| د.تركي العازمي |
قبل عامين في مكتبه الكبير، استقبلني قيادي لا تخلو صفحات الاقتصاد من صورته... ذكي حفرت إنجازاته اسمه وكان من المفروض أن نجلس لقرابة الربع ساعة وامتد اللقاء إلى قرابة الساعة، أثناء النقاش سألته عن الفساد الإداري: متى بدأ؟ وعلى الفور جاء رده تلقائيا: بدأت الممارسات اللاأخلاقية من أزمة المناخ؟
صراحة لا مثيل لها، لله در ذلك القيادي وجدته غير متحفظ ولا يبحث، وكنت عاجزا عن تطبيق علم لغة الجسد معه لعفويته وصدقه، وإذا كان ذلك القيادي قد أعطاني القدرة على تمييز الردود التلقائية من ردود تحتاج إلى تفسير تنم عن سقوط معظم القياديين على كراسي المناصب القيادية عبر «البراشوت»... ويا كثرهم!
لهذا السبب نجد معظم القياديين لدينا أتوا من حيث «حلت» جلساتهم وتضاربت مصالحهم، ومراجعة الأسماء وربطها مع مخرجات التعليم يبين لك حقيقة «سماسرة» الكلام العادل وهم بعيدون عن صفات متخذي القرار السليم، ومنذ أزمة المناخ إلى الآن نجد إن العدالة بين الاستجابة والامتناع معادلة تحتاج إلى صاحب قرار نزيه لا يميز بين العاملين والمرشحين للمنصب القيادي وهم قلة أشبه بقطعة معدنية سقطت في قاع محيط «عاد تعال دور»!
من يظن ان عملية اختيار القياديين عادلة فهو بلا شك بحاجة إلى جلسة تنويم مغناطيسي كي نعرف حقيقة ما يقبع داخل جمجمته؟
ومن يظن ان ثقافة الفساد الإداري لا علاقة لها بالاستجوابات، فهو اما «مسكين» واما يعاني من خلل في الجينات ولا ينفع معه أي عملية من عمليات زراعة الأعضاء، فالثقافة لا علاج بيولوجيا أو تدخل جراحيا ينفع معها ولا صعقة كهربائية تستطيع إفاقة مكتسبها من إفرازاتها!
قضية «لا يوجد في هذا البلد إلا هالولد» هي المحرك الرئيسي لعملية الاختيار لأن الأمر في غاية البساطة: فالقيادي الصالح غير مرغوب به لأن الامتناع سيد الموقف عندما يصطدم الإصلاحي بغول الفساد المستشري!
إنهم يستجيبون لمطالبات ويمتنعون عن أخرى أكثر حيوية إذا كانت تتعارض مع مصالحهم وهذا هو بيت القصيد!
إنه زمن الرويبضة، ولا تسألني عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة.. فـ «الشق عود»، وإلا هل يعقل أن يتم تجميد أرصدة قيادي خصص النواب محورا عنه في استجواب الوزير المسؤول ولم تتحرك الحكومة!
إنه زمن «التيه السياسي»... وتحقيق العدالة يحتاج إلى استجابة فورية لكل المطالب العادلة سواء كانت من الغالبية أو الأقلية، والإصلاح السياسي يبدأ من حسن الاختيار وحماية المال العام وتفعيل خطة التنمية التي اعترف الوزير صفر بأوجه القصور التي شابت المرحلة الأولى منها «عاد هذي يبيلها تفسير»!
العدالة بحاجة لاستجابة كل مسؤول متى ما طلب منه أن يبدي رأيه عند المساءلة... هذه الشفافية، و«لا تبوق ولا تخاف» تذكرني بقضية «BOT » التي أوقفتها الحكومة عام 2006 «على ما أظن».. وكم من قضية وجدت الطريق سالكة أمامها لأن المفسدين وجدوا الدعم ممن عرف الهروب وخشي المواجهة!
باختصار شديد نحن بحاجة إلى نمط قيادي سليم... بحاجة إلى التفكر بأوضاعنا منذ أزمة المناخ حتى هذه الساعة، ولو فتح النواب الباب أمام لجان التحقيق في مختلف المؤسسات لوجدوا الكارثة تلو الأخرى، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما سأل عن قيام الساعة كان رده «إذا وسد الأمر لغير أهله»... فهل وصلت الرسالة عبر هذا المقال؟ الله المستعان!
Twitter: @Terki_ALazmi
[email protected]