية بعد الظهر وانا اكون ملازما معه فتعلمت مهنة ومزاولة التمريض منه وقد استمررت معه مدة سنتين لاني عندي رغبة حب لتعلم هذه المهنة الشريفة وقد استغرق مني تعلمها ما يقارب سنتين والذي يرغب في التعلم وعنده دافع وحب التعلم لاتقف امامه الصعوبات وانا كنت احب هذه المهنة الشريفة النبيلة لذلك تعلمتها في المدة التي قضيتها مع الدكتور.
البداية
بادئ ذي بدء، اخذت اتعلم كيفية اعطاء المريض الحقن اي الابر وطريقة عمل الضماد للمجروح أو من احتاج لذلك وضماد له بطريقة صحية سليمة.
الاشمر
كان لنا صديق كبير في السن اسمه حسن اشمر قد سبقنا في المجيء للكويت وهذا كان ابنه من جيله اي مقارب لي في السن وقد درس معي حينما كنت في المدرسة وقد لحق في ابيه حينما جاء للكويت وكلاهما عمل في الصحة في الكويت وهذا الامر كان دافعا لمجيئي للكويت حيث حسمت امري واخذت شهادة من الطبيب الذي عملت معه تلك الفترة وهذه الشهادة تفيد حصولي الخبرة الكافية في عمل التمريض.
المجيء
انا قدومي للكويت كان عن طريق البر طريق لبنان إلى تركيا في القطار ومن تركيا استقليت القطار الموصل إلى البصرة ومن البصرة ركبنا سيارة كانت جوانبها خشبية وقد نزلت حين وصولي في ساحة الصفاة ولم اكن اعرف عنوان صاحبي وكان ذلك في سنة 1954، والبوابة التي دخلت منها إلى الكويت كانت دروازة الجهراء لان الكويت في تلك الايام كانت محاطة بسور له بوابات يطلق عليها دروازات كانت ساحة الصفاة بها مواقف للسيارات ... ذهبت إلى مطعم اسمه «الاوتماتيك» وعملت به فترة وكان موقعه في الشارع الجديد السكن به متوافر والاكل والشرب وكان بمثابة استراحة لي حتى هيأت نفسي للعمل في تخصصي في الصحة وفعلا هذا ما حصل قدمت اوراقي إلى قسم التمريض في ادارة الصحة، لم تكن في تلك الايام وزارة.
فاطمة
الذي وجهني إلى محل تقديم وظيفة ممرض هو صاحبي الذي سبقني في العمل في الصحة فهو من ارشدني وكان مكان تقديم الاوراق والمقابلة الشخصية في مستشفى الاميري حيث مكتب رئيسة التمريض فاطمة العريس وهي رئيسة الهيئة التمريضية، وهي لبنانية مسؤولة عن قطاع التمريض في تلك الايام، وتم قبولي بعد اعتماد الشهادة التي قدمتها وكان عملي في تاريخ 1/1/ 1957. وفاطمة العريس كانت إدارتها ممتازة وعندها إدارة جيدة ومن يتقدم للصحة تطلب شهادة وتطلع عليها وتعمل له امتحاناً انسانة فاهمة في عملها وانا حين قدمت أوراقي للصحة وكانت في تلك الأيام إدارة لم تكن وزارة دخلت على فاطمة العريس ورأت أوراقي التي معي ووافقت على تقديم طلبي، ثم عملت لي اختبارا وبعدها ألحقوني في دورة خاصة للتمريض.
وكان الشيخ صباح السالم هو مسؤول عن الصحة ثم الشيخ فهد السالم وكنت كثيراً ما أشاهد موكب الشيخ عبدالله المبارك.
الأول
كان أول مقر لعملي في التمريض في منطقة الجابرية ولم تكن الجابرية كمنطقة موجودة بل كل المكان صحراء مترامية فنحن كنا في خيَّم جعلت محجراً صحياً لعلاج الأمراض المعدية التي كان يطلق عليها الأمراض السارية فالمستشفى عبارة عن خيام.
ولنا سكن أيضا في هذه الخيام والماء كان يأتي لنا حيث مقر عملنا لكن يوضع في حب وهو الوعاء الذي يصنع من فخار أما راتبي فكان 700 روبية وعملي يبدأ من الساعة السابعة الى الثانية ظهرا وأقيم في السكن المعد لنا وكنا في الساعات التي ليس لنا عمل بها نذهب الى السوق او زيارات الاصدقاء والجابرية كانت فضاء وبيت الشيخ عبد الله المبارك قريب منا وكذلك قصر بيان قصر الشيخ أحمد الجابر وحولي ليس بعيدة عنا، لكن السيارات في تلك الايام لم تكن كثيرة.
السارية
لما كنا نعمل في مستشفى الامراض السارية كان مرض الجدري هو المرض الاكثر خطورة وكانت الصحة تكافح هذا المرض من خلال التطعيم الذي له حملات مكثفة وبصفة دورية حتى خف في الكويت وفي العالم، وهناك مرض آخر اسمه جدري الماء وهذا أخف من الجدري المرض المعدني ولايزال هناك كبار في السن اثر الجدري عليهم واضح... كان يعمل معنا الدكتور عباس عامر مصري الجنسية كان يعمل في نشاط وجد... وله محاضرات ارشادية طبية لنا نحن العاملين في مستشفى الامراض السارية الذي كان في الجابرية،
المدرسة
قضيت في مستشفى الجابرية نحو ثلاث سنوات ثم نقلت الى وحدة الصحة المدرسية سنة 1960 التي كانت في الشامية حيث مقرها الرئيسي وقد أجرت لنا دورة خاصة في كيفية تطعيم ومكافحة مرض السل وهذه الدورة كانت في مقر الصحة المدرسية ومن الدكاترة الذين كانوا مناط بهم إلقاء المحاضرات في هذه الدورة الدكتور أحمد عبدالعظيم ومعه دكتور آخر لا يحضرني اسمه والمدة التي انعقدت بها الدورة كانت ثلاثة أشهر فترة واحدة من الساعة السابعة الى الواحدة ظهراً.
وهذه الدورة هي أول دورة خاصة لمكافحة مرض السل وتطعيمه في المدارس أي خاصة بطلبة المدارس أي تابعة لإدارة الصحة المدرسية... وكل من أراد الالتحاق في المدارس من الطلبة لابد أن يأخذ حقنة تطعيم ضد السل لذلك كنا نخرج بشكل يومي لجميع مدارس الكويت فنحن الجهة المخولة في التطعيم لمنتسبي وزارة التربية من الطلبة ودورتنا هي دورة للتطعيم ضد الدرن وبلغت المدارس التي كنت أقوم بتطعيم طلابها 52 مدرسة في جميع أنحاء الكويت... كنت مسؤولا عن تطعيم الدرن.
الصحة
الصحة المدرسية كانت مخولة في الكشف الصحي للطلبة الذين يلتحقون في المدارس ونحن الفريق الطبي الذي انخرط في دورة تطعيم الدرن «السل»، اصبحنا نتولى تطعيم الطلبة من مرض الدرن في المدارس نفسها فخفضنا عليهم ضغط العمل حيث تكفلنا من هذه الناحية بدل من أن يأتي الطلبة الى الصحة المدرسية بأعداد كبيرة لا تستوعبهم ساعات العمل في الصحة المدرسية نحن نذهب حيث يتواجد الطلبة في المدارس فنحن وحدة صحية متنقلة وفي كل مدرسة طبيب يقوم بالكشف على الطلبة بعد أخذ التطعيم فنحن كل ثلاث سنوات نجري التطعيم مرة أخرى للطلبة.
الاختبار
كنا لما نزور المدارس نعمل اختبارا للطلبة من خلال اعطائهم ابرة «حقنة» خاصة لذلك فإذا وجدنا أنه بحاجة الى تطعيم أعطيناه ذلك فإذا وجدنا عنده أعراض المرض نعمل له اشاعة لتأكد أكثر فإذا اتضح أن عند الطالب مرض السل يحال الى الجهة المختصة... ونحن اختبارنا مدته 72 ساعة واذا لم يكن عند الطالب اي اعراض في هذه الحالة نقوم بإعطاء الحقنة المضادة للدرن حتى يكون عنده مناعة عن هذا المرض.
المسؤولية
التطعيم مسؤولية كبيرة جدا كانت على عاتقنا نحن الذين كنا في التطعيم المدرسي في ذلك الوقت فكنت احرص اشد الحرص على اتقان عملي ومراقبة الله في ذلك فمرض الدرن مرض خطير والناس الى هذا اليوم يعرفون خطر مرض السل وهؤلاء الاطفال الطلبة حينما يأخذون التطعيم ضد المرض من الصغر تصبح حياتهم في مأمن من خطر هذا المرض... مهنة التمريض هي مهنة انسانية في الدرجة الاولى ومن المهن النبيلة لأنها تتعلق في أرواح الناس وصحتهم.
الجولات
كان هناك تعاون كبير لإدارات المدارس معنا حينما نزورها فهي تهيئ لنا في المكان المخصص لإعطائهم التطعيم لم يكن لنا علاقة مع أولياء الأمور نحن مجال عملنا مع ادارة المدرسة، ونحن كنا نخرج ثلاثة ثلاثة فنحن تسعة ممرضين نقسم أنفسنا على المدارس على حسب الجدول الذي كنا نسير عليه، وكنا نذهب في سياراتنا الشخصية، وصل عدد المدارس التي كنت أذهب اليها الى 52 مدرسة موزعة في جميع أنحاء الكويت وفي جميع محافظاتها فنحن في الصحة المدرسية مسؤولون عن تطعيم مرض السل.
التوفير
مركز الصحة المدرسية الذي في الشامية هو من يقوم بتوفير لنا ما نحتاجه من ابر وضماد وكل شيء يتعلق في عملنا فهو الجهة المسؤولة عن ذلك، لقد قضيت مدة اكثر من 40 عاما وأنا في مجال عملي في الصحة المدرسية لكن كان يطلب منا العمل في الخفارة في المستوصفات هو تمريض عادي ليس له تعلق في عمل الصحة المدرسية وأنا كنت آخذ خفارتي في مستوصف السالمية لأنه بالقرب من سكني.
التغيير
خلال المدة الطويلة التي قضيتها في مجال مكافحة الدرن تغير وضع الوعي الصحي لدى الناس فأصبح هم من يأتي لأجل أخذ التطعيم لأولادهم وكذلك صار عندهم دراية ومعرفة بخطر السل.
التجارة
كان عندي فرصة من حيث وفرة الوقت فعملي كان في فترة الصبح وهذا الامر جعل عندي مساحة للعمل في مجال آخر وهو التجارة وقد أسست محلا في سوق واجف لبيع الملابس وأخذت استورد البضائع من الخارج من تايلند والصين وغيرهما... ويتطلب الامر سفري فأسافر الى تايلند وسنغافورة وأجلب منهما البضائع.
«واجف»
سوق واجف كان قريباً من سوق الحريم ثم توسعت الأسواق والأمان كان علامة بارزة في الكويت في تلك الأيام حين يأتي وقت الصلاة يذهب البائع الى المسجد لا يغلق المحل بل يضع قماشاً على البضاعة ويذهب ويصلي ويعود والبضاعة في مكانها وعليها القماش ولم يحدث لها شيء أمان كبير لم نكن نسمع عن حوادث السرقة... كان الصدق بين الناس والكلمة يلتزم بها وكل شيء رخيص كان بيع السمك بالكود ومتوافراً ورخيصاً، وكان البرد في الكويت شديد عندما تهب «الشمال» برد قارس جداً.
الوسائل
كان الماء في الكويت يأتون به من الشط ووسائل نقله هي الحمير وتجمع الباعة في الصفاة وسنة 1954 حينما قدمت للبلاد لم يكن موجودا إلا الشارع الجديد ... والأرض وقت الربيع كله خضراء بعد السور ترى أنواع النباتات بها وبوابات السور أذكر منها الشامية والجهراء والشعب والسور كان مبنيا من الطين وبعد هدم السور توسعت البلاد وكثر العمران... وأنا تعلمت قيادة السيارة سنة 1958 عند معلم لبناني اسمه علي زريق وهو يعمل في مكتب لتعليم قيادة السيارات وحين انهيت تعليمي قدمت اختبار القيادة وكان أمراً فيه اريحية أما أول سيارة اشتريتها كانت «فولكس ويجن» ألمانية الصنع سيارة صغيرة وقد اشتريتها مستعملة بقيمة «1200 روبية».
الشهادات
عندي شهادات كثير وتكريم من وزارة الصحة والحمد لله سجلي ناصع في عملي وفي وقت الغزو رفضت العمل ولا اقبل اعمل في هذه الأوضاع وجلست 7 أشهر ولم تقبل نفسي أن أعمل.
التمريض مهنة سامية، ألحقت بها الصحة المدرسية التي كانت مسؤولية عن وقاية الطلبة حين التحاقهم في المدارس، ضيفنا اليوم محمد بعلبكي أحد كوادر الصحة المدرسية، يحدثنا عن بدايته مع هذه المهنة ثم يتطرق الى الصحة المدرسية والدورة التي التحق بها وما هي الأمراض التي كانوا يحرصون على تطعيم الطلبة منها؟ أحاديث شيقة وممتعة نقضيها مع ضيف حديث الذكريات فلنترك له ذلك.
انا تعلمت التمريض في بلدي لبنان كان يأتي طبيب زائر «اسمه سبردون حوراني» إلى بلدنا اي القرية «عديسة» التي اقيم بها فنحن عندنا سوق كل يوم اربعاء فهو يأتي في هذا اليوم ويعالج المرضى في هذا اليوم الذي هو اجتماع للناس كل اربعاء ... سوق يضم كثيرا من الناس ويجلس الدكتور والذي يشتكي مرضا ما يعرض نفسه على الدكتور «طبيب» فيشخص حالته ويصرف له الدواء فعيادة هذا الطبيب في هذا السوق وانا كنت متوقفا عن الدراسة حيث انني درست المتوسطة ولم اواصل تعليمي؟ فلابد لي من ممارسة نشاط بدل الدراسة لذلك التحقت في العمل مع هذا الطبيب الزائر لنا كل اسبوع في سوق الاربعاء في بلدنا... وقريتنا قرية زراعية وبها نبع ماء عذب من رب العالمين ولا يزال يتدفق إلى يومنا هذا فبلدنا من القرى القريبة من فلسطين.
الدوام
الطبيب الذي تعلمت عنده كان يبدأ عمله من السابعة إلى الثانية بعد الظهر وانا اكون ملازما معه فتعلمت مهنة ومزاولة التمريض منه وقد استمررت معه مدة سنتين لاني عندي رغبة حب لتعلم هذه المهنة الشريفة وقد استغرق مني تعلمها ما يقارب سنتين والذي يرغب في التعلم وعنده دافع وحب التعلم لاتقف امامه الصعوبات وانا كنت احب هذه المهنة الشريفة النبيلة لذلك تعلمتها في المدة التي قضيتها مع الدكتور.
البداية
بادئ ذي بدء، اخذت اتعلم كيفية اعطاء المريض الحقن اي الابر وطريقة عمل الضماد للمجروح أو من احتاج لذلك وضماد له بطريقة صحية سليمة.
الاشمر
كان لنا صديق كبير في السن اسمه حسن اشمر قد سبقنا في المجيء للكويت وهذا كان ابنه من جيله اي مقارب لي في السن وقد درس معي حينما كنت في المدرسة وقد لحق في ابيه حينما جاء للكويت وكلاهما عمل في الصحة في الكويت وهذا الامر كان دافعا لمجيئي للكويت حيث حسمت امري واخذت شهادة من الطبيب الذي عملت معه تلك الفترة وهذه الشهادة تفيد حصولي الخبرة الكافية في عمل التمريض.
المجيء
انا قدومي للكويت كان عن طريق البر طريق لبنان إلى تركيا في القطار ومن تركيا استقليت القطار الموصل إلى البصرة ومن البصرة ركبنا سيارة كانت جوانبها خشبية وقد نزلت حين وصولي في ساحة الصفاة ولم اكن اعرف عنوان صاحبي وكان ذلك في سنة 1954، والبوابة التي دخلت منها إلى الكويت كانت دروازة الجهراء لان الكويت في تلك الايام كانت محاطة بسور له بوابات يطلق عليها دروازات كانت ساحة الصفاة بها مواقف للسيارات ... ذهبت إلى مطعم اسمه «الاوتماتيك» وعملت به فترة وكان موقعه في الشارع الجديد السكن به متوافر والاكل والشرب وكان بمثابة استراحة لي حتى هيأت نفسي للعمل في تخصصي في الصحة وفعلا هذا ما حصل قدمت اوراقي إلى قسم التمريض في ادارة الصحة، لم تكن في تلك الايام وزارة.
فاطمة
الذي وجهني إلى محل تقديم وظيفة ممرض هو صاحبي الذي سبقني في العمل في الصحة فهو من ارشدني وكان مكان تقديم الاوراق والمقابلة الشخصية في مستشفى الاميري حيث مكتب رئيسة التمريض فاطمة العريس وهي رئيسة الهيئة التمريضية، وهي لبنانية مسؤولة عن قطاع التمريض في تلك الايام، وتم قبولي بعد اعتماد الشهادة التي قدمتها وكان عملي في تاريخ 1/1/ 1957. وفاطمة العريس كانت إدارتها ممتازة وعندها إدارة جيدة ومن يتقدم للصحة تطلب شهادة وتطلع عليها وتعمل له امتحاناً انسانة فاهمة في عملها وانا حين قدمت أوراقي للصحة وكانت في تلك الأيام إدارة لم تكن وزارة دخلت على فاطمة العريس ورأت أوراقي التي معي ووافقت على تقديم طلبي، ثم عملت لي اختبارا وبعدها ألحقوني في دورة خاصة للتمريض.
وكان الشيخ صباح السالم هو مسؤول عن الصحة ثم الشيخ فهد السالم وكنت كثيراً ما أشاهد موكب الشيخ عبدالله المبارك.
الأول
كان أول مقر لعملي في التمريض في منطقة الجابرية ولم تكن الجابرية كمنطقة موجودة بل كل المكان صحراء مترامية فنحن كنا في خيَّم جعلت محجراً صحياً لعلاج الأمراض المعدية التي كان يطلق عليها الأمراض السارية فالمستشفى عبارة عن خيام.
ولنا سكن أيضا في هذه الخيام والماء كان يأتي لنا حيث مقر عملنا لكن يوضع في حب وهو الوعاء الذي يصنع من فخار أما راتبي فكان 700 روبية وعملي يبدأ من الساعة السابعة الى الثانية ظهرا وأقيم في السكن المعد لنا وكنا في الساعات التي ليس لنا عمل بها نذهب الى السوق او زيارات الاصدقاء والجابرية كانت فضاء وبيت الشيخ عبد الله المبارك قريب منا وكذلك قصر بيان قصر الشيخ أحمد الجابر وحولي ليس بعيدة عنا، لكن السيارات في تلك الايام لم تكن كثيرة.
السارية
لما كنا نعمل في مستشفى الامراض السارية كان مرض الجدري هو المرض الاكثر خطورة وكانت الصحة تكافح هذا المرض من خلال التطعيم الذي له حملات مكثفة وبصفة دورية حتى خف في الكويت وفي العالم، وهناك مرض آخر اسمه جدري الماء وهذا أخف من الجدري المرض المعدني ولايزال هناك كبار في السن اثر الجدري عليهم واضح... كان يعمل معنا الدكتور عباس عامر مصري الجنسية كان يعمل في نشاط وجد... وله محاضرات ارشادية طبية لنا نحن العاملين في مستشفى الامراض السارية الذي كان في الجابرية،
المدرسة
قضيت في مستشفى الجابرية نحو ثلاث سنوات ثم نقلت الى وحدة الصحة المدرسية سنة 1960 التي كانت في الشامية حيث مقرها الرئيسي وقد أجرت لنا دورة خاصة في كيفية تطعيم ومكافحة مرض السل وهذه الدورة كانت في مقر الصحة المدرسية ومن الدكاترة الذين كانوا مناط بهم إلقاء المحاضرات في هذه الدورة الدكتور أحمد عبدالعظيم ومعه دكتور آخر لا يحضرني اسمه والمدة التي انعقدت بها الدورة كانت ثلاثة أشهر فترة واحدة من الساعة السابعة الى الواحدة ظهراً.
وهذه الدورة هي أول دورة خاصة لمكافحة مرض السل وتطعيمه في المدارس أي خاصة بطلبة المدارس أي تابعة لإدارة الصحة المدرسية... وكل من أراد الالتحاق في المدارس من الطلبة لابد أن يأخذ حقنة تطعيم ضد السل لذلك كنا نخرج بشكل يومي لجميع مدارس الكويت فنحن الجهة المخولة في التطعيم لمنتسبي وزارة التربية من الطلبة ودورتنا هي دورة للتطعيم ضد الدرن وبلغت المدارس التي كنت أقوم بتطعيم طلابها 52 مدرسة في جميع أنحاء الكويت... كنت مسؤولا عن تطعيم الدرن.
الصحة
الصحة المدرسية كانت مخولة في الكشف الصحي للطلبة الذين يلتحقون في المدارس ونحن الفريق الطبي الذي انخرط في دورة تطعيم الدرن «السل»، اصبحنا نتولى تطعيم الطلبة من مرض الدرن في المدارس نفسها فخفضنا عليهم ضغط العمل حيث تكفلنا من هذه الناحية بدل من أن يأتي الطلبة الى الصحة المدرسية بأعداد كبيرة لا تستوعبهم ساعات العمل في الصحة المدرسية نحن نذهب حيث يتواجد الطلبة في المدارس فنحن وحدة صحية متنقلة وفي كل مدرسة طبيب يقوم بالكشف على الطلبة بعد أخذ التطعيم فنحن كل ثلاث سنوات نجري التطعيم مرة أخرى للطلبة.
الاختبار
كنا لما نزور المدارس نعمل اختبارا للطلبة من خلال اعطائهم ابرة «حقنة» خاصة لذلك فإذا وجدنا أنه بحاجة الى تطعيم أعطيناه ذلك فإذا وجدنا عنده أعراض المرض نعمل له اشاعة لتأكد أكثر فإذا اتضح أن عند الطالب مرض السل يحال الى الجهة المختصة... ونحن اختبارنا مدته 72 ساعة واذا لم يكن عند الطالب اي اعراض في هذه الحالة نقوم بإعطاء الحقنة المضادة للدرن حتى يكون عنده مناعة عن هذا المرض.
المسؤولية
التطعيم مسؤولية كبيرة جدا كانت على عاتقنا نحن الذين كنا في التطعيم المدرسي في ذلك الوقت فكنت احرص اشد الحرص على اتقان عملي ومراقبة الله في ذلك فمرض الدرن مرض خطير والناس الى هذا اليوم يعرفون خطر مرض السل وهؤلاء الاطفال الطلبة حينما يأخذون التطعيم ضد المرض من الصغر تصبح حياتهم في مأمن من خطر هذا المرض... مهنة التمريض هي مهنة انسانية في الدرجة الاولى ومن المهن النبيلة لأنها تتعلق في أرواح الناس وصحتهم.
الجولات
كان هناك تعاون كبير لإدارات المدارس معنا حينما نزورها فهي تهيئ لنا في المكان المخصص لإعطائهم التطعيم لم يكن لنا علاقة مع أولياء الأمور نحن مجال عملنا مع ادارة المدرسة، ونحن كنا نخرج ثلاثة ثلاثة فنحن تسعة ممرضين نقسم أنفسنا على المدارس على حسب الجدول الذي كنا نسير عليه، وكنا نذهب في سياراتنا الشخصية، وصل عدد المدارس التي كنت أذهب اليها الى 52 مدرسة موزعة في جميع أنحاء الكويت وفي جميع محافظاتها فنحن في الصحة المدرسية مسؤولون عن تطعيم مرض السل.
التوفير
مركز الصحة المدرسية الذي في الشامية هو من يقوم بتوفير لنا ما نحتاجه من ابر وضماد وكل شيء يتعلق في عملنا فهو الجهة المسؤولة عن ذلك، لقد قضيت مدة اكثر من 40 عاما وأنا في مجال عملي في الصحة المدرسية لكن كان يطلب منا العمل في الخفارة في المستوصفات هو تمريض عادي ليس له تعلق في عمل الصحة المدرسية وأنا كنت آخذ خفارتي في مستوصف السالمية لأنه بالقرب من سكني.
التغيير
خلال المدة الطويلة التي قضيتها في مجال مكافحة الدرن تغير وضع الوعي الصحي لدى الناس فأصبح هم من يأتي لأجل أخذ التطعيم لأولادهم وكذلك صار عندهم دراية ومعرفة بخطر السل.
التجارة
كان عندي فرصة من حيث وفرة الوقت فعملي كان في فترة الصبح وهذا الامر جعل عندي مساحة للعمل في مجال آخر وهو التجارة وقد أسست محلا في سوق واجف لبيع الملابس وأخذت استورد البضائع من الخارج من تايلند والصين وغيرهما... ويتطلب الامر سفري فأسافر الى تايلند وسنغافورة وأجلب منهما البضائع.
«واجف»
سوق واجف كان قريباً من سوق الحريم ثم توسعت الأسواق والأمان كان علامة بارزة في الكويت في تلك الأيام حين يأتي وقت الصلاة يذهب البائع الى المسجد لا يغلق المحل بل يضع قماشاً على البضاعة ويذهب ويصلي ويعود والبضاعة في مكانها وعليها القماش ولم يحدث لها شيء أمان كبير لم نكن نسمع عن حوادث السرقة... كان الصدق بين الناس والكلمة يلتزم بها وكل شيء رخيص كان بيع السمك بالكود ومتوافراً ورخيصاً، وكان البرد في الكويت شديد عندما تهب «الشمال» برد قارس جداً.
الوسائل
كان الماء في الكويت يأتون به من الشط ووسائل نقله هي الحمير وتجمع الباعة في الصفاة وسنة 1954 حينما قدمت للبلاد لم يكن موجودا إلا الشارع الجديد ... والأرض وقت الربيع كله خضراء بعد السور ترى أنواع النباتات بها وبوابات السور أذكر منها الشامية والجهراء والشعب والسور كان مبنيا من الطين وبعد هدم السور توسعت البلاد وكثر العمران... وأنا تعلمت قيادة السيارة سنة 1958 عند معلم لبناني اسمه علي زريق وهو يعمل في مكتب لتعليم قيادة السيارات وحين انهيت تعليمي قدمت اختبار القيادة وكان أمراً فيه اريحية أما أول سيارة اشتريتها كانت «فولكس ويجن» ألمانية الصنع سيارة صغيرة وقد اشتريتها مستعملة بقيمة «1200 روبية».
الشهادات
عندي شهادات كثير وتكريم من وزارة الصحة والحمد لله سجلي ناصع في عملي وفي وقت الغزو رفضت العمل ولا اقبل اعمل في هذه الأوضاع وجلست 7 أشهر ولم تقبل نفسي أن أعمل.