| مبارك مزيد المعوشرجي |
اشتغلت فترة موقتة مديراً لأحد مصانع الألمنيوم يعمل به نحو عشرين عاملاً وموظفاً ولم يكن يمر أسبوع إلا ويزورنا مفتش من جهة حكومية يفتش عن وسائل الأمن والسلامة وآخر من الشؤون يفتش عن ملفات العمال، وثالث من الداخلية للتأكد من الإقامات وآخر من البلدية للنظافة والأمور الصحية، ورابع من الإطفاء للتأكد من سلامة أجهزة الإطفاء غالية الثمن، وآخر من الصحة للتأكد من وجود الصيدلية وأدوات الإسعاف، ولا تجدد رخصة المصنع إلا بوجود شهادات من هذه الجهات بتطبيق الشروط كاملة، ودفع مخالفات مالية إن قصرنا في ذلك.
وأنا أتساءل وأتعجب: لماذا لا تضع الحكومة شروطاً مثلها عند الترخيص لبناء مجمعات تجارية كبرى، وتفرض عليها إقامة مراكز أمنية يعمل بها رجال ونساء لهم خبرة في الشرطة، أو شركات أمنية متخصصة، مسلحين بأسلحة خاصة غير نارية (العصي الكهربائية وبخاخات الفلفل) لفض المعارك والاشتباكات، وإنشاء عيادة طبية بها طاقم طبي كامل، ومزودة بجميع أدوات الإسعاف والعلاج لأي حادث أمني أو مرضي، وسيارات إسعاف وطاقم مسعفين على مدار الساعة، لنقل المصابين إلى المستشفيات، فتلك المجمعات التي تكلف مليارات لبنائها ويدخل على ملّاكها الملايين من الدنانير شهرياً، وهم غير عاجزين عن ذلك- بناء مركز أمني وعيادة طبية - خصوصاً أن هذه المجمعات يعمل بها ألوف الأشخاص ويرتادها عشرات الألوف يومياً، ولعل ما حدث مساء الجمعة الماضي بأحد المجمعات يدق ناقوس الخطر، ويفتح الباب لوضع شروط أمن وسلامة لحماية أرواح الناس.
أكتب هذا الكلام والألم يعتصر قلبي على الدكتور الشاب جابر سمير الذي اغتيل غدراً في معركة داخل أحد هذه المجمعات راجياً من الله أن يغفر له ويرحمه ويلهم ذويه الصبر والسلوان.
إنه من السهل اتهام وزارتي الداخلية والصحة بالتقصير عن كل أمر يحدث في البلد، لكن هذه المرة المسؤولية مشتركة بين جميع وزارات الدولة وملّاك المجمع، وغياب العقاب أو بطء تطبيقه جعلا الشباب والمراهقين يرتكبون بعض الجرائم بأخذ حقهم بأيديهم فوراً، دون إحساس بالمسؤولية أو خطر شدة العقوبة.
وإن ما حدث مساء الجمعة الماضي لهو مسؤولية المجتمع بأسره ومن الظلم تحميله لأحد بشخصه أو جهة بعينها.