د. أحمد حسين / ما زلت أسأل نفسي

تصغير
تكبير
| د. أحمد حسين |

ما زلت اسأل نفسي لماذا يتم رفض تجريم المسيئين لآل البيت النبوي عليهم السلام، ويتضخم السؤال ليلقي بالحقيقة المرة فتحدث صداها المزعج في أرجاء النفس وتكدر الروح حينما تكشف عن طائفية بعض البرلمانيين وعن ردة أطياف مجتمعية عن قيم التعايش والوحدة وتفضح سماسرة التطرف الديني الذي ينمو بيننا بشكل سريع جدا وإلا فكيف نفسر رفض مجلس الامة غير المبرر بل كيف نفسر المطالبة اصلا بهذا القانون و كيف نفسر إرهاصاته؟

الأدهى و الامر اننا لا نفكر في ان نغتنم أوقاتنا في تأسيس مشاريع للمستقبل المشرق، بل أصبحنا عباقرة في قتل أي إبداع إنساني في أي مجال كان إلا الإبداع في مشاريع الفتن التي لا يسلم المجتمع منها ولو يوما واحدا.

ولذلك لا بد ان نقرأ هذا الرفض على حقيقته فهو تعبير حقيقي عن الوجه الطائفي الذي اصبح طاعونا يهددنا جميعا ولا بد ان نجتثه من جذوره والتي هي عبارة عن فساد مجتمعي وخراب سياسي تدعمه مواقف وأفكار طائفية خطرة:

-1 اننا نرصد تراجعا عن العمل بالقيم الحقوقية وهو تراجع صارخ فالشأن الحقوقي واحترام حقوق الانسان ودولة القانون ليست كما يجب ان تكون عليه في دولة حديثة كالكويت يحكمها دستور يكرس حقوق الانسان ويسبغ الحماية القانونية عليها، بل ان فلسفة نشوء البلاد تؤكد على مدنية الدولة وقانونيتها وان احترام الحقوق العالمية للإنسان هي اساس اصيل لنظامنا الاجتماعي والسياسي الذي يحترم الفرد ويعطيه حقوقا في الوقت ذاته الذي يطالبه فيه بالواجبات، ولا ريب ان الفرد في الكويت يعيش في ظل دولة رفاه اجتماعي ترعى المواطنة وتحترم المواطن وتحترم حقه الاصيل في ممارسة حريته في الاعتقاد وفي التعبير وفي الممارسة الدينية مما يعني انه يجب على شركائه في الوطن الاعتراف بهذه المكتسبات وقبول شريكهم في الوطن كما هو عليه دون أي سعي لتغييره، وهذه الركيزة تعتبر مفهوما حقوقيا عالميا لا يجوز للدولة او غيرها ان تخترقه، فالدولة القانونية غير المستبدة لا تتحكم في عقائد البشر او قناعاتهم بل تحميها لهم من أي تدخل بما فيه تدخلها هي أيضا، ولذلك تظل قصة التراجع في احترام المفاهيم الحقوقية الإنسانية وعدم تطبيقها بالشكل السليم في الكويت اليوم قصة ذات شجون ومصدر ازعاج مستمر يجب ان ينهيها المجتمع عند حد ما.

-2 هناك من يستغل أدوات ديموقراطية لاخراج البلاد من نظام ديموقراطي ارتضاه الشعب منذ تأسيس الكويت وتكريس التخلف بصيغه المتعددة، وهناك دفع متعمد عنيف نحو الانقلاب من الدولة المدنية الى دولة تسكت الاقليات وتضعها في اطار حقوقي ضيق من الدرجة الثانية او العاشرة، مما يعني استبداد الدولة بمواطنيها بل تحولهم من اصحاب حقوق الى فئات ذات مستوى متدن لا يجوز لها ان تطالب بحقوق مكتسبة لها، ولا ريب ان ادلجة الدولة والمجتمع يؤدي الى نشر الكراهية والتمييز بين فئات المجتمع وافراده مما يسبب فتنة تدمر المجتمع برمته ولا ريب ان المكونات الاجتماعية تحتاج العدالة المستمرة والمساواة الحقيقية منهجا ليتحقق الاستقرار والتوازن.

أعتقد أننا نحتاج إلى انتفاضة في المواقف وشجاعة فائقة لنحمي قيمنا الانسانية ومنظومتنا الحقوقية، لنحمي مجتمعنا من التدمير الأيديولوجي المبرمج لها فإن هناك قائمة طويلة بالتحديات ولن ينجح الكويتيون في اجتيازها الا بالشجاعة ونبذ الخلاف واحترام المواطنة والكويت بلا شك تنتظر الأجمل وتستحق الافضل.



[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي