لأننا نتقن الصمت
| بقلم فواز الحارثي |
وحده ذلك الصباح كان منصفا عندما منحنا وقتا
طويلا لترويض حبالنا الصوتية على الصراخ ،حيث جعلها تخضع لعملية تمرين متعاقبة استعداد لحدوث حالة طارئة تستدعي استنزاف الكلام في آوانه،
بريء جدا من تهمة الشنق المفاجئة التي تعرضت لها الكلمات في سقف الحلق، وإذ بها تموت في حنجرة أشبه بمقبرة يدفن فيها كل الكلام،
وكأن ذاك الصباح الذي أنهكت فيه تلك الحبال على التمرين مجرد عبث.
ثمة خيبات تهزمنا لنتفاجأ أن حبالنا الصوتية علقت على مشاجب الصمت وأن الشفتين تشيع الآن جنائز حديث لم يتفوه به البته، لنعلن وقتها أن الصمت هو اللغه الرسمية التي نتحدث بها دون صوت، وأنها ليست مجرد لغة تليق بنا ونليق بها، بل فرض سابع نؤمن به ونجعل له هيمنة طاغية علينا.
فنحن في مدينة شوارعها تحرض على انتشار هذه اللغة واستهلاكها بأكبر قدر ممكن، تدعوك للصوم عن لذيذ الكلام مذ بزوغ الخيط الأبيض حتى دلوك الشمس ولا تفطر أبدا لنبقى في حالة جوع مستمر، نجم عنها مجاعة فادحة للكلمة أكسبتنا تلك النحاف التي تجعلنا على قدر كبير من الأناقة عندما نرتدي الصمت ثوبا ضيقا يكشف عن خاصرة الكلمات التي لم يستطع الوقت أن يستنطقها.
أن هذا الزهد الكبير في الكلام خلق بدواخلنا العفة، فلم يحدث أن تسولنا، وطرقنا الأبواب حديث لله يامحسنين، حديث لله يامحسنين.
فقد أكسبنا الصمت وجاهة وغنى وكفى به وجيها.
وحده ذلك الصباح كان منصفا عندما منحنا وقتا
طويلا لترويض حبالنا الصوتية على الصراخ ،حيث جعلها تخضع لعملية تمرين متعاقبة استعداد لحدوث حالة طارئة تستدعي استنزاف الكلام في آوانه،
بريء جدا من تهمة الشنق المفاجئة التي تعرضت لها الكلمات في سقف الحلق، وإذ بها تموت في حنجرة أشبه بمقبرة يدفن فيها كل الكلام،
وكأن ذاك الصباح الذي أنهكت فيه تلك الحبال على التمرين مجرد عبث.
ثمة خيبات تهزمنا لنتفاجأ أن حبالنا الصوتية علقت على مشاجب الصمت وأن الشفتين تشيع الآن جنائز حديث لم يتفوه به البته، لنعلن وقتها أن الصمت هو اللغه الرسمية التي نتحدث بها دون صوت، وأنها ليست مجرد لغة تليق بنا ونليق بها، بل فرض سابع نؤمن به ونجعل له هيمنة طاغية علينا.
فنحن في مدينة شوارعها تحرض على انتشار هذه اللغة واستهلاكها بأكبر قدر ممكن، تدعوك للصوم عن لذيذ الكلام مذ بزوغ الخيط الأبيض حتى دلوك الشمس ولا تفطر أبدا لنبقى في حالة جوع مستمر، نجم عنها مجاعة فادحة للكلمة أكسبتنا تلك النحاف التي تجعلنا على قدر كبير من الأناقة عندما نرتدي الصمت ثوبا ضيقا يكشف عن خاصرة الكلمات التي لم يستطع الوقت أن يستنطقها.
أن هذا الزهد الكبير في الكلام خلق بدواخلنا العفة، فلم يحدث أن تسولنا، وطرقنا الأبواب حديث لله يامحسنين، حديث لله يامحسنين.
فقد أكسبنا الصمت وجاهة وغنى وكفى به وجيها.