No Script

العاطفة في فن الشعر

تصغير
تكبير
| د. لطيفة جاسم التمار |

هي الحالة التي تسيطر على الأديب (الشاعر) بموضوع يشغل فكره واحساسه، وتدفعه دفعا للتعبير عما يخلج في خلده على شكل انفعالات مختلفة تتشكل بحسب الحالة الوجدانية التي يشعر بها الأديب في لحظتها، «والعاطفة تبدأ نحو شيء أو شخص ثم تتدحرج فتظهر نحو معنى مجرد، كحب الحرية، أو العلم والفن مثلا، وككراهية الظلم والاستبداد، وهي التي تطبع الانسان بطابع خاص، وتوجه مجهوده وتسوقه لعمل معين، ومن العواطف ما يسمو بالنفس، كحب الفن والعلم والتضحية وما شابه ذلك». وتتعدد العواطف الأدبية، فمنها العواطف الشخصية: كالحب والحقد والانتقام أي مجموع العواطف الشخصية سواء كانت ايجابية أو سلبية، فمن العواطف الايجابية قول أبي فراس الحمداني:

معللتي بالوصل والموت دونه

اذا مت ظمآنا فلا نزل القطر

ومن العواطف السلبية والتي يذم فيها الشاعر الفضيلة ويمتدح الرذيلة قصيدة العقاد (بمن تثق) يقول فيها:

ثق بالرذيلة تلقها

في كل حي حاضرة

ان الفضيلة قلما

تلقاك الا عابرة

ومن العواطف الأدبية أيضا العواطف الأليمة والقاسية والتي تشعر المتلقي بألم عندما يقرأها، لأنها تدعو الى اليأس والظلم والنظرة السوداوية ونحن نعلم بأن الأدب بشكل عام يدعو الى الحب والتفاؤل والأمل، ومثالنا هنا قول المعري:

ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة

وحق لسكان البسيطة أن يبكوا

تحطمنا الأيام حتى كأننا

زجاج ولكن لا يعاد له سبك

ومما يجب علينا كبشر أن نفرق بين الآلام الانسانية واثارة العاطفة الأليمة. وكذلك هناك ما يعرف بالعاطفة الأدبية والتي تصور مشاعر الحب، والاعجاب، والعطف، والفرح وهذه العاطفة تقوم على عنصري الجمال والخيال الانساني، وتعتمد العاطفة الأدبية على عدة عوامل منها: الصدق العاطفي، وقوة العاطفة وروعتها ومن ذلك قول كثير عزة:

ولما قضينا من منى كل حاجة

ومسح بالأركان من هو ماسح

كذلك ثبات العاطفة واستمرارها في العمل الأدبي أي لا نجدها تتراجع في موقع وتعلى في آخر. والشاعر الفذ المتمكن هو الذي يستطع أن يجعل العاطفة الأدبية ثابتة لديه وأن يكون كذلك قادراً على اثارة العواطف المختلفة في نفوس المتلقين بدرجة أكبر، من هنا تتسم العاطفة الأدبية بأنها أهم عنصر أدبي في تشكيل النص الأدبي وهي التي تميز هذا النص عن غيره من النصوص العلمية. فالأديب القادر هو الذي ينقل المتلقي الى عوالم أخرى مليئة بالعواطف الانسانية، ولذلك تكون التجربة الشعرية عميقة ومعجونة بالاحساس الدافئ وبالعواطف المختلطة بين الحب والفرح والحزن والغضب. اذاً العاطفة الأدبية هي خليط من العواطف التي تسيطر على النفس البشرية، فلابد لها من الاعتدال والصحة والصدق لتخرج لنا أعمالا أدبية راقية وخالدة، وتدفع بالشعر الجيد أو العمل الأدبي الجيد الى الانتشار والخلود.



* دكتوراه في الأدب العربي الحديث

Latifa-altammar@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي