وضحة أحمد جاسم المضف / الرسم بالكلمات / شربوا المقلب!

تصغير
تكبير
منذ أن وُضع الدستور ظل قانون الانتخاب قانوناً جدلياً لا يمكن أن يرضي جميع الأطراف، ولا شك أن قانون الانتخابات الحالي والمعتمد على الصوت الواحد عمق هذه الجدلية وقسم الناس إلى جبهتين مؤيد ومعارض حتى وصل الأمر إلى الخصام والقطيعة المحرمة اجتماعيا، فالانتخابات لن تكون عملية إلا إذا كانت نسبة المقاطعة عالية جدا وهذا قطعا لم يحدث، وقد أثبتت الدراسات أن المقاطعة الانتخابية لا تجلب التأثير السياسي المأمول بل تعكس سذاجة سياسية وغياب الاستراتيجية طويلة الأمد حيث تشير الدراسات خلال العشرين سنة الماضية تمت 171 مقاطعة انتخابية في العالم ولم ينجح منها سوى سبع حققت أهدافها ونتائجها المرجوة، والحكومة لن تهتم حتى إن لم تجرِ الانتخابات بل على العكس غاية مناها أن تقر ألف قانون وقرار من دون أن يوضع في دولابها عصا نائب.

الحقيقة أستغرب كيف يستبعد المعارضون أنفسهم تلقائيا من التأثير وكيف لم تدرك المعارضة ضعف هذا الخيار، بل على العكس عبر المشاركة الفاعلة والإيجابية ومن تحت قبة البرلمان يمكن تعديل القوانين وقبول المراسيم أو ردها... والمهم وبطبيعة الحال فهم المسؤولون عن نتائج الانتخابات لأنهم لم يشاركوا فيها وشربوا المقلب! ولم يعد لهم لا قوة ولا حيلة تاركين المواطن يعض لحمه!، فهذا وطن وهذه دولة مؤسسات وقانون ودستور ومن لا يحتمل الحر لا يبقى في المطبخ!.

فمن أساسيات الإصلاح السياسي العمل ضمن البرلمان ومحاولة التغيير من داخله، وعلى الرغم من أهمية قانون الانتخاب إلا أنه جزء من عملية الإصلاح الشامل، والمطلوب أولا فصل حقيقي للسلطات وتطبيق القانون وكشف الذمة المالية ومحاربة الفساد واستقلال القضاء ووجود إعلام حر ومؤثر يعرف اتجاهات ورغبات واحتياجات الجمهور الحقيقية وينقل قضايا وهموم المواطن بصدق وشفافية ويدرك ذكاء الجمهور المتلقي حيث أصبح بإمكان الشخص المتلقي لوسائل الإعلام استخلاص الحقيقة عبر اعتماده في تلقي الخبر من أكثر من وسيلة إعلامية مختلفة بشكل يشبه استخلاص السم من الدسم عبر المقارنة لسرد كل وسيلة إعلامية للخبر من منظورها وسياستها، خاصة وأننا في زمن العولمة الإعلامية والتكنولوجية.

على كل، فمن يعمل في السياسة يقبل بالأقل من دون أن يستسلم ومن دون أن يتنازل عن أهدافه القريبة والبعيدة، ويأتي السؤال المهم ليقول لنواب المقاطعة لماذا تقاعستم في تعديل النظام الانتخابي عندما كنتم مشرعين تأمرون وتنهون تحت القبة، أليس من الأجدر والأوجب أن يكون تعديل قانون الانتخاب من أول أولوياتكم؟!... لا أنتظر الإجابة، فما يهمني من هذه المرحلة هو مخاضها بإصلاح سياسي شامل ليس كما يقولون عصريا بل وطنيا يجسد حس الوطن يشهق همومه ويزفر بلسما على أطراف حدوده... ودمتم.

 

وضحة المضف

[email protected]

Tiwttre@wadhaAalmudhaf
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي