د. وائل الحساوي / نسمات / أكلت يوم أكل الثور الأبيض

تصغير
تكبير
يحكى أن رجلاً قالوا له بأن النار قد شبت في المدينة فانج بنفسك قبل أن تصل إليك، فقال: مادامت النار بعيدة عن الحي الذي أعيش فيه فلا خوف عليَّ، ثم جاؤوا ليخبروه بأن الحي قد اشتعل ناراً، فقال: مادام الشارع الذي أسكن فيه لم تصله النار فلا خوف عليَّ، ثم أخبروه بأن الشارع قد امتلأ ناراً، فقال: مادام البيت الذي أسكن فيه لم تمسه النار فلا خوف عليَّ، إلى أن التفت فرأى بيته وقد اضطرم نارا.

تصريح رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني - وهو من أقوى الشخصيات في إيران رداً على سعي السعودية والبحرين للاتحاد فيما بينهما، حيث قال: «إن البحرين ليست لقمة سائغة بإمكان السعودية ابتلاعها بسهولة والاستفادة منها»، بينما دان 195 نائباً إيرانياً ما وصفوه بالمشروع السعودي لضم البحرين ووصفوا القوات السعودية بأنها قوات غازية محتلة للبحرين.

لا أدري ماذا ننتظر أكثر من تلك التصريحات الواضحة لندرك بأن إيران بلد استعماري يسعى لابتلاع البحرين ومن بعدها الكويت كما ابتلع جزر الإمارات من قبل، فالنار قد وصلت إلى غرف نومنا وليس إلى بيوتنا فقط بينما نعيش اليوم في عالم خيالي حالم نتصور فيه أننا في المدينة الفاضلة التي كتب عنها أفلاطون أو عالم المثاليات (اليوتوبيا).

لقد أدرك الملك عبدالله بن سعود بفطنته حجم التآمر القائم على دول الخليج وحجم التحديات التي تواجهها، وبدأ يحذر دول الخليج بأنها ستكون لقمة سائغة لإيران بأسرع مما تتوقعه وأن ما فعله النظام الإيراني في البحرين وفي اليمن دليل واضح على سياسته الاستعمارية وسعيه لضم تلك البلدان العربية إلى الامبراطورية الفارسية لولا فضل الله تعالى ثم مسارعة السعودية لإبطال مخططاته في اللحظات الأخيرة، بل إن دور إيران في احتواء العراق ولبنان ثم دورها في الدفاع عن النظام السوري المجرم ومساعدته على ارتكاب المجازر ضد شعبه إلى درجة القتال معه، كل ذلك لا يمكن ايقافه عن طريق النية الحسنة والتشدق بحسن الجوار.

إن الاتحاد الخليجي قد أصبح فرضاً على دول الخليج، وإن حسن النية لا يمنع من بذل الأسباب وأخذ الحذر، فلو كان الإيرانيون يخفون عداوتهم لنا وطمعهم في بلادنا لكان واجباً علينا الحذر منهم، فكيف وهم لا يتركون مناسبة إلا ويظهرون فيها عداوتهم «قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر» وأنا أرى بأن دول الخليج يجب ألا تكتفي بالوحدة فقط وإنما لابد لها من التعاون مع دول العالم لمحاصرة إيران اقتصادياً، ومن ذلك أن تبيع نفطها للدول التي تستورد نفطها من إيران بأسعار أقل من سعر السوق لكي تعزلها اقتصادياً، وذلك سيؤدي حتماً الى انهيار نظامها واشعال الثورة الداخلية لشعبها عليها.

كذلك لابد لدول الخليج من تقليص أو قطع العلاقات مع الدول التي تدعم إيران وتساندها في تحقيق طموحاتها وأطماعها ضد جيرانها لكي تتنبه لحجم الأضرار التي ستتكبدها بسبب سياساتها المتحيزة، فالعالم يسير بالمصالح ومن حقنا البحث عن مصالحنا.



د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي