د. وائل الحساوي / نسمات / كيف جنينا على أجيالنا؟!

تصغير
تكبير
لنتصور بأن المدرسة هي عبارة عن مصنع كبير نضع فيه أبناءنا وبناتنا سنوات طويلة لا تقل عن 12 سنة وقد تزيد على 20 سنة وننتظر في النهاية خروج المنتج من ذلك المصنع.

ويبذل الأهل الكثير من الجهود في سبيل إنجاح تلك الصناعة من توصيل يومي إلى المدرسة وارجاع للأبناء ومن شراء المستلزمات المطلوبة والتدريس اليومي والسهر على راحتهم، وعيونهم على ذلك المصنع بانتظار ما يخرجه لنا.

وكثيراً ما يكون المخرج أو الناتج من ذلك المصنع سيئاً لا يحقق أهداف الأسرة أو المجتمع لأسباب كثيرة لا مجال لشرحها الآن، وتتعلق بنوعية الدراسة والمناهج والمدرسين ونظام التعليم لكني أريد أن أتكلم عن التربية التي تسبق المدرسة أو تسير معها جنباً الى جنب وهي تربية البيت والأسرة، فهذه التربية فيها من الخلل الشيء الكثير بالرغم من أنها أهم بكثير من دور المدرسة، والواضح هو أن نصف الأسر لا تدرك أهمية دورها في تربية أبنائها وتنشئتهم النشأة الصحيحة بينما النصف الآخر لا يهتم إن كان أبناؤه يتلقون التربية الصحيحة أم أنهم منحرفون!!

إن من يطلّع على أساليب التربية في البيوت ليدرك حجم الخلل الذي يعتريها في كل شيء، فالبيوت هي التي تزرع في أبنائها كراهية الآخرين واحتقارهم، وهي التي تزرع في الأبناء عدم المسؤولية أو عدم الشعور باحترام الآخرين وتقديرهم وهي التي تعلم الأطفال الفوضى في حياتهم والحرص على كسر القوانين والرعونة في قيادة السيارة والتخلق بآداب الطريق، وهي التي تسكت عن تجاوزاتهم في الغش في والوصول الى مرادهم عن طريق كسر القوانين، بحيث ينشأون حرامية أو مجرمين ويرون أمامهم عادات الكبار من تدخين وأمور قبيحة تتم أمام الأطفال دون حذر.

وفي النهاية نجد بأننا أمام شخصيات مشوهة نندب حظنا على وجودها في مجتمعنا دون أن ندرك بأننا نحن من صنعها ورباها تحت عينيه، كما قال الشاعر:



وينشأ ناشئ الفتيان منا

على ما كان عوّده أبوه

وقول الآخر:

ليس اليتيم من مات أبواه وخلفّاه وحيدا

إن اليتيم من لقي أماً تخلت أو أباً مشغولاً



من نماذج الانحراف في التربية



إذا قلت إن شيئاً ما ليس نداً لشيء آخر، فإنك قد تقصد بأن الشيئين متماثلان وقد تقصد بأنه لا يمكن مقارنتهما بسبب الفارق الكبير بينهما، هذا إذا لم توضح ما تقصده، فكيف إذا قام أحدهم باجتزاء عبارة من كل ما قلته ووضعها بصيغة (لا تقربوا الصلاة) ثم بثها في كل مكان ليثبت للناس بأن صاحبها لم يقصد إلا الإساءة!!

هذا ما فعله بعض ضعاف النفوس عندما أتوا على مقابلة أجرتها لي جريدة قبل أكثر من عشر سنوات على مدى صفحة كاملة ثم اجتزأوا منها عبارة توهم بعكس ما قصدته لكي ينتصروا لمنهجهم المنحرف ولكي يسابقوا المنافقين في صفات الكذب والفجور في الخصومة، وللأسف أنهم يحسبون أن ذلك الكذب من نصرة الدين.

إن عقيدتي التي أعتز بها وأشهد الله تعالى عليها هو أن منهج أهل السنّة والجماعة هو المنهج الحق الذي لا يمكن لأي منهج أن يكون نداً له أو مثيلاً.



د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي