قليلا من الوضوح / جزيرة فيلكا مسرح المكان والزمان!

تصغير
تكبير
| ناصر الملا |

جزيرة فيلكا تقع في الجهة الشرقية من جون الكويت وتبعد عنها مسافة 20 كيلومترا «نحو ثمانية عشر ميلاً ونصف الميل»، ويبلغ طولها 12 كيلومترا «سبعة أو ثمانية أميال تقريبا»، وعرضها 6 كلومترات... «ثلاثة أميال»، وأرضها منبسطة ما عدا هضبة ترتفع 30 قدما في أقصى الجزيرة الغربي حيث كان مقام الخضر... وجزيرة فيلكا الجزيرة الكويتية الوحيدة، التي كانت مأهولة بالسكان ما قبل الغزو العراقي لدولة الكويت، وهي تجمع بين تاريخ الكويت القديم الذي يعود إلى العصور الحجرية الأولى، وبين تاريخها الحديث، وأثبتت الحفريات الأثرية في «فيلكا» قدم الحياة الانسانية عليها... كما أثبتت ذلك الحجارة والتماثيل التي عثرت عليها البعثة الدنماركية التي زارت الكويت في القرن الثامن عشر، وقد تنقل الانسان في هذه الجزيرة على مرور فترات الانسانية المختلفة... ولكن يوثق التاريخ ان «الهيليسيتنيون» قد عاشوا في منطقة «تل خزنة» في جزيرة فيلكا عام «600 ق.م»، بينما في عام «300 ق.م» أقام الأغريق في فيلكا لمدة قرنين، ومنذ عام «2800 ق.م» تعود حضارة فيلكا والتي كانت تحمل اسم «اكاروس» أكارا، ولجزيرة فيلكا ماضٍ عريق.

ولقد مرت فيلكا بثلاث مراحل الأولى تمتد «2500 ق.م» الى «1800 ق.م»، والمرحلة الثالثة الى العصر السادس أو السابع الميلادي، كما انه في جزيرة فيلكا بقايا اسلامية تمتد من القرن العاشر الى الخامس عشر... لذلك تعتبر هذه الجزيرة ارثا حضاريا انسانيا يحفظ ويوثق مراحل الامم والحضارات التي سادت ثم بادت منذ 2800 ما قبل الميلاد والى الفترات اللاحقة، وجزيرة في هذا الحجم المهم يعجب المرء كيف تكون منسية من الدولة الكويتية، ولا تأخذ أقل رعاية منها! فهذه الجزيرة وعلى أهميتها التاريخية لو كانت تابعة لإحدى الدول التي تهتم بتاريخها وحضارتها لكنت رأيتها الآن في شكل آخر وبمنهج مقارب لما كانت عليه ما قبل الميلاد.

علما بأن الدارس في أي جامعة في العالم لا بد وان يمر على تاريخ الحضارة الاغريقية او على الأقل قرأ عنه وفيلكا جزء مهم وفعال، وان كانت في فترات الا ان أثرها مهم في امتداد الاغريق الى العالم! ومع ذلك لا نجد أدنى اهتمام، ولو حتى «سياحيا» يعرف زوار الكويت قيمة هذه الجزيرة التاريخية! وقلة قليلة من الباحثين الكويتيين الذين اهتموا بالدراسات التاريخية والحديثة لهذه الجزيرة! أما الفن المسرحي فكم كنت أتخيل وأنا أزور هذه الجزيرة ان بها مسرحا اغريقيا كبيرا تقام عليه تراجيديات «اسخيلوس» و«يوريبديس» وكيف يتوافد اليونانيون والأوروبيون الى الجزيرة من أجل مشاهدة هذه العروض، وفي الهواء الطلق لتقترب منهم الحضارة الاغريقية ويعايشونها رؤية واحساسا في فيلكا الكويت!

كما لا يوجد بها في الوقت الحالي اي معمار على الأقل يجعلنا نفخر بان لدينا جزيرة تستحق منا زيارتها! والكويت من أغنى بلاد العالم نفطا وأموالا! وأذكر ان الجزيرة مهمة للغاية للعالم اجمع وبالاخص للشعوب التي ينبض قلبها بالثقافة والمسرح، وان

كانت في يوم ما ستعمر... الا ان يد المعماري التجاري ستتناسى أصالة تاريخها، لان من يقف خلفه لا يفقه ولا يعرف قيمة الحضارة الانسانية في فيلكا وغيرها ونحن - ومع كل أسف  - نعيش في أوج عصر العولمة وفي الألفية الجديدة أيضا!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي