| عبدالعزيز الكندري |
المرحلة المقبلة في عمر مجلس الأمة ستكون في غاية الأهمية والحساسية في الوقت نفسه، والذي جاء بعد حكم المحكمة الدستورية الذي كانت الكويت بانتظاره بفارغ الصبر، ولعل هناك مجموعة من التحديات الكبيرة والجسيمة التي تواجه المجلس المقبل. وفي البرلمانات المتقدمة تكون لجان المجلس هي المطابخ الحقيقية لصنع القرارات وتداولها، ومن ثم يتم إخراجها عبر القنوات المختلفة للإقرار، وهذا الذي نفتقده في الكويت، حيث نجد عدم حرص كثير من أعضاء مجلس الأمة على حضور اجتماعات اللجان من دون أعذار وبصورة متكررة، مع استثناء مجلس 2012 حيث كان الالتزام واضحا حتى في أيام العطل بهدف الإسراع لدراسة القوانين المختلفة قبل أن تأخذ طريقها للمجلس.
ويجب إلزام الحكومة من أول جلسة ببرنامج عمل إصلاحي متفق عليه مسبقا، ويتم منحها الثقة بناء على هذا البرنامج، ولعل ضعف الحكومات السابقة كان السمة البارزة في الأداء الحكومي وعلى جميع المستويات، وهي أخذت الوقت الكافي لمراجعة أدائها عن الفترة السابقة في أيام تعطيل المجلس.
وهناك العديد من القوانين التي تنتظر اللجنة التشريعية في مجلس الأمة المقبل، فنحتاج إقرار قانون استقلالية القضاء، وقانونا آخر لإنشاء المفوضية العليا للانتخابات، وإقرار قوانين النزاهة ومكافحة الفساد والإعلان عن تعارض المصالح وكشف الذمة المالية وتغليظ العقوبات على المخالفين ووضع ضوابط لتولي المناصب القيادية بطريقة واضحة ومحددة بعيدة عن المحاصصة والولاء وإنما على أساس المواطنة والكفاءة، كذلك إقرار قانون الاحزاب ومناقشته بشكل متأنٍ من قبل أهل الاختصاص حتى لا يخرج مشوها، وبسبب حساسية هذا الموضوع على المجتمع الذي سيهيئ الأجواء لحكومة برلمانية منتخبة في المستقبل القريب.
أما لجنة الداخلية والدفاع فأعتقد أنها أمام اختبار حقيقي خصوصا بعد الإحصائيات المنشورة عن إدارة تخطيط وبحوث المرور التي تشير إلى 44 ألف حادث مروري وقعت فقط في النصف الأول من هذا العام، ما أدت إلى وفاة 227 شخصا بزيادة 25 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها عام 2011، والتي خلفت 4 آلاف و895 مصابا من بينهم 2398 إصاباتهم بالغة، فما ذنب أسر وشباب في عمر الزهور يفارقون الحياة بسبب استهتار شاب لم يلتزم بقواعد السلامة والمرور، ثم نجد بعد ذلك من يتوسط لإخراجه؟!! نحتاج من اللجنة إصدار قوانين توقف العبث بأرواح الأبرياء بكل قوة وحزم، ومن نافلة القول الإشارة إلى أن الدراسة ذكرت بأن الإناث هن الأكثر التزاما بقوانين المرور.
وكذلك اللجنة المالية التي تمثل عصب المجلس والحياة البرلمانية، فأمام هذه اللجنة العديد من القوانين خصوصا في تسريع عجلة الاقتصاد والتنمية وفتح المجال للمستثمر الأجنبي إضافة لدعم مشارع الشباب.
أما اللجنتان التعليمية والصحية فهما لا يقلان أهمية عن بقية اللجان الأخرى، ويجب إعطاؤهما أولوية قصوى نظرا لكبر الشريحة التي تتعامل معهما، وهما صمام أمان لمستقبل أفضل للمواطنين، ومن دونهما لا يمكن أن تكون هناك نهضة حقيقية، لأن الإنسان قبل العمران. وهناك دول متقدمة حاليا، مع أنها في بداياتها كانت لا تملك من الموارد الشيء الذي يذكر، وهي الآن يشار إليها بالبنان، وذلك نتيجة خطة واعية والاهتمام بالمناهج الدراسية وتغيير ما يمكن تغييره لصالح التقدم والتنمية، ومن هذه الدول ماليزيا التي وضعت خطة 2020 لأن تصبح البلد الأول في تكنولوجيا المعلومات، فبدأ تغيير المناهج تدريجيا من الآن بحيث تم تحويل بعض الكتب إلى أقراص مدمجة، والاعتماد على أجهزة الكمبيوتر في بعض المدارس لدراسة الطلبة بدل الكتب لأنهم يعيشون، هم يفكرون بالمستقبل ونحن ما زلنا نفكر وندرس بطريقة بدائية.
هذه مجموعة من التحديات التي ستواجه المجلس المقبل في اعتقادي، وأتمنى أن ننهي مرحلة المناكفة والمغالبة لنبدأ مرحلة الإصلاح الحقيقي التي تحتاج لجهد كل فرد سواء كان مواطنا أو مقيما لاستكمال بناء هذا الوطن الغالي.
[email protected]twitter : @akandary