من عيون الشعر / أثر الأحقاد في قلوب العباد
| فهد حمود الحيص |
الحِقْدُ... إِمساك العداوة في القلب والتربص لِفُرْصَتِها. والحِقْدُ الضِّغْنُ، والجمع أَحقاد وحُقود، وهو الحقِيدَةُ، والجمع حقائد. ويقال فلان أحقد من جمل أي أنه يحمل الحقد لسنين عديدة كما يقول الشاعر قد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هيا، وعكس ذلك التغاضي والتجاوز والمسامحة فهي من خصال الأشراف يقول أبو فراس
تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوة ً بِمَفْرِقِ أغْبَانَا حَصى ً وَتُرَابُ.
ويقول المقنع الكندي بعد أن أكثر قومه عليه اللوم والعتاب فلم يجازيهم إلا بالإحسان. ولم يحمل الحقد القديم عليهم وليس كريم القوم من يحمل الحقدا:
يُعاتِبُني في الدينِ قَومي وَإِنَّما
دُيونيَ في أَشياءَ تُكسِبُهُم حَمدا
أَلَم يَرَ قَومي كَيفَ أوسِرَ مَرَّة
وَأُعسِرُ حَتّى تَبلُغَ العُسرَةُ الجَهدا
فَما زادَني الإِقتارُ مِنهُم تَقَرُّباً
ثُغورَ حُقوقٍ ما أَطاقوا لَها سَدّا
وَفي جَفنَةٍ ما يُغلَق البابُ دونها
مُكلَّلةٍ لَحماً مُدَفِّقةٍ ثَردا
وَفي فَرَسٍ نَهدٍ عَتيقٍ جَعَلتُهُ
حِجاباً لِبَيتي ثُمَّ أَخدَمتُه عَبدا
وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي
وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفٌ جِدّا
أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُمُ
دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُم شَدّا
فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم
وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا
وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم
وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا
وَلَيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ
دَعوني إِلى نَصيرٍ أَتَيتُهُم شَدّا
وَإِن زَجَروا طَيراً بِنَحسٍ تَمرُّ بيد
زَجَرتُ لَهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِم سَعدا
وَإِن هَـبطوا غوراً لِأَمرٍ يَسوؤني
طَلَعتُ لَهُم ما يَسُرُّهُمُ نَجدا
فَإِن قَدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُني
قَدَحتُ لَهُم في نار مكرُمةٍ زَندا
وَإِن بادَهوني بِالعَداوَةِ لَم أَكُن
أَبادُهُم إِلّا بِما يَنعَت الرُشدا
وَإِن قَطَعوا مِنّي الأَواصِر ضَلَّةً
وَصَلتُ لَهُم مُنّي المَحَبَّةِ وَالوُدّا
وَلا أَحمِلُ الحِقدَ القَديمَ عَلَيهِم
وَلَيسَ كَريمُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقدا
فَذلِكَ دَأبي في الحَياةِ وَدَأبُهُم
سَجيسَ اللَيالي أَو يُزيرونَني اللَحدا
لَهُم جُلُّ مالي إِن تَتابَعَ لي غَنّى
وَإِن قَلَّ مالي لَم أُكَلِّفهُم رِفدا
وَإِنّي لَعَبدُ الضَيفِ ما دامَ نازِلاً
وَما شيمَةٌ لي غَيرُها تُشبهُ العَبدا
عَلى أَنَّ قَومي ما تَرى عَين ناظِرٍد
كَشَيبِهِم شَيباً وَلا مُردهم مُردا
بِفَضلٍ وَأَحلام وجودٍ وَسُؤدُد
وَقَومي رَبيع في الزَمانِ إِذا شَدّا
وفي عكس ذلك إذا بدت البغضاء والتناحر:
مهلا بني عمنا مهـلا موالينـا
لا تنبشوا بيننا ما كان مدفـونا
لا تطعموا أن تهينونا و نكرمكم
وأن نكف الأذى عنكم و تؤذونا
مهلا بني عمنا عن نحت أثلتنا
سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا
الله يـعـلـم أنا لا نـحبـكم
ولا نـلومـكـم ألا تحـبـونا
كل له نية في بغض صاحـبه
بنعـمة الله نقلـيكم و تقـلونا
* كاتب ومهندس
[email protected]
الحِقْدُ... إِمساك العداوة في القلب والتربص لِفُرْصَتِها. والحِقْدُ الضِّغْنُ، والجمع أَحقاد وحُقود، وهو الحقِيدَةُ، والجمع حقائد. ويقال فلان أحقد من جمل أي أنه يحمل الحقد لسنين عديدة كما يقول الشاعر قد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هيا، وعكس ذلك التغاضي والتجاوز والمسامحة فهي من خصال الأشراف يقول أبو فراس
تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوة ً بِمَفْرِقِ أغْبَانَا حَصى ً وَتُرَابُ.
