د. وائل الحساوي / نسمات / لهذه الأسباب ... أنا غير متفائل!

تصغير
تكبير
أسدل الستار على المشهد الأول من مسلسل «التحدي الكبير» بعد أن تدافع المرشحون على التسجيل للانتخابات وفشل رهان المقاطعة، وتم فرز المجتمع إلى فريقين:

الفريق الأول هو فريق: «لن نسمح لك» والذي بذل جميع الجهود من اجل حشد الشعب لمقاطعة الانتخابات وتخوين المشاركين فيها وترتيب النزول إلى الشارع وحشد المسيرات الضخمة، ولما فشل في مسعاه اخذ يراهن على ان الناخبين سيقاطعون الانتخابات ولن تتعدى نسبة التصويت الا اقل القليل، كما راهن على ان الفائزين في الانتخابات سيكونون من القبيضة والمرتشين واصحاب المصالح الضيقة وانهم سيشكلون وصمة عار على الكويت وسيشرعون قوانين تدمر البلد وتستنفد خزينتها.

الفريق الثاني هو فريق الحكومة الذي قد اجاد الترويج لفكرته وحشد التأييد لها من جميع التوجهات والقبائل والطوائف، وشعاره في ذلك اعادة الامور إلى نصابها وسحب البساط من المتعصبين والمؤزمين، وقد كسب الفريق الثاني الجولة الأولى بمهارة واقتدار واستخدم العصا والجزرة لتحقيق ذلك، وقدم وعودا معسولة لما ستكون عليه الكويت الجديدة، ومن المتوقع ان يفتح خزائنه على مصراعيها واغداق العطايا على الناس لضمان كسب ولائهم وتأييدهم.

لقد استطاع المشهد الاول من المسلسل ان يفرز المجتمع فرزا غريبا لم يحدث من قبل وان يشق وحدة المجتمع بطريقة لو اراد اي تدخل خارجي ان يفعله لما استطاع، حتى التجمعات والقبائل والاحزاب قد انشقت من داخلها وتسلل بينها خطاب التخوين والاتهام والتشكيك، حتى الخبراء الدستوريون قد انشقوا في آرائهم وأربكونا معهم.

أما المشهد الثاني من المسلسل فمن المتوقع الا يقل دراماتيكية عن المشهد الاول ومن المتوقع ان يأتي على ما تبقى من وحدة الصف، وقد يتخلله بعض المشاهد الدامية والمزيد من خطابات التخوين والاتهامات والكراهية.

وبغض النظر عما ستفرزه الانتخابات من نتائج ايجابية او سلبية فان فرحة الحكومة بالتخلص من بعض العناصر المؤزمة لن يكون آخر المطاف بل مازال هنالك الكثير من العناصر التي قد تعلمت الدروس في كيفية صنع التأزيم وسيكون لها دور بارز في المجلس المقبل، والسبب في ذلك هو ان اسباب التأزيم الحقيقية لم يتم حلها او التخلص منها وهي:

أولا: الفساد المستشري في جسد الدولة والذي لا تحمله البعارين، ومن مظاهره استباحة المال العام وكسر القوانين ومحاربة الابداع.

ثانيا: عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب والتي تبدأ باختيار وزراء الحكومة بحسب المحاصصة والاسترضاءات وتنتهي بجميع المناصب القيادية للدولة.

ثالثا: ازدواجية المعايير في توزيع المال العام وتولية المناصب وتقريب فئات على فئات اخرى، وهذه الازدواجية قد اصبح الجميع يستشعرها في جميع المجالات من توظيف حكومي او ترقيات او مناقصات، وهي اكبر دافع لتسابق البعض على اختيار النواب اصحاب الصوت العالي لكي يحققوا لهم ما عجزوا عن تحقيقه في ظل القوانين المعمول بها.

رابعا: حالة الاسترخاء والكسل التي تعيشها الدولة مجتمعة من تفريط في الواجبات واهمال للوظائف وتسابق على الملهيات والكماليات وغياب فعلي عن العمل وتوقف عن الانتاج، يقابل ذلك بروز طبقة من المنتفعين والمتسلقين والمطبلين الذين عرفوا كيف يستغلون تلك الفوضى العارمة في المجتمع ليحققوا اهدافهم الرخيصة في كسب الاموال وتحقيق الشهرة وضرب مكونات المجتمع ويتسلقوا على ظهور الناس.

ان اخشى ما نخشاه ان يكون التخلص من فئة «المؤزمين» ما هو الا مرحلة تمهد للاستيلاء على ما تبقى من مفاصل الدولة ونهب خيراتها وتسليمها لاصحاب الشأن والنفوذ، لذلك فأنا غير متفائل!!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي