تقرير / الـ«فيسبوك» وسيلة تبررها الغاية لدى ساسة العراق

تصغير
تكبير
| بغداد - من حيدر الحاج |
يزخر أشهر مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بالعديد من الحسابات الشخصية لأفراد الطبقة الحاكمة من وزراء ونواب وزعماء كبار بمن فيهم رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان، لكن يبدو إن بعض هؤلاء مرغم على التسجيل والدخول إلى كواليس العالم الافتراضي لمواكبة الموضة الرائجة بين أقرانهم أو لكسب وّد جماهير جديدة ونشر أفكارهم الشخصية والحزبية.
المُتابع لتلك الصفحات سيلحظ على الفور ومن دون أي صعوبة تُذّكر، إن من يديرها ليس أصحابها الحقيقيون المعلقة صورهم في أعلى الجانب الأيسر من الصفحة الزرقاء، بل تدار من قبل أحد أفراد العائلة أو أشخاص يعملون في مكاتب أولئك الساسة والمسؤولين، مع بعض الاستثناءات القليلة جدا، وهو ما شكّل نوعاً من الذهول والصدمة لدى الجمهور.
وهذا ما أكده نشطاء الانترنت وموظفون يعملون في مكاتب الشخصيات السياسية والحكومية التي تمتلك حسابات الكترونية - بعضها حقيقي والآخر وهمي - على المواقع الاجتماعية ومدونات الانترنت الشهيرة.
إذ يؤكد رحيم الشمري، أحد الكوادر الإعلامية القريبة من زعيم قائمة «العراقية» إياد علاوي، إن تواصل كبار القوم مع جماهيرهم عبّر قنوات الشبكة العنكبوتية «لا يتم من قبلهم شخصيا إلا في حالات نادرة ومحدودة جدا، بل يكون في الغالب بالإنابة».
كلام الشمري فيه إشارة مباشرة إلى مرؤوسه أيضا، عبّر عنها بالقول إن «الموقع الالكتروني الشخصي للسيد علاوي وصفحة الفيسبوك الخاصة به تتم إدارتهما من قبل مقربين جدا منه وبالذات أفراد عائلته، وفي أحيان أخرى يستعين بالكادر الإعلامي الموجود حوله».
ويعزو سبب قلة نشاط وتفاعل رئيس وزراء العراق السابق في فضاءات العالم الافتراضي «لكثرة انشغالاته باعتباره زعيم كتلة نيابية رئيسية وشخصية سياسية معروفة على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن عدم توافر الوقت الكافي لذلك».
لكنه يستدرك حديثه، قائلا: «في بعض الأحيان وتحديدا في أوقات ما بعد منتصف الليل، يجلس الدكتور علاوي أمام شاشة الحاسوب يتصفح محتوى حساباته الالكترونية ويجيب على بعض التعليقات الواردة عليها بنفسه شخصيا».
لكن من يتصفح حساب علاوي على الـ «فيسبوك» سيرى الردود على الاستفسارات والتعليقات تتم جميعها بالإنابة.
تزايد إنشاء «الصفحات الفيسبوكية» الخاصة بمعشّر السياسيين، لوحظ عشية انتخابات عام 2010 بهدف الترويج لحملاتهم الدعائية، وبات غالبيتهم يمتلكون حسابات شخصية وصفحات خاصة بالمعجبين، بعد أن كان ظهورهم يقتصر على صفحات الجرائد وقنوات التلفزة.
وفي تلك الانتخابات التشريعية، أمتد تنافس الساسة ليصل إلى ساحة الشبكة العنكبوتية وما يرتبط بها من مواقع اجتماعية، وتحديدا الـ«فيسبوك» الذي يتصفحه قرابة مليونين ومئة ألف عراقي، حسب إحصائية أجرتها «الشبكة العراقية للإعلام الاجتماعي» بالتعاون مع إدارة «فيسبوك».
وقبل ذلك التاريخ، كان العديد ممن يمتهنون العمل السياسي لا يمتلكون أي حساب افتراضي، وهو ما يتضح من خلال الحقل الذي يظهر فيه تاريخ انضمامهم الى هذه الشبكة الاجتماعية. ورغم هذا التهافت، إلا إنه يؤخذ على ساسة العراق ممن يمتلكون صفحات زرقاء عدم إجادة التعامل الالكتروني في شكل يشابه عدم إتقانهم العمل السياسي الذي نتج عنه التسبب في نشوب نزاعات داخلية لم تنتهي فصول بعضها بعد.
وعن المآخذ السلبية تلك، يُعلّق حيدر حمزّوز المنسق العام لـ«الشبكة العراقية للإعلام الاجتماعي» بتهكم، قائلا إن «الساسة منشغلون حتى الاستغراق بالصراعات البينية، والبحث عن مكاسب فئوية وحزبية ولا وقت لديهم يمضوه في التواصل عبر لغة العالم العصرية».
وفي إحصائية أجريت نهاية عام 2009 بالتعاون مع منظمات مدنية وصحافيين، يقول حمزوز إن «170 نائبا من أصل 275 مجموع أعضاء البرلمان السابق كانوا لا يجيدون استعمال الحاسوب ولا يعرفون الدخول إلى أروقة العالم الافتراضي لذا فأنهم لا يعرفون عن الفيسبوك إلا اسمه وقد يجهلونه».
حمزوز، وهو ناشط وصاحب مدونة «شوارع عراقية»، أكد إنه «من خلال الاطلاع على بعض الصفحات الشخصية على الفيسبوك لساسة ومسؤولين حاليين، يمكن للمرء إن يلمس دلائل الفوضى في تلك الصفحات، وإن من يديرها ليس أصحابها الفعليين».
الدلائل التي يشير إليها حمزوز في حديثه، تكمن من وجهة نظره بـ»عشوائية ما يتم لصقه على حائط الصفحة الرئيسية، وكذلك الإجابات الركيكة التي تتم بالنيابة عن أصحاب هذه الصفحات حيال استفسارات وتساؤلات يوجهها الزوار أو المعجبون بهذا السياسي أو ذاك الوزير».
عدد من الأمثلة تؤكد صحة كلام الناشط الالكتروني، ففي إحدى الصفحات «الفيسبوكية» المتعددة التي تروج لنشاطات نائب رئيس الجمهورية المحكوم عليه بالإعدام شنقا طارق الهاشمي لإدانته بتهم إرهابية، تجد التعليقات والإجابة الاستفسارات الموجهة من قبل أنصاره تتم عبر أنامل مدير الصفحة الالكترونية «الادمن» والشيء نفسه يتكرر في صفحات رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس البرلمان أسامة النجيفي وغيرهم.
عدم إجادة التعامل الالكتروني، لا يقتصر على كبار القيادات السياسية بل يشمل من هم في الصف الثاني، إذ تُسجل علامات الافتقار إلى العلمية بوسائط التكنولوجيا الحديثة على مجموعة من الساسة والنواب، طبقا لمتابعين كُثر بينهم المصدريون السابقيون.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي