| د. تركي العازمي |
التقيت يوم السبت الموافق 14 يوليو 2012 في لندن مجموعة من الأحبة لهم احترام على المستوى الشخصي أما الفكري فلا توافق بيننا... هم من مؤيدي انتخابات بصوتين وشعرت بأنهم «متحاملين زيادة» على مجموعة الغالبية ودار حديث وجدال أشبه بالجدال حول «من هو الأول البيضة أم الدجاجة»!
ولو انني «شوية» عاتب على الغالبية ولكن توجهاتهم المبنية على قواعد دستورية فأنا أجد نفسي رافعا قبعتي لهم... فالدستور ومكافحة الفساد الإداري أمر لا يجب أن يمس وأبديت تحفظي على بعض أعضاء الغالبية لمعرفتي المسبقة بسلوكياتهم من جهة ولأنهم يبالغون من جهة اخرى في طرحهم!
وقلت للأخوة... أنتم في لندن أم الحريات فلم الجزع من ممارسة ديموقراطية تنادي بها الغالبية؟ وأنتم هنا تقضون وقتكم وتجدون كل ما تحتاجونه من دراسة، علاج، ونزهة جميلة وحرية مسؤولة وهنا في بريطانيا الممارسة الديموقراطية لا سقف لها سوى ذات الملكة وخلاف ذلك لك الحق في التوجه إلى الهايد بارك وإبداء رأيك في منتهى الحرية بينما الوضع في الكويت مختلف فأنتم ترفعون سقف مطالبكم وتريدون العبث في خارطة تفكيرنا وحتى في طريقة التصريح والحديث!
وسألتهم سؤالاً واحداً ومحدداً: « هل تتفضلون وتأتوا لي باسم مسؤول تمت محاسبته على تقصيره؟»، وأنتم مع خالص تقديري على معرفة بأوجه الفساد لكن ثقافتكم لا تسمح بمحاسبة ممن هم في إطاركم الفكري منسجمين قلبا وقالبا!
لم أجد الإجابة... ولن تكون هناك إجابة ما دمنا نبني اختلافنا على الأشخاص ونتجاهل القضايا محل الخلاف!
لن تأتي البيضة قبل الدجاجة ولن تجد الدجاجة قبل البيضة.. ونحن لنا دستور 1962 وإن كان لا بد من تعديله للأحسن ورفع سقف المطالب لتكون المساءلة دستورية والمحاسبة فورية متى ما وجد الخلل وعرف المتسبب في تدهور أوضاعنا فلم لا!
والسقف الذي ترفعونه وذلك السقف الذي ينادي به أعضاء الغالبية هو سقف نملكه نحن جميعا وإن هبط السقف فلن نجد «مهندسا» عفوا «مستشارا» يستطيع إصلاحه ولنا في العقود الماضية زمن ولى وترك لنا آثاره وعجزنا عن علاج تداعياته: لماذا؟
العجز هنا سببه عدم تقبل بعضنا الآخر، فأنتم لكم أقلامكم ووسائلكم الإعلامية وهم لهم مساحة شعبية بسيطة وإعلامية يناشدون من خلالها الإصلاح! ونتحرك نحن خلال مساحة مقيدين فيها ووجهات نظرنا لا تصل لأننا بعيدون كل البعد عن أصحاب القرار لأنهم ببساطة منهمكون في إيجاد حل للصراعات الجانبية!
لو كان الأمر بيدي، فإن أول أمر أقوم به هو عمل استفتاء شعبي حول الوضع القائم، وإنشاء جهاز خاص يلتقي بالعاملين كافة في مؤسسات الدولة ويستأنس برأيهم حول فعالية القياديين وبالتالي وضع تصور حول ما يطلق عليه القيادة الخفية التي تدار من خلالها مؤسساتنا!
يجب أن يكون العمل منهجيا... عمل مؤسسي لا يخضع لأهواء القادة، وقانون «من أين لك هذا؟» واجب إيجاده كي لا تذهب مواردنا المالية والبشرية إلى مصير المجهول بسبب التصفيات!
إدارة شؤون الدولة بحاجة لميثاق شرف فيه مصلحة الوطن هي السقف الذي ترفع من خلاله المطالب لا أن ترفع المطالب تلبية لأجندة تخدم مصلحة محركيها!
اتركوا لنا سقف المطالب الدستورية.. امنحونا الحرية المسؤولة... ولا تتركونا نسير وفق منهجية «إما معي وإلا فأنت ضدي»... والله المستعان!
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi