| فهد توفيق الهندال |
في نشاط أدبي مغاير، نظمت اللجنة الثقافية برابطة الأدباء في الكويت أمسية أدبية تنوعت أصوات المشاركين فيها ما بين شعر، نثر، سرد، موسيقى وفن تشكيلي اجتمعوا في حب الوطن. واللافت في الفكرة الجديدة هو تجسيد ذلك الشعور الموّحد بين المواطن والمقيم والوافد في حب الأرض التي يحتضن عبيرها ويعشق أريج نسيمها، لقد كانت أمسية أدبية بامتياز لمعت فيها نجوم شابة: عبد الناصر الأسلمي، نجدي عبدالستار، حميدي حمود، نورا بوغيث وفجـر الخليفة، مع اطلالة فنية أصيلة بريشة الفنانين القديرين سعود الفرج وعبدالحميد الخليفي ومشاركة فوتوغرافية مذهلة للفنان محمد السالم، يصاحبهم جميعا تناغم موسيقي جميل لبدر بوغيث مع تقديم مميز جدا لفهد الرويشد. دون أن أنسى الجمهور الذي برغم قلته، إلا أن المكان لم يتسع لتشجيعه واحتفائه بهذه الأصوات والأمسية ولحماسه وتفاعله معها. وهذا إن دل، فإنما على عطش الجمهور المتابـع للأنشطة الثقافية والأدبية لمثل هذه الأفكار المبتكرة وإن تواضعت وسائلها، فالفكرة الناجحة تصل للقلب والعقل أسرع من التي تلجمها بروتوكولات ومراسيم الرسميات والأفكار الجامدة أو المكررة مللا!
فالابداع فضاء لا يحده سقف ولا جفاف حقل ولا جمود عقل، بل هو شعور متوقد بالحرية ومحلق بالطموح ومسلح بالرغبة الجادة للتغيير الإيجابي في ذهنية المتلقي بعيدا عن منصات الخطب الانفعالية والمعاني الفارغة والنخب المخدوعة برؤاها الرمادية!
في مشاركاتي المختلفة في الملتقيات والندوات الثقافية غالبا ما أفاجأ بأصوات جديدة تبحث عن طريقها بنفسها، لا تنتظر وصاية أو حضانة معينة، بل الفرصة في أن تواجه المجتمع بكل ثقافاته وكياناته، تواجهه بإبداعها وفكرها ليزيد بارقة الأمل مساحة في الارتقاء به كمجتمع إنساني واحد.
ودورنا ككتاب مهتمين بهذا الإبداع الشبابي أن نبحث عنهم ونقتفي أثرهم ونكون صادقين مع نتاجهم بالكلمة النصيحة والدعم غير المشروط دون أن نفرض جميلا أو نمنح رأيا نمن فيه عليهم، فواجبنا كنقاد - يبدأ مع قراءة نصوصهم وينتهي دورنا بعد إبداء الرأي فيها، وإلا صرنا آباء جدداً في برج الوصاية العاجي وننظر للبقية كالقطيع. فليخرس لسانه ويكسر قلمه كل من يظن أن النقد منحة غالية الثمن ينتظر سداد قيمتها عاجلا أو آجلا!
فاصلة أخيرة
وسط هذا الاحتفاء الأدبي والثقافي والاجتماعي بالوطن، لم أجد احتفاء موازيا لمن يظنون أنفسهم نخبا سياسية في فرحة الوطن واعياده التي تقاسمت في فبراير بين يومي العيد الوطني والتحرير، فبقدر امتلاء المكان بصخبهم السياسي لم تقل وتيرتها في الأيام الماضية بل زادوا تشكيكا بأهمية الوطن ومؤسساته وضرب كل مفاهيم الدولة والدستور، فلا يزالون ضحايا غلو الأنا والتعالي على عقول الآخرين والتناقض المستمر في مراهقتهم الانفعالية ومحاولة فرض وصايتهم على الجيل الجديد، ليزدادوا اغترابا وسط مجتمعهم!
والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
[email protected]