د. وائل الحساوي / نسمات / الحاكم بأمر الله التركي

تصغير
تكبير

أبوعلي المنصور بن العزيز بالله المسمى الحاكم بأمر الله على الدولة الفاطمية عام 386هـ لا يجهله أحد، فقد اشتهر بسفك الدماء والفتك بوزرائه، كما اشتهر بالتناقضات الرهيبة والتصرفات الشاذة، فقد لبس الصوف سبع سنين وامتنع عن دخول الحمام وأقام سنتين يجلس في ضوء الشمع ليلاً ونهاراً ثم في الظلمة، وأراق 5000 جرة من العسل في البحر خوفاً أن تعمل نبيذاً ومنع النساء من الخروج من بيوتهن ليلاً ونهاراً، ثم أمر بقتل الكلاب. لكن الأعجب في أمر الحاكم بأمر الله هو أن فرقا من الدروز وغيرهم قد اتخذوه إلها ومازالوا ينتظرون خروجه.

كمال أتاتورك لم يكن مثل الحاكم بأمر الله ولكنه فعل الأعاجيب في تركيا حيث حولها في سنوات قليلة من خلافة إسلامية إلى دولة تحارب الدين وتضطهد أهله، والغريب هو أن أتاتورك بالرغم من اختفائه عن المسرح (بموته لعقود طويلة إلا أن هنالك من يؤلهه ويجعل أفكاره حكما على سبعين مليون مسلم في تركيا، وترى تركيا متمزقة ما بين الرغبة في تطبيق الديموقراطية والانضمام إلى أوروبا وتحقيق السعادة لشعبها وما بين بقائها أسيرة لأفكار أتاتورك التي تصادم رغبات شعبه.

وما أن فتحت تركيا نافذة صغيرة لنظام ديموقراطي يرضي عنها أوروبا لتنضم إليها حتى وجدت بأن حزب العدالة والتنمية قد اخترق جميع الاحزاب وفاز في حكم تركيا وظهر بوجه معتدل لا يمس بأي من محظورات المؤسسة العلمانية التي يدافع عنها الجيش التركي بشراسة، لكن عند موافقة البرلمان التركي على قضية بسيطة هي السماح بالحجاب في المؤسسات التعليمية ثارت ثائرة حماة العلمانية الذين رفعوا قضية ضد حزب العدالة والتنمية في المحكمة العليا تدعو إلى حظره وإسقاط حكومته.

والمفارقة العجيبة هي أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة معقل العلمانية هم من يدعون تركيا الى احترام الديموقراطية وعدم الانقضاض على حرية الشعب بينما تلك المؤسسات العلمانية التي لا تستطيع التخلي عن إلهها وتعليماته ترفض بكل إصرار.

إن قرار المحكمة العليا اذا جاء استجابة للمؤسسة العلمانية فاني اتوقع انتهاء التجربة الديموقراطية في تركيا وتحولها إلى نظام ديكتاتوري، وبالتالي تشجيع الحركات المتطرفة التي ستقنع الأتراك بأن العنف والتطرف هو السبيل الوحيد للتغيير، فهل يتحرك العقلاء من أجل انقاذ تركيا من هذا الإله الذي دمرها وما زال؟!


شكرا لأبي أحمد

أشكر الأخ الفاضل الدكتور محمد العوضي على شعوره النبيل والفياض تجاهي، وان كان من شيء فرحت به فهو حسن ظن أخ فاضل وداعية كبير بي، لكني أعلم بأني لا أصلح للوزارة التي تتطلب القوي الأمين، وأتمنى من رئيس الوزراء اختيار شخصية مناسبة لوزارة الأوقاف تحقق الاتزان المطلوب بين جميع التيارات الإسلامية وترفع من شأن تلك الوزارة المهمة لتحقق دورها المهم في الكويت. شكرا لأبي أحمد ووفقه الله لكل خير.


د. وائل الحساوي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي