| بقلم الدكتور وليد التنيب |
هل فكرت من قبل أو الآن أو هل خطر في بالك من المسؤول عن النظام؟
أو من المسؤول عن تنبيهك أنك مخطئ ويجب أن تطبق النظام؟
أو أن هذا الشخص قد يوقع عليك عقوبة بسبب عدم اتباعك للنظام؟
هل أنت معجب بحال البلد والنظام المطبق، أعني تطبيق النظام؟
إن احترام حقوق الآخرين موضوع تكلم به الجميع وناقشه معظم الكتّاب لمرة أو لمرات عديدة.
موضوع نوقش في البرامج التلفزيونية والإذاعية.
نوقش الموضوع وشبع نقاشاً حتى أصابته التخمة وما زال الشعب لا يحترم القانون ولا يحترم حقوق الآخرين...
الكبير والصغير
المواطن والوافد
المرأة والرجل
المثقف والجاهل
السيد والخادم
معظم من ذكرت لا يحترم القانون أو لا يحترم حقوق الآخرين في هذا البلد...
ولكن خارج البلد - كما تصلنا أخبارهم وتصلكم أيضاً - فهم من أفضل من يحترم القانون ويعطي الآخرين حقوقهم. وإن كنت أشك بذلك، ولكن هذه هي الأخبار التي تصل!
أردت أن أجري تجربة: لماذا نحن لا نحترم القانون ولماذا نحترمه؟
قررت أن أذهب إلى مطعم المأكولات السريعة في الجمعية، وللعلم فهي جمعية من جمعيات المناطق الداخلية الشهيرة...
وقفت أمام هذا المطعم المتخصص بالمأكولات الهندية.
كان دوري الثالث، وأمامي مواطن وبعده وافد
وأتى بعدي مواطن شاب لم يحترم الدور... لم أتدخل بالموضوع، فهي تجربة وتركت الأمور تسير...
لم يحترم هذا الشاب الدور وذهب أمام الدور وطلب ما يريد.
للغرابة، أن الشخص المسؤول عن البيع في المطعم كان يعلم من أتى أولاً، ولكن بنظرة تدل على عدم الاكتراث أو «الاستعباط»، أعطى هذا الشاب ما يريد!
بعدها أتى وافد من جنسية البائع نفسها، وللأسف اعطاه ما يريد من دون أي احترام للدور...
بدأت أفقد أعصابي، ولكن يجب أن أتحمل، فهي تجربة ويجب أن أعرف النهاية لهذه التجربة المذلة...
بدأت أنظر داخل المحل لعلي أجد مسؤولاً...
فعلاً كان هناك رجل جالس تدل هيئته على الوقار والاحترام...
نظرت إليه لأرى رد فعله فقد رأى ما حصل مثلي...
ولكنه تمتم بكلمات للعمال الذين يعملون معه...
اعتقدت أنه طلب منهم تنظيم الدور واحترام الزبائن...
ولكن أحد العمال ذهب وأتى بالشاي لهذا المسؤول!
بقينا نحن الثلاثة وأتى شخص و قف رابعاً
هنا أتى رجل الأمن في الجمعية، وقلت لنفسي فُرجت، فهذا رجل الأمن وسيحفظ حقي ودوري والآخرين.
وللأسف، مرة أخرى قام رجل الأمن بتجاوز الدور وأخذ ما يريد من البائع ولم يحترم أحداً...
في هذه اللحظة حضر رجل أمن ثان... يبدو أنه وقت الأكل لرجال الأمن.
رجل الأمن الثاني كان على خلق.
بدأ بالسؤال من أين يبدأ الدور وأخذ يتصرف كأنه ينظّم الوضع وذهب بعدها للشباك وطلب من البائع ما يريد وأخذه وذهب وتركني مع تجربتي!
هنا تحرك الرجل الوقور في الداخل، أو قل المسؤول من مكانه... يبدو أنه هذه المرة سينظم الدور ويطبق القانون بنفسه...
ولكنه ترك المحل ورحل من الباب الخلفي للمطعم!
أخيراً تحرك الدور وأصبحت الثاني في الترتيب...
هنا حضرت إحدى السيدات ويبدو أن السيدات في مطاعم المأكولات السريعة لا يقفن بالدور أبداً، هذا ما استوعبته مما حصل...
في هذه اللحظات حضر شاب صغير وقف خلفي، ولكن بسرعة البرق حضرت أمه و طلبت منه أن يتخطى الدور، وأسمعته كلمات من قاموسها اللغوي المحتوي على أنواع جديدة عليّ من كلمات قلة الأدب و السباب!
إنها حقاً تجربة قاسية ومملة... أن تمتهن كرامتك والكل لا يحترمك وإن كان مطعم مأكولات سريعة...
والكل يتخطى الدور والبائع ومساعده يريان كل شيء ولا يفعلان أي شيء للتنظيم. والرجل الوقور تركنا وذهب، وإن كان حضوره مثل غيابه لا يساوي شيئاً!
بدأت أدرس الحلول المطروحة لي الآن....
الحل الأول أن أترك المحل ولا أشتري منه، أي أعاقبه أو أقاطعه.
الحل الثاني أن أدخل في نقاش وصراخ مع الجميع، وقد يصل إلى السباب واستخدام الأيدي ضدي.
الحل الثالث أن أصبر والله كريم.
قررت أن اكمل التجربة وأخيراً أصبحت الأول...
في هذه اللحظات، حضر وافدون تدل هيئتهم على أنهم عمال بناء...
وقفوا خلفي، أحسست بالانتصار.
أخيراً وجدت شخصاً لا يتخطى الدور.
أخذت ما أريد من هذا المطعم...
قررت أن أعيد التجربة في جمعية ثانية بمنطقة راقية أكثر من الأولى...
ولكن للأسف، كانت النتائج مخزية أكثر من التجربة الأولى.
وهنا قررت أن أعيد التجربة، ولكن عند الخباز...
كان الخباز رجلاً تدل تعابير وجهه على قسوة الحياة والشقاء...
كان ترتيبي الرابع في الدور...
في البداية حاول أحد المواطنين الشباب تخطي الدور، ولكن نظرة الخباز وكلماته له ألزمته الدور...
لاحظت وجه الخباز مرة أخرى وكانت القسوة مازالت، ولكن خُيّل لي أنه يبتسم. لماذا خُيّل لي ذلك؟ بالحقيقة لا أعلم... يبدو أنني أنا الذي يبتسم لانتصار القانون.
بعدها أتى رجل أمن و حاول باستعباط واضح أن يتخطى الدور، ولكن للمرة الثانية ينتصر الخباز و يعيده إلى الدور...
وتزداد ابتسامة الخباز أو ابتسامتي، بالحقيقة لا أعلم!
هنا أتت سيدة، وللحق كان الخباز منظماً، فهناك دور للرجال وآخر للنساء... فهو يشجع عدم الاختلاط ويطبقه أفضل من الهيئات التي عندها قوانين لمنع الاختلاط في البلد.
بدأت السيدة بالكلام بصوت عال وتطلب منه أن يعطيها ما تريد بسرعة...
يبدو أن الصوت العالي سينتصر كالعادة وسيرضخ الخباز، فقد تعلمنا من تجربة حكومتنا وبرلماننا أن الصوت العالي ينتصر دائماً، ودائما ما ترضخ الحكومة للصوت العالي، أو هكذا أفهم الأحداث...
رد عليها بأنها هنا ليست الأولى في الدور، وهناك أناس قبلها، وكونها سيدة، فهذا لا يعني أن تتخطى دور الناس... فالكل عند هذا الخباز سواسية.
يبدو أن هذا الخباز متمرس وسياسي محنّك، وإلا كيف انتصر على سياسة الصوت العالي ولم تنتصر الحكومة بكل وزرائها؟ أو هكذا خُيّل لي... أو هكذا أفهم الأحداث....
محاولات عديدة من كل الأجناس حاولت تخطي الدور، ولكن الخباز كان لها بالمرصاد، وكأنه يقول للجميع: «القانون سيطبق على الكل واحترام النظام شيء أساسي لتأكل الخبز».
إذاً الناس بطبعهم لا يخافون من القانون ولا يهابونه، ولكنهم يخافون من الشخص المسؤول عن تطبيق القانون...
فإن كان هذا الشخص حازماً، مصرّاً على مبدئه ومصرّاً على تطبيق القانون، فإن الجميع سيطبّق القانون ويحترم النظام.
أما إذا سُلِّم أمر تطبيق القانون إلى شخص ضعيف الشخصية وفاقد للأخلاق ومحب لذاته، فإن القانون لن يطبق وسيفتقد النظام وتعم الفوضى في المكان...
هنا فقط استوعبت لماذا يقال إننا نطبّق القانون خارج البلد ولا نحترمه في بلدنا.
ما رأيك أنت؟