ويقول المقنع الكندي بعد أن أكثر قومه عليه اللوم والعتاب فلم يجازيهم إلا بالإحسان. ولم يحمل الحقد القديم عليهم وليس كريم القوم من يحمل الحقدا:
يُعاتِبُني في الدينِ قَومي وَإِنَّما
دُيونيَ في أَشياءَ تُكسِبُهُم حَمدا
أَلَم يَرَ قَومي كَيفَ أوسِرَ مَرَّة
وَأُعسِرُ حَتّى تَبلُغَ العُسرَةُ الجَهدا
فَما زادَني الإِقتارُ مِنهُم تَقَرُّباً
ثُغورَ حُقوقٍ ما أَطاقوا لَها سَدّا
وَفي جَفنَةٍ ما يُغلَق البابُ دونها
مُكلَّلةٍ لَحماً مُدَفِّقةٍ ثَردا
وَفي فَرَسٍ نَهدٍ عَتيقٍ جَعَلتُهُ
حِجاباً لِبَيتي ثُمَّ أَخدَمتُه عَبدا
وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي
وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفٌ جِدّا
أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُمُ
دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُم شَدّا
فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم
وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا
وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم
وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا
وَلَيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ
دَعوني إِلى نَصيرٍ أَتَيتُهُم شَدّا
وَإِن زَجَروا طَيراً بِنَحسٍ تَمرُّ بيد
زَجَرتُ لَهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِم سَعدا
وَإِن هَـبطوا غوراً لِأَمرٍ يَسوؤني
طَلَعتُ لَهُم ما يَسُرُّهُمُ نَجدا
فَإِن قَدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُني
قَدَحتُ لَهُم في نار مكرُمةٍ زَندا
وَإِن بادَهوني بِالعَداوَةِ لَم أَكُن
أَبادُهُم إِلّا بِما يَنعَت الرُشدا
وَإِن قَطَعوا مِنّي الأَواصِر ضَلَّةً
وَصَلتُ لَهُم مُنّي المَحَبَّةِ وَالوُدّا
وَلا أَحمِلُ الحِقدَ القَديمَ عَلَيهِم
وَلَيسَ كَريمُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقدا
فَذلِكَ دَأبي في الحَياةِ وَدَأبُهُم
سَجيسَ اللَيالي أَو يُزيرونَني اللَحدا
لَهُم جُلُّ مالي إِن تَتابَعَ لي غَنّى
وَإِن قَلَّ مالي لَم أُكَلِّفهُم رِفدا
وَإِنّي لَعَبدُ الضَيفِ ما دامَ نازِلاً
وَما شيمَةٌ لي غَيرُها تُشبهُ العَبدا
عَلى أَنَّ قَومي ما تَرى عَين ناظِرٍد
كَشَيبِهِم شَيباً وَلا مُردهم مُردا
بِفَضلٍ وَأَحلام وجودٍ وَسُؤدُد
وَقَومي رَبيع في الزَمانِ إِذا شَدّا
وفي عكس ذلك إذا بدت البغضاء والتناحر:
مهلا بني عمنا مهـلا موالينـا
لا تنبشوا بيننا ما كان مدفـونا
لا تطعموا أن تهينونا و نكرمكم
وأن نكف الأذى عنكم و تؤذونا
مهلا بني عمنا عن نحت أثلتنا
سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا
الله يـعـلـم أنا لا نـحبـكم
ولا نـلومـكـم ألا تحـبـونا
كل له نية في بغض صاحـبه
بنعـمة الله نقلـيكم و تقـلونا
* كاتب ومهندس
[email protected]