اعتبر «حرب الفساد» مجموعة معارك صغيرة... «وواهم من يعتقد القضاء عليه مئة في المئة»

صلاح الغزالي في «لقاء الراي»: الكويت الأولى في الديموقراطية ... «الأخيرة في النزاهة»!

تصغير
تكبير
| إعداد عمر العلاس |

أكد رئيس مجلس ادارة جمعية الشفافية الكويتية صلاح الغزالي، ان الحرب ضد الفساد هي مجموعة معارك صغيرة، وان من يعتقد انه سيقضي على الفساد مئة في المئة فهو واهم، مستغربا ان تكون الدولة في أحد مؤشرات الفساد الأخيرة خليجيا في النزاهة، وأن تكون في نفس الوقت الأولى في الديموقراطية، مستنتجا ان لدينا ديموقراطية هي شريك في الفساد، وليست عنصرا ينقي عملية التنمية في البلد.

ورأى الغزالي لدى استضافته في برنامج «لقاء الراي»، ان تقدم الكويت في نتائج مؤشر مدركات الفساد لعام 2011 من المركز الـ 7 إلى 5 جاء بفضل تراجع بعض الدول التي تقدمت عليها الكويت، معتبرا أن الأهم من الترتيب هو الدرجة الحاصلة عليها الدولة والتي تراوح مكانها ما بين 46 و47 منذ سنوات، مستشهدا بالمثل القائل ان تقدمنا «ليس من طيبنا ولكن من ردى ربعنا».

وأوضح الغزالى ان جمعية الشافية تقوم سنويا بتقييم كل الجهات الحكومية تقريبا وفق معايير الشفافية والنزاهة والعدالة والمساواة على المستوى المحلي، لافتا الى ان نتائج كل الجهات التي تم تقيمها لم تتعد أو تصل في تقريرها إلى 90 في المئة»، معتبرا في سياق آخر «انه أمر طبيعي دمج قوانين هيئة مكافحة الفساد والذمة المالية وتعارض المصالح وحماية المبلغ في قانون واحد. وفي ما يلي نص اللقاء:



• في مؤشر مدركات الفساد انتقلت الكويت من المركز السابع الى الخامس خليجيا وعربيا لكن ما معنى هذا الانتقال؟

- من دقق في النتائج يرى أننا لم نتقدم لكن غيرنا هو من تراجع، فالدول التي تقدمنا عليها هي التي تراجعت، على سبيل المثال السعودية التي تقدمنا عليها تراجعت 10 أو 20 درجة، وكما يقولون تقدمنا «ليس من طيبنا ولكن من ردى ربعنا».

• لكن ألا يعتبر تقدما؟

- الأهم من الترتيب الدرجة، ونحن حصلنا على درجة 46 في المئة، أي مازلنا تحت المنتصف، حيث نحن أقل من 50 في المئة، وبلغة المدارس نحن «ساقطين»، وبهذا نحن لم نحرز تقدما، حيث من سنوات نراوح مكاننا حول هذه الدرجة ما بين 45 أو 46 أو 47 في المئة، والملاحظة التي أود التعليق عليها هي أننا كنا الدولة السادسة خليجيا، ومن يدقق يرى أننا الدولة الخليجية الأخيرة في النزاهة، وفي نفس الوقت نعتبر الدولة الأولى في الديموقراطية، فهذا معناه ان لدينا ديموقراطية هي شريك في الفساد وليست عنصرا ينقي عملية التنمية في البلد، وهذه معناه أيضا ان الديموقراطية لدينا فيها خلل.

* لكن ليس لديكم معايير أخرى لموضوع الفساد؟

- في شأن المؤشرات الدولية هناك كثير من المؤشرات حيث هناك مؤشرات تنافسية، وهناك مؤشر الصناديق السيادية، لكن مؤشر مدركات الفساد يقيس الفساد، لكنه بالمناسبة ليس فيه حقائق، حيث هو قائم على انطباعات الناس، لكن انطباعات الناس وقناعتهم لم تكن لديهم - خصوصا الخبراء منهم الذين يقيمون نتائج الدول - إلا نتيجة انه فيه فساد على الأرض وإلا لا يعطون هم هذه الدرجة.

• ذكرت في تصريح سابق ان الفساد منتشر في كل قطاعات الدولة. فهل هذا اتهام أو لديك دلائل غير مؤشر مدركات الفساد؟

- نصدر في جمعية الشفافية تقريرا شهريا اسمه أحوال الشفافية في كل شهر، وسيصدر الأحد (غدا) التقرير عن احوال الشفافية في شهر ابريل، حيث في كل شهر لدينا تقرير فيه ما لا يقل عن 10 الى 12 جهة حكومية، من حيث الفساد فيها خلال هذا الشهر، ولا أظن لو تجمعهم على مدى سنة كاملة، إن احدى الجهات الحكومية سلمت من ملاحظاتنا عليها، سواء في ما يتعلق بوجود فساد أو خلل كبير حيث الأمر ليس أخطاء عادية، إضافة إلى أنه في الجمعية نقوم بعمل مؤشر مدركات الإصلاح مثلما تقوم المنظمة الدولية بعمل موشر مدركات الفساد سنويا، حيث نقيم على المستوى المحلي كل الجهات الحكومية تقريبا وعددها 48 جهة، وفق معايير الشفافية والنزاهة والعدالة والمساواة، لكن ليس لدينا جهة حكومية وصلت في هذا التقرير إلى 90 في المئة، وأفضل شيء فيهم كان جيدا جدا، وهذا نتيجة وجود أخطاء وخلل في كل الأجهزة.

• ذكرت ان الجهات لم تصل الى درجة 90 في المئة لكن أليست هناك مؤسسات تتصاعد فيها النسبة؟

- لمدة خمس سنوات قمنا بذلك، لكن ولا مرة هناك جهة تجاوزت الـ 90 في المئة، أو حتى وصلت 90 في المئة.

• لكن هل هناك جهات كان تقديرها جيدا وأصبح جيدا جدا بمعنى انه تصاعد؟

- طبعا فيه، والمراكز الأولى تتغير من سنة الى أخرى، حيث هناك جهات تصعد وأخرى تنزل، حيث نرى منافسة في ما بينهم، وسيعلن المؤشر الحالي على فكرة لهذا العام بعد أسبوع.

• في موضوع هيئة النزاهة أنتم من الأشخاص أيضا الذين تبنيتم هذا الموضوع فلماذا قدمتم هذا المقترح؟ وهل يتضارب مع مقترح الحكومة والمقترحات الأخرى المقدمة في هذا الصدد؟ وهل ترون انه شيء كامل؟ وماذا عما يميز هيئة النزاهة؟

- أصبحت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد قانونا كويتيا منذ عام 2006، وهي تلزم الدولة الطرف فيها بمجموعة من الالتزامات، أهمها التي نتحدث عنها وهي انشاء وكالة لمكافحة الفساد وتنظيم الذمة المالية، وتعارض المصالح، وحماية المبلغ وهناك عنصر خامس سيكون مستقلا وهو حق الاطلاع وحرية الحصول على المعلومات، وكجمعية شفافية عندما رأينا في المجالس السابقة سواء في مجلس 2006 أو 2008 أن شيئا لم يعد لتنفيذ هذه الاتفاقية، قمنا في الجمعية بإعداد 4 اقتراحات بقوانين وهي هيئة مكافحة فساد، والذمة المالية، وتعارض المصالح، وحماية المبلغ، وطلبت في ما بعد اللجنة التشريعية في مجلس 2009 دمجهم، وهذا الدمج طبيعي ومستحق لان الهيئة هي بالنهاية هي من تدير الذمة المالية ومن توفر حماية المبلغ، وهي من ستمنع تعارض المصالح، ولذلك أيدنا الدمج وقمنا كجمعية بجمع القوانين الـ 4 في قانون واحد، وكان هذا الاقتراح الأول بقانون هيئة مكافحة الفساد، الذي أدرج بعد تحرك أيضا جمعية الشفافية على المجلس الاعلى للتخطيط عند اقرار قانون خطة التنمية من المجلس، وبعد دمج القوانين الـ 4 فيها أسميناها الهيئة العامة للنزاهة، وحتى عام 2010 لم تقدم الحكومة أي مشروع قانون لمكافحة الفساد، ولم يكن هناك مسؤول في الدولة عن هذا الملف، و كجمعية أصدرنا بيانا حول بهذا الصدد.

• لكن الأسباب... لماذا؟

- نحن أصدرنا بيانا شهيرا في 2010 وعنوانه «قوانين مكافحة الفساد أيتام على موائد مجلس الوزراء». وتضايقت الحكومة منه، ومن يومها الى ان تغيرت الحكومة لم يقبل بمقابلتنا، مع أننا قدمنا طلبا رسميا لمجلس الوزراء بعد إن تجمعت 23 جمعية في جمعية الشفافية.

