«داو» فازت بالتعويض في قرار تحكيم نهائي غير قابل للاستئناف

إلغاء «كي- داو» يكلّف الكويت 2.16 مليار دولار

تصغير
تكبير
| كتب إيهاب حشيش |

ستدفع الكويت 2.16 مليار دولار أميركي مقابل «لا شيء»، عدا «الفوائد والتكاليف»، بعد أن خسرت أمس قرار التحكيم النهائي في النزاع مع شركة «داو كيميكال» حول إلغاء عقد شراكة «كي داو» في ديسمبر 2008.

الخسارة الثقيلة تزيد على ثلث المبلغ الذي كان على الكويت أن تدفعه قبل أربع سنوات (6 مليارات دولار) للحصول على نصف أسهم «كي- داو» التي كان من المفترض أن تضم مصانع بقيمة 17.4 مليار دولار في ذلك الوقت، عملاً بان هذه المصانع حققت أرباحاً تزيد على كامل قيمة الصفقة منذ ذلك الوقت حتى الآن. وهكذا تكون الكويت قد تجرّعت الخسارة مرتين.

وصدر القرار عن هيئة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC) التي احتكمت إليها «داو كيميكال» والكويت، ممثلة بشركة صناعة الكيماويات البترولية (PIC)- التابعة لمؤسسة البترول الكويتية - باعتبارها الطرف الموقّع على شراكة «كي داو».

وفي تقدير مصادر مطلعة أن القضية لا تنتهي عند صدور قرار التحكيم، بل ربما لا يكون هذا القرار إلا البداية الجدية للتفاوض. فما زال هناك وقت كافٍ للتفاوض، قد يمتد حتى سنة، قبل صدور الصيغة التنفيذية للقرار من المحاكم الكويتية.

وهناك سوابق عديدة لتسويات ودية يتم فيها التخلي عن جزء كبير من التعويضات التي يقرها التحكيم.

وبالتأكيد لدى الكويت أوراق كثيرة صالحة للاستخدام في العلاقة مع «داو»، خصوصاً أن الشراكات كثيرة بين الطرفين، وليس من مصلحة أي منهما السير في المواجهة حتى النهاية. وليس أدل على ذلك من أن «داو» سارعت إلى الإعلان في بيانها أن «الشراكة التي تجمع بين داو ودولة الكويت، وتضم عدداً من المشاريع المشتركة الرائدة في القطاع، سوف تبقى قوية كسابق عهدها».



«الكيماويات البترولية»



وأقرت شركة صناعة الكيماويات البترولية أنها تلقت إشعاراً من غرفة التجارة الدولية بصدور قرار التحكيم.

وأكدت رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة الكيماويات البترولية مها ملا حسين لـ «الراي» أن الحكم الصادر من التحكيم في قضية «داو» بالتعويض بمبلغ 2.16 «محل تفاوض مع مؤسسة البترول الكويتية لبحث سبل الدفع في حال صدور الصيغة التنفيذية النهائية، مؤكدة أن «هناك مباحثات مستمرة مع المستشارين القانونيين القائمين على هذا الملف».

وأوضحت مها ملا حسين أن بند الـ «2.5 مليار دولار لم يكن شرطاً جزائياً بل كان حداً أعلى للمطالبات في حال الخلاف»، مؤكدة أن الصيغة التنفيذية النهائية لم تصل للشركة.

وأكدت أن الشركة «اتخذت كل الإجراءات القانونية والرسمية قبل المضي في هذا المشروع، والإلغاء كان سيادياً وهو ما ينفي مسؤولية الشركة عن هذا القرار».

وفي بيان نشرته «كونا»، قالت ملا حسين ان «الكيماويات البترولية» لم تتمكن من تنفيذ اتفاقية المشاركة الموقعة في نوفمبر 2008 مع «داو كيميكال»، بعد صدور قراري مجلس الوزراء الكويتي والمجلس الأعلى للبترول اللذين اتخذا أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية في نهاية 2008، ولذلك أقامت (داو كيميكال) قضية للتحكيم طبقا لبنود اتفاقية المشاركة في أوائل عام 2009».

واضافت حسين ان إدارة الشركة بذلت جهودا كبيرة بالترافع في هذه القضية من خلال محاميها الدوليين والمحليين والمكاتب الاستشارية الدولية لدحض مطالبات «داو كيميكال» ما كان له «الأثر في تخفيض قيمة التعويض عن المبلغ الذي طالبت به (داو كيميكال)». واوضحت ان المبلغ الذي طالبت به «داو كيميكال» يفوق بكثير 2.5 مليار دولار، مشيرة الى ان ادارة الشركة تبحث مع محاميها جميع الاجراءات القانونية المتاحة.



تفاصيل التعويض



وأوضحت مصادر نفطية في شركة الكيماويات البترولية أن هذا المبلغ الضخم يمثّل مجموع بنود الخسائر التي زعمت «داو» أنها تكبدتها من هذا الإلغاء، إذ إنها، كما تقول «اضطرت إلى بيع أصول في هذا التوقيت لإتمام صفقة كانت تنوي الدخول بها مع شركة «روم أند هاس» وكذلك اضطرارها إلى الحصول على قروض بفوائد مرتفعة».

وأضافت المصادر أن السقف الأعلى للتعويض المنصوص عليه في العقد، والبالغ 2.5 مليار دولار، والذي لم تصل إليه قيمة التعويض حمى الكويت من المطالبة بكامل قيمة الصفقة كتعويض.

وعلى الجانب الآخر، قالت مصادر أخرى إن خسارة الكويت لم تقف عند الـ 2.106 مليار بل تتعداها إلى الربح الفائت من المصانع التي كانت تشكل صفقة «كي داو» التي قاربت 7 مليارات دولار منذ ذلك الحين، في حين كانت الدراسات التحفظية التي تمت على أساسها الموافقات من جميع الجهات الرسمية لا تتعدى نصف هذه الأرباح.

وقالت المصادر إن هناك أكثر من سيناريو يتم التباحث بشأنه مع وزارة المالية ومؤسسة البترول لافتة إلى أن تنفيذ القرار يتطلب صيغة تنفيذية من المحاكم الكويتية، وهو ما يتطلب فترة قد تمتد إلى عام، يمكن خلالها التباحث مع شركة داوكيمكال للتوصل إللى صيغة تنفيذية من شأنها ألا تمثل ضغطاً على الشركة والمؤسسة.



«داو»



وكانت «داو» قد أصدرت بياناً أشارت فيه إلى أنه «بموجب شروط عملية التحكيم، فإن هذا القرار غير قابل للاستئناف».

وبينت «داو» أنها كانت قد اتفقت مع شركة صناعة الكيماويات البترولية «على تسوية خلافاتهما التعاقدية عن طريق اللجوء للتحكيم أمام غرفة التجارة الدولية، التي تضم خبراء قانونيين بارزين يتمتعون بخبرة كبيرة في حل النزاعات التجارية ذات القيمة العالية»، مشيرة إلى أن «هذا القرار نهائي ومُلزم التنفيذ».

وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس إدارة شركة داو ورئيسها التنفيذي أندرو ليفيريس «تمثل النتيجة التي توصلت إليها المحكمة قراراً يضع حداً لهذه القضية. وسوف نواصل تركيزنا على المضي قدماً في تنفيذ استراتيجيتنا التحولية، وتعزيز شراكاتنا التجارية المربحة في الكويت ومختلف أنحاء العالم».

وأكدت «داو» أنها «تعمل في الكويت منذ ما يقرب من 40 عاماً. وسوف تبقى الشراكة التي تجمع بين داو ودولة الكويت، وتضم عدداً من المشاريع المشتركة الرائدة في القطاع، قوية كسابق عهدها، وسوف تواصل تحقيق الفائدة المتبادلة لكلا الطرفين».

 



من الخاسر الأكبر ?



صحيح أن الخسارة وقعت على المال العام الكويتي أولاً وأخيراً في قرار التحكيم، لكن الأكيد أن الأطراف المحلية المعنية ستتقاذف تهم المسؤولية عن هذه الخسارة، وكل حجته:

- شركة صناعة الكيماويات البترولية أول من قال حجته: المسؤولية لا تقع علينا بل على مجلس الوزراء ومجلس إدارة مؤسسة البترول اللذين ألغيا العقد.

- الحكومة السابقة التي اتخذت القرار لم تعد موجودة، لكن أشخاصها يستطيعون الدفع بأنهم أجبروا على اتخاذ قرار إلغاء الشراكة من دون قناعة منهم، تحت الضغط النيابي الشديد والتلويح بالاستجوابات.

- النواب الذين ضغطوا لإلغاء العقد سيتهمون القطاع النفطي بالتهاون في الدفاع أمام غرفة التحكيم، كما سيصوّبون على من سمح بوجود هذا البند الجزائي المرتفع في العقد، علماً أن «الكيماويات البترولية» تنفي أن يكون الأمر بنداً جزائياً، «بل سقفاً للمطالبات».





ملا حسين ل « الراي »:



• الإلغاء كان قراراً سيادياً لا نتحمل مسؤوليته

• نفاوض

«مؤسسة البترول» لبحث سبل الدفع

لأن المبلغ كبير

ولا تتحمله «الكيماويات»

• بذلنا جهوداً كبيرة بالترافع من خلال محامين دوليين ونجحنا

في تخفيض

مبلغ التعويض






الهاجري: ندفع ثمن التدخل السياسي

وضعف القدرة التفاوضية والقانونية



كتب إيهاب حشيش :

أكد عضو المجلس الأعلى للبترول محمد حمود الهاجري في أن قرار التحكيم في قضية كي داو بتغريم الكويت 2.16 مليار دولار سببه «التدخل السياسي في أعمال القطاع النفطي، والذي كان أحد الأسباب الرئيسية لعدم الاستمرار في الصفقة»، لكنه اعتبر أن «الخطأ تتحمله الحكومة السابقة لانصياعها وراء الصياح النيابي»، لافتاً إلى استقالة 3 من أعضاء الأعلى للبترول نتيجة هذه التدخلات وقتها.

وأوضح الهاجري في تصريح خاص لــ «الراي» أن «الإخوة في البرلمان لم يعطوا بعض الامور ذات الطبيعة الحساسة وذات الطبيعة الدولية حقها مثلما يحدث مع الهيئة العامة للاستثمار»، مشيراً إلى أن «إثارة مثل هذه الأمور في الإعلام تم استغلالها ضدنا». لكنه لم ينكر «وجود ضعف في الجهاز القانوني في مؤسسة البترول وشركة الكيماويات البترولية».

وأكد الهاجري أن المسؤولية الأكبر تقع على مؤسسة البترول في ظل عدم وجود قدرة تفاوضية مناسبة لمواجهة شركة مثل «داوكيمكال» وعدم استغلال نظرتها للخليج على أنه كنز مفتوح لا يمكنها ان تبتعد عنه وهو ما دعاها لافتتاح مكتب لها في الكويت.

وطالب الهاجري بضرورة معاقبة «داوكيمكال» بعدم إجراء اي مشاركات معها وعدم السماح لها بليّ ذراعنا والتوجه نحو مشاركات مع شركات عالمية اخرى، مطالباً بموقف خليجي موحد لعقاب «داوكيمكال» على موقفها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي