د. وليد التنيب / قبل الجراحة / حكيم الكلاب
| بقلم الدكتور وليد التنيب |
عندما يذكر الحيوان وإخلاصه ووفاؤه للإنسان، فأول ما يخطر في باله هو الكلب.
الكلب عُرِف بإخلاصه وحبه لصاحبه... وعُرِف أيضاً بتضحياته من أجل صاحبه.
هناك قصص كثيرة تُروى للجميع وتحكي كيف ضحّت الكلاب بحياتها من أجل انقاذ صاحبها.
والكلب أيضاً اشتهر بالحراسة والمحافظة على أملاك صاحبه وعدم التفريط بما يملك صاحبه حتى وإن كلفه ذلك روحه...
بعض الكلاب استُخدِم للصيد وأثبت أنه يستحق الثقة.
إذاً اسمع قصة جاسم والكلاب واتّعظ... فقد كانت بها حكمة أرجو أن يستوعبها الجميع.
كان جاسم مزارعاً ورث عن والده الأراضي الزراعية الشاسعة والمترامية الأطراف.
بدأ والد جاسم حياته كعامل بسيط في إحدى القرى... واستطاع بإخلاصه واجتهاده أن يكوّن ثروة بسيطة.
قرر بعدها أن يكون من أصحاب الأراضي الزراعية...
عمل بكل جد وإخلاص في أرضه واستعان بالكلاب بدلاً من البشر لمساعدته في أعماله الزراعية.
كانت الكلاب هي التي تقوم بجميع الأعمال التي تحتاجها المزرعة...
كانت الكلاب هي من تقوم بالحرث والتسميد...
ومن ثم البذر والسقي والعناية بالزرع والمزرعة... حتى إن قطف الثمار كانت تقوم به الكلاب.
الكلاب تقوم بكل ما ذُكر وتحرس الأرض بكل إخلاص.
ازدادت ثروة أبو جاسم بفضل إخلاص الكلاب للمكان الذي تعيش فيه... والحق يقال إن أبو جاسم كان كريماً مع كلابه. وأكثر من ذلك، إذ كان مستمعاً جيداً لنصائح كلابه، فهو يعرف مقدار حبها وإخلاصها له.
توسعت المزرعة بأعمال وأفكار الكلاب وأصبح لبقية الحيوانات مكان في المزرعة بسبب اقتراحات وأفكار الكلاب...
مات أبو جاسم وترك كل ذلك وثروة كبيرة من الأموال لولده جاسم.
بعد وفاة أبو جاسم، اجتمعت الكلاب بجاسم لتشرح له أوضاع المزرعة وطريقة إدارتها وكيفية المحافظة على ثروته وتنميتها.
استمع جاسم إلى الكلاب وأظهر لها بأنه سائر على درب أبيه من الجد والاجتهاد والإخلاص في العمل...
ولكنه في قرارة نفسه كان يعتقد أن المزرعة بحاجة إلى تطوير أكثر وأن أباه فاته الكثير من التطوير والكسب السريع.
بعد أسبوع من موت أبيه، اجتمع جاسم مع الكلاب ليخبرها بأول قراراته...
قرّر أن يستعين بالثعابين لمساعدته ومساعدة الكلاب في أعمال المزرعة.
حاولت الكلاب أن تشرح لجاسم أخطاء ومساوئ هذا القرار...
وزادت الكلاب بالشرح عن مخاطر الثعابين وانعدام إخلاصها وعدم القدرة على الثقة بها.
ولكن كلام وشرح الكلاب لم يثنِ جاسم عن فكرته بالاستعانة بالثعابين... أقنع جاسم نفسه بأن الكلاب لا ترغب في الثعابين خوفاً على مكانتها في المزرعة!
فعلاً استعان جاسم بالثعابين لمساعدته في أعمال المزرعة.
بعد أيام من دخول الثعابين المزرعة بدأت أعداد الفراخ تتناقص بسرعة تهدد مستقبل الدجاج في المزرعة... تنبّهت الكلاب لهذه الحادثة وطلبت عقد اجتماع مغلق مع جاسم من دون حضور الثعابين أو من يمثلها...
أحضرت الكلاب كل الدلائل التي تؤكد أن هذا التناقص بأعداد الفراخ بسبب دخول الثعابين المزرعة وأن هذا التناقص لم يحدث أبداً في عهد أبو جاسم أبداً، لكن رد جاسم كان غريباً جداً...
جاسم يعتقد أن الكلاب لا تقوم بأعمالها بإخلاص، خصوصاً الحراسة حول المزرعة وأن الثعالب هي ما تقوم بالسرقة...
وقف حكيم الكلاب وقال جملة واحدة تمنّى أن يكون جاسم استوعبها... قال «إنها الجبهة الداخلية يا جاسم» وسكت، فقد عُرِف عن حكيم الكلاب قلة الكلام.
بعد حادثة الفراخ واجتماع الكلاب مع جاسم بأيام قليلة وجد عدد من أولاد الكلاب الصغار ميتاً.... حققت الكلاب بالأمر وعرفت السبب.
اجتمعت الكلاب مرة أخرى بجاسم، ولكنه لم يقتنع أيضاً بوجهة نظرها وإن دعمت موقفها بكثير من الدلائل... ولم يستمع جاسم لصوت من أخلص له وأحبّه.
قررت الكلاب ترك المزرعة... وقال حكيم الكلاب لها إن سبب ترك المزرعة هو افتقاد الأمن الداخلي...
فالكلاب قادرة على حراسة الحدود الخارجية للمزرعة وقادرة على منع أي كان من دخول المزرعة، ولكن الأمن الداخلي مفقود.
فعلاً تركت الكلاب المزرعة ورحلت إلى مكان تجد فيه الأمان... فالأمن الداخلي للكلاب أهم من الأكل.
بعد أسبوع قرر عدد من الكلاب زيارة جاسم وفاء منها لوالده.
كان الزرع قد بدأ يموت في المزرعة بسبب سوء الرعاية والعناية.
وكان جاسم في الفراش يحتضر منتظراً الموت الأكيد بعد أن لدغه ثعبان...
قال جاسم وهو على فراش الموت «يا ليتني استوعبت قول حكيمكم عندما قال لي إنها الجبهة الداخلية لمزرعتي... إنها الجبهة الداخلية التي يجب أن أؤمّنها».
بعدها أسلم روحه لبارئها وهنا أتى زعيم الثعابين ووقف أمام الجميع ورفع حاجبه باستهزاء ثم ابتسم ابتسامة تدل على السخرية وقال «أصبحت المزرعة الآن للثعابين»...
ونظر حكيم الكلاب لجثة جاسم وردد قائلاً «هذا مصير من يأمن لثعبان»!...
هذا مصير من يأمن لثعبان، حكمة قالها حكيم الكلاب وما زال كل من يطبّقها يعيش بأمن وأمان...
عندما يذكر الحيوان وإخلاصه ووفاؤه للإنسان، فأول ما يخطر في باله هو الكلب.
الكلب عُرِف بإخلاصه وحبه لصاحبه... وعُرِف أيضاً بتضحياته من أجل صاحبه.
هناك قصص كثيرة تُروى للجميع وتحكي كيف ضحّت الكلاب بحياتها من أجل انقاذ صاحبها.
والكلب أيضاً اشتهر بالحراسة والمحافظة على أملاك صاحبه وعدم التفريط بما يملك صاحبه حتى وإن كلفه ذلك روحه...
بعض الكلاب استُخدِم للصيد وأثبت أنه يستحق الثقة.
إذاً اسمع قصة جاسم والكلاب واتّعظ... فقد كانت بها حكمة أرجو أن يستوعبها الجميع.
كان جاسم مزارعاً ورث عن والده الأراضي الزراعية الشاسعة والمترامية الأطراف.
بدأ والد جاسم حياته كعامل بسيط في إحدى القرى... واستطاع بإخلاصه واجتهاده أن يكوّن ثروة بسيطة.
قرر بعدها أن يكون من أصحاب الأراضي الزراعية...
عمل بكل جد وإخلاص في أرضه واستعان بالكلاب بدلاً من البشر لمساعدته في أعماله الزراعية.
كانت الكلاب هي التي تقوم بجميع الأعمال التي تحتاجها المزرعة...
كانت الكلاب هي من تقوم بالحرث والتسميد...
ومن ثم البذر والسقي والعناية بالزرع والمزرعة... حتى إن قطف الثمار كانت تقوم به الكلاب.
الكلاب تقوم بكل ما ذُكر وتحرس الأرض بكل إخلاص.
ازدادت ثروة أبو جاسم بفضل إخلاص الكلاب للمكان الذي تعيش فيه... والحق يقال إن أبو جاسم كان كريماً مع كلابه. وأكثر من ذلك، إذ كان مستمعاً جيداً لنصائح كلابه، فهو يعرف مقدار حبها وإخلاصها له.
توسعت المزرعة بأعمال وأفكار الكلاب وأصبح لبقية الحيوانات مكان في المزرعة بسبب اقتراحات وأفكار الكلاب...
مات أبو جاسم وترك كل ذلك وثروة كبيرة من الأموال لولده جاسم.
بعد وفاة أبو جاسم، اجتمعت الكلاب بجاسم لتشرح له أوضاع المزرعة وطريقة إدارتها وكيفية المحافظة على ثروته وتنميتها.
استمع جاسم إلى الكلاب وأظهر لها بأنه سائر على درب أبيه من الجد والاجتهاد والإخلاص في العمل...
ولكنه في قرارة نفسه كان يعتقد أن المزرعة بحاجة إلى تطوير أكثر وأن أباه فاته الكثير من التطوير والكسب السريع.
بعد أسبوع من موت أبيه، اجتمع جاسم مع الكلاب ليخبرها بأول قراراته...
قرّر أن يستعين بالثعابين لمساعدته ومساعدة الكلاب في أعمال المزرعة.
حاولت الكلاب أن تشرح لجاسم أخطاء ومساوئ هذا القرار...
وزادت الكلاب بالشرح عن مخاطر الثعابين وانعدام إخلاصها وعدم القدرة على الثقة بها.
ولكن كلام وشرح الكلاب لم يثنِ جاسم عن فكرته بالاستعانة بالثعابين... أقنع جاسم نفسه بأن الكلاب لا ترغب في الثعابين خوفاً على مكانتها في المزرعة!
فعلاً استعان جاسم بالثعابين لمساعدته في أعمال المزرعة.
بعد أيام من دخول الثعابين المزرعة بدأت أعداد الفراخ تتناقص بسرعة تهدد مستقبل الدجاج في المزرعة... تنبّهت الكلاب لهذه الحادثة وطلبت عقد اجتماع مغلق مع جاسم من دون حضور الثعابين أو من يمثلها...
أحضرت الكلاب كل الدلائل التي تؤكد أن هذا التناقص بأعداد الفراخ بسبب دخول الثعابين المزرعة وأن هذا التناقص لم يحدث أبداً في عهد أبو جاسم أبداً، لكن رد جاسم كان غريباً جداً...
جاسم يعتقد أن الكلاب لا تقوم بأعمالها بإخلاص، خصوصاً الحراسة حول المزرعة وأن الثعالب هي ما تقوم بالسرقة...
وقف حكيم الكلاب وقال جملة واحدة تمنّى أن يكون جاسم استوعبها... قال «إنها الجبهة الداخلية يا جاسم» وسكت، فقد عُرِف عن حكيم الكلاب قلة الكلام.
بعد حادثة الفراخ واجتماع الكلاب مع جاسم بأيام قليلة وجد عدد من أولاد الكلاب الصغار ميتاً.... حققت الكلاب بالأمر وعرفت السبب.
اجتمعت الكلاب مرة أخرى بجاسم، ولكنه لم يقتنع أيضاً بوجهة نظرها وإن دعمت موقفها بكثير من الدلائل... ولم يستمع جاسم لصوت من أخلص له وأحبّه.
قررت الكلاب ترك المزرعة... وقال حكيم الكلاب لها إن سبب ترك المزرعة هو افتقاد الأمن الداخلي...
فالكلاب قادرة على حراسة الحدود الخارجية للمزرعة وقادرة على منع أي كان من دخول المزرعة، ولكن الأمن الداخلي مفقود.
فعلاً تركت الكلاب المزرعة ورحلت إلى مكان تجد فيه الأمان... فالأمن الداخلي للكلاب أهم من الأكل.
بعد أسبوع قرر عدد من الكلاب زيارة جاسم وفاء منها لوالده.
كان الزرع قد بدأ يموت في المزرعة بسبب سوء الرعاية والعناية.
وكان جاسم في الفراش يحتضر منتظراً الموت الأكيد بعد أن لدغه ثعبان...
قال جاسم وهو على فراش الموت «يا ليتني استوعبت قول حكيمكم عندما قال لي إنها الجبهة الداخلية لمزرعتي... إنها الجبهة الداخلية التي يجب أن أؤمّنها».
بعدها أسلم روحه لبارئها وهنا أتى زعيم الثعابين ووقف أمام الجميع ورفع حاجبه باستهزاء ثم ابتسم ابتسامة تدل على السخرية وقال «أصبحت المزرعة الآن للثعابين»...
ونظر حكيم الكلاب لجثة جاسم وردد قائلاً «هذا مصير من يأمن لثعبان»!...
هذا مصير من يأمن لثعبان، حكمة قالها حكيم الكلاب وما زال كل من يطبّقها يعيش بأمن وأمان...