• لكن ماذا حدث في ما بعد؟

- في شهر 4 / 2011 جاء وزير العدل عندما أصبح المسؤول عن الملف وقال «نحن متبنون للقوانين الثلاثة والذمة المالية يؤجل لثلاث سنوات»، فرفضنا كمجتمع مدني، وبعد ذلك تغيرت الحكومة. وفي شهر 5 جاءت حكومة جديدة وقدمت مشروع قانون، وعندما اعترضنا أدخلوا الذمة المالية، لكنهم أخرجوا تعارض المصالح وحماية المبلغ، وأيضا وقفنا ضد هذا المشروع الحكومي، وفي وقت الانتخابات عندما أصبح أحمد المليفي وزير العدل تبنى قانون المجتمع المدني الذي أعدته جمعية الشفافية بالكامل، والذي كان متوقعا له ان يصدر بمرسوم ضرورة، غير ان الانتخابات صارت ولم يصدر، والآن المقدم هو المشروع الحكومي وأتوقع ان 90 في المئة منه متوافق عليه مع قانون جمعية الشفافية والاقتراحات التي قدمها النواب كقانون للهيئة العامة للنزاهة، حيث هناك تقريبا تطابق بحدود اكثر من 95 في المئة مع قانون جمعية الشفافية.

• لكن من سيرأس هيئة النزاهة وما الشروط لذلك؟

- الشروط ألا يقل عمره عن 40 عاما، وان تكون شهادته جامعية، وليس عليه أحكام تخدش نزاهته أو أمانته، لكن في ما يخص تكوين مجلس الأمناء فهي حسب اقتراحنا يتم اختياره كالتالي، حيث مجلس الوزراء يرشح واحدا من غير الوزراء، ومحافظ بنك الكويت المركزي يرشح واحدا من غير العاملين فيه لأنه جهة رقابية، ومجلس الأمة يرشح واحدا من غير أعضائه، وديوان المحاسبة يرشح واحدا من غير العاملين فيه، والمجلس الأعلى للقضاء يرشح واحدا، والنيابة العامة ترشح واحدا من غير العاملين فيهما، بحيث الجميع لا يعملون في الجهات التي ترشحهم.

• لكن هل وضعتم ضوابط أو شروطا في شأن على سبيل المثال انتماء رئيس الهيئة لتيار أو لحراك سياسي معين؟

- ضد ان يكون رئيس الهيئة احد المنتمين لتيار سياسي.

• لكن هل وضعتم ضوابط لذلك؟

- يفترض انه من خلال الترشيحات ألا يكون المرشح ينتمي لتيار، وهنا أود أن أشير إلى أحد الاقتراحات النيابية التي سنقف ضدها، والتي تقول إن مجلس الأمناء يتكون من 9 بدل 7 وان 5 منهم يختارهم مجلس الأمة و4 تختارهم الحكومة، وأيضا حسب الاقتراح كل ثلاثة نواب يرشحون واحدا، وعليه سيخرج من مجلس الأمة كترشيحات 16 مرشحا، ويتم التصويت داخل مجلس الأمة في ما بعد ليختار منهم 5، لكن ماذا سينتج هذا؟ وهل النواب الذين من القبيلة الفلانية أو من الطائفة الفلانية سيستطيعون ترشيح واحد من غير أبناء قبيلتهم أو طائفتهم أو غير ذلك، حيث هنا سيخرج أشخاص منتمون الى قبائل والى حركات سياسية، ويمكن ان تحدث انتخابات فرعية لكي يرشح أشخاص يمثلون في هذه الهيئة.

• لكن لماذا لم يشمل قانون كشف الذمة المالية التجمعات السياسية بشكل عام؟

- لدينا كجمعية اقتراح آخر وهو قانون الجماعات السياسية، ومن ضمن مواده ان القياديين في اي جماعة سياسية يقدمون كشف الذمة المالية وبالذات الأمين المالي والأمين العام.

• لكن هناك كثيرا من قوانين الإصلاح أقرت والوضع لم يختلف كثيرا فما رأيك؟

- الحرب ضد الفساد هي مجموعة معارك صغيرة، ومن يعتقد انه سيقضي على الفساد مئة في المئة فهذا واهم، حيث نقول إن إقرار هذه القوانين هي مرحلة، ثم اختيار من يدير هذه الهيئة، وإذا تم اختيار جهات سيئة لتديرها فنحن كمجتمع مدني سنقف ضد هذا الاختيار، وان تم اختيار عناصر جيدة فلن نترك الهيئة براحتها، فالمجتمع المدني سيبقى رقيبا على هيئة النزاهة ليرصدها ويراقبها ويصدر تقارير بشأن أي أخطاء تقع، حيث في الاقتراح الأول كان هناك ممثل للمجتمع المدني وفي مجلس الأمناء، وفي الاقتراح الأخير أخرجنا المجتمع المدني ليستطيع المراقبة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي