د. وائل الحساوي / نسمات / اقترب النصر

تصغير
تكبير
كان الديكتاتور الروسي جوزيف ستالين الذي حكم روسيا منذ عام 1927 وحتى 1953 بالحديد والنار يكرر عبارة: موت رجل حادث مأسوي، موت الملايين مسألة إحصائية وقد اختلف المحللون في عدد من قتلهم خلال حكمه فقد قدرتهم المخابرات الروسية بأنهم لا يقلون عن 36 مليون مواطن روسي، بينما قدرهم الاديب الروسي (سولزنيتين) الحاصل على جائزة نوبل بأنهم 66 مليوناً.

ان قائمة الطغاة في التاريخ طويلة ومنهم نيرون الامبراطور الروماني وجنكيز خان وهولاكو وتيمور لنك وايفان الرهيب وروبسين طاغية فرنسا وهتلر وموسوليني وتشاوتشيسكو، وبلادنا لم تخل من عباقرة متميزين امثال هؤلاء الطغاة مثل صدام حسين والقذافي وغيرهم.

بل ان من يقرأ تاريخنا القديم ليجد العجب العجاب من الفرق الباطنية - التي تظهر الاسلام وتبطن الكفر، ومنهم القرامطة الذين يبطنون المجوسية، وقائدهم هو عبدالله بن ميمون القداح ثم ابو طاهر الذي هاجم مكة المكرمة العام 319 هـ وفتك بالحجاج وهدم زمزم، وملأ المسجد بالقتلى واقتلع الحجر الاسود وسرقه إلى الإحساء وكان ينادي عند الكعبة: اين الطير الابابيل، اين الحجارة من سجيل؟! واسترجعه المسلمون بعد عشرين سنة ودمروا دولته، ومنهم الحشاشون الذين كانوا يعاقرون الحشيش والمخدرات والمسكرات ويتفنون في الاغتيالات السياسية ضد حكام المسلمين وامرائهم وكان لديهم الكثير من القلاع واشهرها قلعة الموت التي كان حكامهم يأمرون اتباعهم بالقفز منها والموت طاعة لهم الى ان قضى عليهم الظاهر بيبرس، وجميع تلك الفرق هي من الاسماعيلية الباطنية.

لا شك ان مجزرة الحولة التي وقعت قبل ايام على ايدي النظام السوري الباطني قد اقشعرت لها جلودنا وقلوبنا وفتح العالم فاه غير مصدق ان يحدث مثل ذلك في هذا العالم المتحضر وبأيدي جيوش انفق عليها السوريون دم قلوبهم ليكونوا حماة له ضد العدوان الخارجي فإذا بهم يسخرون قوتهم وسلاحهم لذبحه وتقطيع اوصاله وذبح اطفاله ونسائه.

ولا شك ان قتل اكثر من 15 الف من ابناء سورية واعتقال الآلاف والتعذيب وغيره، لا شك انه امر مؤلم وشديد على النفس، لكن لا بد ان ندرك امور عدة:

اولا: ان هذه ضريبة لا بد ان تدفعها الشعوب لكي تحصل على حريتها فالحرية تؤخذ ولا تعطى، لقد قص علينا القرآن الكريم قصة اصحاب الاخدود الذين ألقى الملك بالآلاف منهم جميعا في النار المشتعلة لرفضهم الاذعان لعبادته فصبروا.

ولله در الشاعر احمد شوقي رحمه الله حيث يقول:

سلام من صباح بردى أرق

ودمع لا يكفكف يا دمشق

وقفتم بين موت او حياة

فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا

وللأوطان في دم كل حر

يد سلفت ودين مستحق

ومن يسقي ويشرب بالمنايا

اذا الاحرار لم يُسقَوا ويَسُقوا

ولا يبني الممالك كالضحايا

ولا يدني الحقوق ولا يُحق

ففي القتلى لأجيال حياة

وفي الاسرى فدى لهم وعتق

وللحرية الحمراء باب

بكل يد مضرجة يدق

جزاكم ذو الجلال بني دمشق

وعز الشرق اوله دمشق

ثانيا: ان النصر لا بد قادم بإذن الله تعالى مهما طال الزمن واشتد الخطب وهي سنة كونية لا تتخلف، وها نحن نرى الجبهة السورية للمقاومة، تشتد يوما بعد يوم وتحقق الانتصارات على المجرمين، ومن اكبر الادلة على قرب النصر هو ان الشعب السوري بجميع افراده قد هب هبة واحدة ليبين رفضه لهذا النظام المجرم بالرغم من آلة القمع الرهيبة وبالرغم من الآلة الاعلامية السورية القوية التي تحاول التغطية على الثورة، فلا يمكن لحاكم ان يستمر في قمع شعبه اذا رفض الشعب ذلك.

ثالثا: ان ما يجري اليوم في سورية هو عبارة عن دروس قيمة نحن بأشد الحاجة إليها ومنها كشف حقيقة تلك الفرق الباطنية التي خدعت شعوبها زمنا طويلا وتسببت في جميع هزائمه وانتكاساته، وصورت له بأنها حامية البوابة الشرقية ضد الاعداء وان لها رسالة مقدسة وانها البعث الجديد، فقتلت ونهبت في لبنان بمباركة عربية ثم تحولت الى العراق لتتآمر على اهله وتقتل، وتعاونت مع جميع المستعمرين والطامعين وتحصل على مباركة ايران وروسيا في قتل ذلك الشعب الاعزل.

رابعا: كذلك فقد انفضح الدور الغربي والشرقي الذي يضع مصالحه فوق كل شيء ويتخلى عن حلفائه دون خجل، واذا كانت روسيا والصين واضحتين منذ البداية في تقديم مصالحهما على قضايا الشعوب، فإن النفاق الاميركي والاوروبي كان مثارا للعجب، فبعد اكثر من 15 شهرا مازال اوباما يهدد بأن صبرهم قد نفد وانهم لن يسكتوا عما يحدث للشعب السوري واخيرا تحرك اوباما لإرسال مئات المراقبين لا لإيقاف العنف ضد المدنيين ولكن ليضمن ألا تقع الاسلحة المدمرة التي يملكها النظام في ايدي الارهابيين.

اما الرئيس الفرنسي فقد ابدى استعداده للعمل العسكري اذا توافق عليه الجميع - وهو شرط ممتنع.

ان نهاية الطغاة قد قربت بإذن الله ولكن لابد ان تقوم شعوبنا بدورها من الوحدة والتكاتف والتخطيط وقبلها الاستعانة بالله وحده (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم).



د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي