كمال علي الخرس / كلمة صدق / زحمة المرور ... إلى متى؟

تصغير
تكبير
اليوم الاثنين السابع من مايو تاريخ كتابة هذا المقال الذي يتحدث عن مشكلة ازدحام المرور في الكويت، على مدى العقد السابق تم كتابة آلاف المقالات والدراسات وحلقات التلفزيون التي تتحدث عن مشكلة أو ازمة ازدحام المرور وتم تقديم اقتراحات كثيرة وما من مجيب.

هناك دول كبيرة المساحة انشأت شبكات من الطرق السريعة، شقت الجبال، حفرت انفاقا تحت الأرض، اقامت جسورا فوق الماء، سكك حديد طويلة في أماكن وعرة، حفرت انفاقا للمترو تحت مدن مكتظة بناطحات السحاب. مثال على ذلك دولة بحجم الولايات المتحدة قامت قبل خمسين عاما برصد ميزانية تقارب خمسين مليار دولار لتقيم شبكة طرق عملاقة تضم سبعة وأربعين الف ميل من الطرق السريعة المعبدة، وخمسة وخمسين الف جسر وأكثر من مائة نفق وحوالي سبعة عشر الف تقاطع للطرق بدون اشارات حمراء. ان حال الطرق السريعة في اميركا مثال لمشاريع المواصلات والنقل العملاقة والناجحة وان تخللها بعض العيوب، وهناك غيرها من الأمثلة في كثير من دول العامل في شرق وجنوب شرق اسيا وفي اوروبا.

وفي الكويت البلد ذو الوفرة المالية، مع صغر مساحتها ككل وصغر المساحات المأهولة، تتقاتل في طرقها عربات النقل وتكتظ بازدحام يومي، تقريبا في اغلب الساعات في الليل وفي النهار بدون أي حل منظور وأي رؤية يتم العمل على ضوئها. فيا حبذا أن يكون هناك مشروع وطني شامل وكامل لحل ازمة ازدحام المرور واستخدام أكثر من طريقة وحل لمعالجة هذه الازمة المستفحلة، وليس الحل بالتأكيد في تحميل شرطة المرور المسؤولية وحدهم، فالموضوع اكبر من قدرة إدارة في وزارة بل يتعلق بأكثر من جهة في الدولة، جهات عليها ان تتكاتف لتضع حلولا شاملة لأزمة ازدحام المرور، حلولا شاملة تنبع من نظرات بعيدة الأفق تخرج عن نطاق التفكير ضمن دوائر مغلقة.

حلول كثيرة يعرفها اصحاب التخصص هم أولى بتحديدها، لكن ممكن أن يكون من بين الحلول التوسع الأفقي، واستخدام وسائل النقل العام بشكل أكبر مثل الباصات، واستحداث وسائل جديدة للنقل العام مثل شبكات المترو، وبناء مدن جديدة بأسواقها ومصالحها المختلفة بعيدا عن مركز العاصمة المكتظ بالمجمعات والوزارات والعمارات الشاهقة.

ازدحام المرور يبدو كأنه أزمة مستعصية على الحل وهو ليس كذلك، فموضوعه فني وحله فني بدرجة أولى، هو ليس موضوعا ايدولوجيا أو سياسيا قابلا للجدل، فعناصر حل موضوع الازدحام يتطلب امورا عدة من اهمها الوفرة المالية، وخطط عملية يمكن استقاؤها من أي بلد اخر حقق نجاحا على هذا الصعيد.

صحيح ان الازدحام أمر فني يتطلب حلولا فنية، إلا أن اضراره وسلبياته كبيرة ومتعددة وتغطي أكثر من ناحية في حياة الإنسان. فالخبراء والاطباء يذكرون اضرارا كبيرة لازدحام المرور منها صحية كالانفعالات العصبية والنفسية، وازدياد حالات القلق في الشوارع المزدحمة حين التوجه إلى العمل صباحا، والقيادة في طرق مزدحمة تؤدي الى ضغط على العظام وفقرات الظهر مع آلام في القدم والرقبة، وأضرارا أخرى سلوكية مثل ازدياد حالات التهور بالقيادة لتفادي الزحام وخصوصا من قبل الشباب وما ينتج عن ذلك من ازدياد في حوادث المرور وحالات الاعاقة والوفيات وازدياد حالات التعدي على حارات الطوارئ، وما ينتج عن ذلك ايضا من عرقلة حركة سيارات الانقاذ من اطفاء واسعاف. هناك أيضا خسارة في هدر الوقود والوقت، واضعاف التواصل الاجتماعي والقائمة طويلة جدا.

ان ازدحام المرور موضوع يضر الجميع ويثير استياء كل من يقيم على هذه الأرض، فكل إنسان يحب ان يسير في طريق سالك وسلس، ومرة أخرى يجب التنبيه الى أن حل هذه الأزمة أمر فني يجب ألا يكون عليه خلاف، اذاً متى يتم التحرك لحل هذه الأزمة المتفاقمة؟



كمال علي الخرس

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي