هيكلة «جلوبل» تكشف قصوراً في نظام «العرض الإلزامي»:

شتّان بين «الاستحواذ» و«رسملة الديون»

u0627u0644u0634u0631u0643u0629 u0648u0627u0644u062fu0627u0626u0646u0648u0646 u064au0646u062au0638u0631u0648u0646 u0645u0646 u00abu0627u0644u0647u064au0626u0629u00bb ... u00abu0646u0638u0631u0629 u0625u0644u0649 u0645u064au0633u0631u0629u00bb (u062au0635u0648u064au0631 u0623u0633u0639u062f u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647)
الشركة والدائنون ينتظرون من «الهيئة» ... «نظرة إلى ميسرة» (تصوير أسعد عبدالله)
تصغير
تكبير
| كتب المحرر الاقتصادي |

كشفت الإجراءات القانونية لخطة هيكلة «جلوبل» قصوراً تشريعياً في نظام العرض الإلزامي الشامل، وبشكل أكثر جسامة في مجال تنظيم عمليات استبدال الديون بالأسهم.

ففي الظاهر، تبدو الموافقة على الاستثناء ضرورية. فالمادة 74 من قانون هيئة الأسواق تلزم كل من يملك حصة تزيد على 30 في المئة من شركة مساهمة مدرجة، «بتقديم عرض بالشراء لكافة الأسهم المتداولة المتبقية». وبما أن الدائنين سيتملّكون 70 في المئة من أسهم الشركة بعد الهيكلة، فلا بد لهم تقديم العرض الشامل.

أما في الجوهر، فيمكن تقديم صورة مختلفة. فالمادة السالفة الذكر وُضعت من وحي تجارب أتاحت لبعض المساهمين البيع بسعر معيّن وحرمان الأقلية من البيع بالسعر نفسه. لكن هذه الحالة مختلفة. الدائنون لن يشتروا من أحد من مساهمي «جلوبل»، بل سيتملكون حصة سيطرة عبر زيادة رأس المال بموافقة المساهمين، وبالتالي لا معنى للحديث عن عدم العدالة بين مساهم وآخرن لأن الجميع متساوون في تقلّص حصتهم، بل إن كبار المساهمين أكثر تضرراً لأنهم سيخسرون سيطرتهم، في حين أن صغار المساهمين لن يتغيّر وضعهم؛ كانوا أقلية وسيبقون كذلك.

المشكلة هنا ليست في «جلوبل» ولا في البنوك الدائنة ولا في هيئة الأسواق، بل في النص القانوني الذي يتعامل مع هذه حالة هيكلة رأسمالية معقدة بشكل أصم، كما لو أنها عملية استحواذ(!) في حين أنها لا تشبه الاستحواذ بشيء. إنها عملية رسملة ديون، والفارق شاسع بين الأمرين في أي من أسواق العالم المتقدمة.

إذ من الواضح أن البنوك الدائنة ستتملك نسبة الـ70 في المئة مجتمعة من خلال شركة ذات أغراض خاصة، لكن أياً منها لن يتملك، في حقيقة الأمر، 30 في المئة. ولا حاجة إلى القول إن هذه البنوك ليست تحالفاً، بالمعنى المتعارف عليه للكلمة، ولا يجمع بينها قرار واحد أو مصلحة مشتركة إلّا السعي لتحصيل ديونها من «جلوبل». وهذا الحال يختلف جذرياً عما لو كان المشترون ينتمون إلى مجموعة واحدة، أو إلى تحالف حقيقي متحد المصالح حتى لو لم تكن بينها علاقة ملكية واضحة.



الاستثناء

كان بيد «هيئة الأسواق» أن تحلّ المعضلة بما أن القانون يعطيها صلاحية استثناء أي استحواذ من أحكام العرض الملزم إذا وجدت في ذلك «مراعاة للمصلحة العامة وصالح باقي المساهمين»، على أن «يصدر قرار الإعفاء مكتوباً ومسبباً». لكن كما بات معلوماً، رفضت الهيئة طلب الاستثناء في 5 أغسطس الفائت.

المعلومات تشير إلى أن المحاولات ما زالت جارية من قبل الشركة وبعض الجهات الدائنة لإقناع هيئة الأسواق بتغيير موقفها. وثمة حجج يمكن سوقها في هذا الإطار:

- أن البنوك تسعى لتحصيل مستحقاتها لا إلى ضخ أموال جديدة، وليس من المنطق في شيء دعوتها إلى ضخ أموال إضافية في الشركة.

- المادة القانونية تتوجه في روحها يتوجه إلى القرارات الاستثمارية التي ترمي إلى السيطرة على شركة مدرجة. في حين أن ملكية البنوك الدائنة في «جلوبل» ليست بأي حال قراراً استثمارياً، بل خيار لجأت إليه اضطراراً لتحصيل حقوقها.

- من اللافت أن المادة 74 المذكورة أعلاه واردة في فصل بالقانون يحمل عنوان «عمليات الاستحواذ وحماية حقوق الأقلية» (التي سيتوجه إليها عرض الشراء الملزم). لكن «الأقلية» في هذه الحالة، هم مساهمو «جلوبل» الحاليّون الذين سيتقلص مجموع إلى 30 في المئة. وهؤلاء ليس لهم مصلحة في تطبيق المادة التي وُضعت لحمايتهم، لأن تطبيقها يهدد بفشل خطة الهيكلة.

- الواضح أن هذه المادة مشرّعة لحماية حقوق المتعاقدين. فإذا كان المتعاقدون أنفسهم راضين بخطة الهيكلة، فلماذا تعرقلها الهيئة؟ وإذا كان أحد من مساهمي «جلوبل» غير راضٍ بقرار الجمعية العمومية (المتوقع)، فقد شرع له القانون (المادة 73) «حق التظلم إلى هيئة المفوضين خلال 15 يوماً من تاريخ إصدار القرار المعترض عليه أو علمه به أيهما أبعد، وللهيئة إلغاء قرار الجمعية العمومية إذا ثبت الضرر». كما «يجوز لكل ذي مصلحة الطعن على قرار الهيئة أمام المحكمة المختصة».

يبقى الرفض أو القبول حقاً للهيئة لا نزاع فيه، وإن تكن مسوّغاته غير معروفة حتى الآن. ويعتقد البعض أن رفض الهيئة لطلب الاستثناء يعود إلى عدم رغبة الهيئة بفتح باب الاستثناءات عليها في هذه المرحلة قبل أن يتسبب تطبيق القانون وتُفرض هيبته، وإن صح ذلك، فليس ذلك مسوّغاً مقنعاً، لأنه ليس اعتباراً كافياً لإهدار الحق بالاستثناء، إن وُجد.

ما سبق يوضح حجم القصور في التشريع لأوضاع التعثّر وعمليات الهيكلة التي تتطلب استبدال الديون بالأسهم. لكن ذلك لا يقلل من مطالبة البعض للجهات الرقابية باتخاذ منهج التيسير لا التعسير، مادام القانون يفسح مجالاً للاستثناء.



إنقاذ الخطة

ماذا لو لم تقتنع الهيئة بمنح «جلوبل» الاستثناء من العرض الإلزامي؟ هل تعود جهود الهيكلة إلى الصفر؟

مصادر من الدائنين أكدت أن عدم منح الاستثناء سيعقّد الأمور، خصوصاً إذا أدى ذلك إلى عدم إنجاز الرسملة، ما قد يقود إلى شطب الشركة من البورصة، وهو ما تسعى بعض البنوك الأجنبية إلى تفاديه بأي شكل من الأشكال، لأنه في حال حصوله يرتب عليها التزامات ضريبية في بلدانها، باعتبار أن أسهم «جلوبل» ستصبح ملكيات غير مدرجة.

لكن المصادر تؤكد أن الفرصة ما زالت متاحة، بالنظر إلى التعاون في هذا الشأن بين الشركة ودائنيها.

ثمة معالجة أخرى ممكنة، لكنها لا تخلو من التعقيد الإجرائي، وربما القانوني، وتقضي بأن تتوزع ملكية الدائنين في «جلوبل» على أكثر من شركة ذات أغراض خاصة. ويلاحظ أن جدول أعمال الجمعية العمومية ينص في البند الرابع على «الموافقة على زيادة رأسمال الشركة بمبلغ 122.2 مليون دينار دينار كويتي موزعة على 1.222 مليار سهم (...) بحيث تتم تغطية قيمة الاكتتاب بزيادة رأس المال من حساب الدائنين على دفعة واحدة مع تنازل المساهمين الحاليين عن حقهم بالاكتتاب لصالح شركة او اكثر ذات غرض خاص تعود منفعة ملكيتها بالكامل لصالح دائني الشركة...».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي