| د. تركي العازمي |
أنهيت دراسة الهندسة وحصلت على مرتبة الشرف، وتوجهت لحقل الإدارة العامة ونلت درجة التميز وأنهيت رحلة الدكتوراه بتوفيق من المولى عز شأنه بعد دراسة بحثية على كبرى شركات القطاع الخاص التقيت من خلالها قياديين يمثلون رموز القطاع الخاص الذي يفترض منه قيادة السياسة لأن الاقتصاد في العالم الغربي هو من يؤثر على القرارات التي يتخذها رجال السياسة لا العكس!
وبعد أن عملت لمدة تتجاوز 22 عاما في القطاعين الحكومي والخاص لاحظت أن واقع الحال الذي نعيشه يختلف عن معظم النظريات المطبقة في الغرب ولهذا نشاهد العجب العجاب في التعيينات في المناصب القيادية مما أثر سلبا على مستوى الخدمات التي يتلقاها المواطن المسكين!
فحلم الوصول إلى منصب قيادي لا يحق لأي كفاءة تتميز بالنزاهة والاحترافية التفكير في تحقيقها كون المسؤولية الاجتماعية الاخلاقية الملقاة على عاتق متخذ القرار متأثرة بعوامل عدة ولا يملك صاحب القرار الظاهر في الهيكل التنظيمي صفة اتخاذ القرار وفق قناعة سليمة!
وإذا أردت الوصول إلى منصب قيادي في القطاع الحكومي فلاببد أن تغير لون جلدك وسلوكك حسب «مزاج» مديرك ويتطلب الأمر أن تحصل على دعم من رجل ذي تأثير على صاحب القرار أو امرأة... المهم أن تتسلح بالـ «الواسطة»، مع شوية ضغط من نواب على الوزير كي يسهل لك الوصول... كلها مساومات ومصالح متبادلة إلا ما ندر!
أما في القطاع الخاص فلا منهجية تكنوقراط ولا الكفاءة هي المقياس في معظم المؤسسات لا سيما تلك التي تملك فيها الحكومة نسبة مؤثرة فقد تجد خريج آداب في منصب قيادي يتطلب خبرة فنية... وهنا تلعب المصالح دورا رئيسيا وإن كانت لك علاقة بأحد الملاك فـ «دربك خضر» ولهذا نجد هذا السلوك ماثلا في أحد أسباب تدني مستوى بعض الشركات التشغيلي!
إذاً، اخلاقيات المهنة غير معمول بها حتى وإن تم تدوينها مع قيم العمل في براويز تعلق على ممرات المؤسسة لأن طبيعة ممارسة اتخاذ القرار الفعلية غير مبنية على أسس تكافؤ الفرص... وعليك أن تنزع ثوب أخلاقيات المهنة وتتركه معلقا في غرفتك داخل منزلك ويفضل أن تلبس ثوب «النفاق» و«مسح الجوخ» وأن تبحث لك عن «واسطة» مؤثرة تضغط على أصحاب القرار كي لا تفقد مصلحتها معه!
هذا ما ذكرته لمستشار أحترمه عندما سألني عن سبب تدهور الأداء التشغيلي في مؤسسات الدولة العام منها والخاص، فالقيادي هو من يحدد رؤية المؤسسة ويرسم خطط العمل على المستويين القصير وطويل المدى وعندما يكون القيادي قد هبط على كرسي القيادة عبر براشوت «مستوى الارتياح» Level of Comfort.... ناهيك عن التمييز العائلي/ الشكلي المعمول به: كيف؟
الملاحظ ان المرشح الذي في آخر اسمه يظهر اسم القبيلة ومن المناطق الخارجية تجد اسمه خارج القائمة بالنسبة للقطاع الخاص ولأن القياديين حفظهم الله وهداهم لا يفهمون كيفية التعامل مع «مناطق البدوان» فتجدهم غير ملمين باحتياجاتهم... هذا هو السبب في مختصر مفيد ولو راجعوا الحكماء الأسماء لبطل العجب!
وعليه، لا بد من احترام الكفاءات ونبذ سياسة التمييز المتبعة في تعيين القياديين إن كنا نريد رؤية قياديين أصحاب فكر ورؤية يباشرون مهام عملهم وفق منظور أخلاقي وبالتالي سيتحسن الأداء... والله المستعان!
Twitter: @Terki_ALazmi
[email protected]