تقرير / «ورقة الإصلاحات» موضوع جديد يُشغل الساسة العراقيين

تصغير
تكبير
| بغداد - من حيدر الحاج |
لا يُشغل الأطراف السياسية العراقية هذه الأيام، سوى النقاش والجدل العقيم حيال ورقة الاصلاحات الشاملة التي أعدتها لجنة خاصة من داخل كتلة «التحالف الوطني»، أكبر تكتل برلماني داعم لتوجهات رئيس الوزراء نوري المالكي، من أجل تقديمها الى جبهة مناوئي الأخير بهدف ارضائهم وتخليهم عن فكرة سحب الثقة عن رئيس الحكومة.
فكثيرة هي اللقاءات والاجتماعات التي عقدت بين «أضداد وأنداد» العملية السياسية خلال الأسابيع الماضية، وتباحث خلالها ممثلو القوى السياسية وعدد من أعضاء الكتل النيابية حول بنود الورقة الاصلاحية التي بلغ عددها حسب احد البرلمانيين 70 فقرة يمكن أن تضاف لها بنود جديدة مستقبلا، للتطبيق على ثلاث مراحل (قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى).
ابرز تلك اللقاءات جمعت رئيس كتلة «التحالف الوطني» ابراهيم الجعفري برئيس البرلمان أسامة النجيفي احد أركان ائتلاف «العراقية» النيابي بزعامة اياد علاوي، وكذلك مع فؤاد معصوم رئيس كتلة «التحالف الكردستاني»، اذ تباحث معهم كل على حدة السُبل الكفيلة بتوحيد المواقف تجاه عملية الاصلاح السياسي المنتظرة.
الجعفري وهو رئيس وزراء سابق، أكد أخيرا ان ورقة الاصلاح ستتضمن ثلاثة ملفات رئيسية، الأول سيهتم بالمناصب الشاغرة في الكابينة الحكومية والمناصب الأخرى وكيفية اشغالها، والملف الثاني سيتعلق بمسألة اعتماد آلية التوازن في هيكلية مؤسسات الدولة، بينما الثالث سيخصص في شكل عام لمناقشة الخلافات القائمة بين مختلف الفرقاء وسبل حلحلتها.
ومنذ بدء الحديث عن «خريطة طريق» لتنفيذ اصلاحات حكومية مطلوبة من قبل معارضي المالكي وشركائه على حد سواء، عولت أطراف مقربة من رئيس الوزراء على هذه الخطوة الاصلاحية كثيرا بهدف حلحلة الأزمة السياسية الناشبة في البلاد منذ شهور.
في المقابل، لم تعر الأطراف المناهضة لتوجهات رئيس الحكومة أي أهمية تذكر لما يجري الحديث عن سلسلة أهداف منتظرة في طريق الاصلاح الطويل، حتى ان تلك الأطراف سبقت صدور النتائج المنشودة بتوقعات تشاؤمية.
الفريق المعول على الاصلاحات صدحت حناجر أعضائه أناء الليل وأطراف النهار بالمشروع الاصلاحي الذي يقولون ان رئيس الوزراء بدآه فعليا من خلال تقديمه لأسماء مرشحين لشغل المناصب الوزارية للحقائب الأمنية التي لا تزال شاغرة منذ عامين ونصف العام، وهو عمر تشكيل الحكومة الحالية.
ويقول عباس البياتي احد النواب المقربين من المالكي، ان «رئيس الوزراء عازّم فعليا على تنفيذ جملة من الاصلاحات التي لطالما كانت تمثل له أولوية يجب تنفيذها، قبل ان تكون مطلباً آنياً للقوى المعارضة لسياساته وتوجهاته».
تصريحات البياتي يعتبرها معسكر المناوئين لرئيس الحكومة «تهليلا» لواجبات لم يجر تنفيذها حتى الآن، اذ يقول هاني عاشور مستشار قائمة علاوي تعليقا على الترويج المكثف لهذه الخطوة التي لا تزال في بداياتها، ان «ورقة الاصلاحات في طريقها الى الفشل، حيث لم يتم الاتفاق عليها حتى داخل كتلة التحالف الوطني نفسها»، جازما بأنها لن ترى النور ولن تطرح على طاولة حوار القوى السياسية.
وأضاف، ان «ورقة الاصلاح ليست أكثر من محاولة لتذويب الأزمة، والحكومة غير جادة بالتعامل معها، وهو ما يمكن أن يعيد الأزمة الى المربع الأول»، مؤكدا انها «أصبحت ورقة لكسب الوقت وليس للاصلاحات».
هذه اللغة التشاؤمية التي سبق لحنجرة المستشار عاشور أن صدحت بها مطلع الشهر الجاري عندما كشف النقاب عن مساع سياسية لتبديل مشروع عزل المالكي من منصبه بورقة اصلاحات شاملة، جاءت أيضا على لسان نواب من كتل أخرى بعضهم ينتمي الى الكتلة نفسها صاحبة فكرة الاصلاحات.
اذ كشف النائب عدي عواد عن كتلة «الأحرار» احد الفصائل البرلمانية المنضوية تحت لواء «التحالف الوطني»، عن خلافات داخلية بين مكونات التحالف البرلماني ذات الصبغة الشيعية حيال تفاصيل الورقة الاصلاحية.
وقال ان «المشاكل والخلافات داخل التحالف الوطني لم تسهم بالخروج بورقة موحدة للاصلاح، لغاية الآن... واذا كانت ورقة الاصلاح جدية فيجب ان تتضمن فقرة تحديد الرئاسات الثلاث بولايتين لجعل الورقة ذات قوة وحل جذري للمشاكل التي يعاني منها العراق».
وتشترط أطراف برلمانية عدة من بينها كتلة «الأحرار» الجناح النيابي للتيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشاب مقتدى الصدر، قبولها ورقة الاصلاحات ودعم التوجهات لتنفيذها، بضرورة تضمينها فقرة يتم فيها الاتفاق على تحديد ولاية الرئاسات الثلاث في البلاد (الجمهورية، الوزراء، البرلمان) بدورتين فقط وهو ما تعترض عليه الكتلة النيابية الداعمة للمالكي لكون مسألة تحديد ولاية رئاسة الوزراء غير محددة في الدستور.
ومع هذا الجدل والتضارب في المواقف الذي دائما ما يتجدد، تبقى الساحة السياسية ترزح تحت وطأة خلافات كبيرة بين أقطاب السياسة لتتضارب المواقف بين الأطراف المتنازعة، فجهة تؤكد استمرار جهود سحب الثقة وأخرى تقول ان الأمر أصبح من الماضي وسيعوض عنه بتنفيذ اصلاحات شاملة، ليبقى الزمن وحده الفيصل في حسم الامر.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي