| مبارك مزيد المعوشرجي |
إن استمرار المقاطعة دون محاولة من الحكومة لكسرها سيؤدي حتماً إلى قطيعة ضارة بالبلد الذي لم يعد يحتمل هذا الحراك والتجمعات والمظاهرات الليلية بين المنازل والشوارع الخلفية، وأن تبادر بطلب الحوار والعمل على التهدئة، فنحن كشعب لا نرضى عن عزل أو اعتزال هذا العدد غير القليل من القيادات السياسية والشعبية والشبابية فترة طويلة، وعلى الحكومة أن توعز لوسائل الإعلام المحلية بوقف حفلات الزار السياسية المسماة ظلماً مناظرات سياسية وتبدأ ببث ندوات يشارك فيها علماء دين وأطباء نفسيون وساسة محايدون يحددون نقاط الخلاف وطرق حلها، وخطوات الحل، للتخفيف من هذا الاحتقان السياسي الذي يفتت العلاقة بين مكونات الشعب الكويتي.
المعروف أن الــ 35 نائباً المعارضين لم يجتمعوا إلا على رفض مرسوم الضرورة بالصوت الواحد، ومنهم من يرفض الإمارة الدستورية، ورئيس الوزراء الشعبي، والحكومة المنتخبة، ويرى آخرون- خصوصاً الإسلاميين- أن المظاهرات غير المرخصة والمسيرات والمبيت في الساحات بمشاركة النساء لا تجوز شرعاً، لذا على الحكومة أن تشكِّل لجنة وزارية تتصل بهؤلاء لمحاورتهم بل وإشراكهم في إدارة شؤون البلد عبر المجالس المتخصصة كالمجلس الأعلى للتخطيطـ، بل وإشراكهم في إدارة الشركات الاقتصادية الكبرى وفي السفارات والمناصب الدولية التي يكون للكويت تمثيل بها، وستجد بين هؤلاء حتماً من يقبل خدمة بلده.
إن القطيعة لا تبني بلداً بل تهدم دولاً، والحوار البنّاء هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة التي طالت، والاستفادة من كل الطاقات البشرية مطلب ملح وأساسي إن كنا نريد التنمية الحقيقية.
نعم، نجحت الحكومة في إيجاد مجلس أمة ولكن هذا المجلس لا يملك الرضا الشعبي الكافي، وتشكلت حكومة نالت بعض الرضا الشعبي إلى حد كاف، لكن هذا النجاح لن يطول إن استمرت هذه الخصومة مع فئة كبيرة ومهمة من الشعب، وأشغلت جهدها في مطاردة المتظاهرين واعتقال المغردين واتسعت رقعة وقوة الخلاف ووصلنا إلى حد القطيعة.
نحن شعب قليل العدد شديد التواصل ببعضه، ولن يستمر سكوته عن الحلول الأمنية ان طالت المدة وكثر عدد المحتجزين، فهل ستنجح وزارة الإعلام في وقف المعارك الصوتية وتقدم جرعات تهدئة وحلولاً ناجعة للقضايا الخلافية؟ وهل ستشكِّل الحكومة لجنة وزارية تتصل بالمعارضة وتطلب منها المشاركة في إدارة البلد؟
صدقوني ان تم ذلك فسيزول ثلاثة أرباع المشكلة ولن يبقى في المعارضة إلا من لا ينفع معه طب ولا علاج ولا قراءة، وهم قلة شعارها «إما أن نكون اللي نبي ولا عسانا ما نكون» فهؤلاء يصعب تغيرهم أو تغييرهم.