شاشات الديرة / الحرية المطلقة لها ثمن... مغامرة لم تكتمل لطموح شاب رفض الحياة العصرية بكل ما فيها
فيلم يعني بطريقة العيش على هامش الحياة في أميركا من خلال الطالب المتخرج حديثا من احدي الجامعات «كريستوفر مكاندلس» الذي وضع همومه اليومية دون مبالاة لينطلق في رحلة غريبة الشكل الى الاسكا، حيث يقوم كريستوفر بالتبرع بجميع مدخراته البالغة 24.000 دولار ويصرف باقي المبلغ بحوذته كطريقة لبداية حياة جديدة بعيدة كل البعد عن الماديات، فيقطع جميع الروابط التي تربطه مع عائلته المكونة من الأب ويليام هرت وبيلي «ماريا غراي هاردن» وشقيقته الصغيرة كارين «جينا مالون».
كريستوفرأو كريس شخص غير عادي يحب الحرية بشكل غريب فهو لا يقتنع بالحياة الطبيعية التي تلزم الفرد الالتزام بعمل معين يأخذ أغلب وقته ولا التقيد بأشخاص يتكيف معهم لذا يقرر الانطلاق لهدفه المنشود.
خلال رحلته يدرك أن الحياة من دون اتصال بشري لا قيمة لها لذا كانت مأساته القاتلة، فهو من خلال تجوله في الغابات ذات المناظر الطبيعية يقيم في العراء وينصب الخيام ويمتطي مركبا نهريا ويتحمل البرد القارس والمطر والفيضان وينجح أخيرا في ملاقاة العديد من الاشخاص الذين يقدمون له يد العون ومنهم الثنائي الهيبي جان ورايني الذي يعاني من جراح قديمة فيجد كريستوفر نفسه منقذا ومصلحا في الوقت نفسه, أما المراهقة ترايسي التي تطمح بأن تصبح مغنية فتقع في حب كريستوفر الى درجة عدم تحملها غيابه، كذلك المزارع الكادح وابنه وحاجتهما للعمل، وأخيرا رون الذي يستعيد حبه للحياة بعد فقدانه لزوجته وطفلة يصبح صديق كريس بعرضه مكانا يقيم فيه. حالة كريس الرافضة للحياة الاجتماعية فتحت لعائلته الكثير من المآسي، فالكل يلوم نفسه ويحاسبها ونرى ذلك بصوت شقيقه الذي يقول كما لو أن حزنهما لابتعاده وحدهما ويقصد والديه، أما مشهد والده المؤثر وهو يهوي على ركبتيه فكان قمة المأساة، لاشك أن رحلة كريس الحافلة بالمخاطر لم تتحقق بالشكل المطلوب فهل أكمل حلمه ورغبته في الحرية أم الثمن كان أكثر مما توقع.
فاجأت ترشيحات نقابة الممثلين لجوائز مسابقاتها الجميع بتصدر فيلم شون بين into the wild معظم ترشيحات الجوائز لهذا العام بما فيها أفضل طاقم تمثيلي وأفضل ممثل للشاب ايميل هايرش، كما تفوق المصور السينمائي اريك غوتيير في تصوير المواقع الخارجية رغم صعوبة التنقل والتصوير في كل من ألاسكا ونيفادا واريغون وساوث داكوتا ونيومكسيكو وأريزونا، وكعادته نجح باقتدار الممثل والمخرج «شون بين» الذي عودنا بمجمل أفلامه على الغوص في مواضيعه ومنها القصة الحقيقية لهذا الفيلم والتي أخذت تفاصيلها من كتاب بعنوان «في البرية» للكاتب لجون كراكاور عام 1990 حيث يتطرق الكاتب لسيرة كريستوفر الشاب الثري الذي كان ينتظره مستقبل مشرق منذ أن ترك العاصمة واشنطن بعد تخرجه من جامعة هارفارد واتجه الى البراري معتزلا الناس ورافضا العالم الاستهلاكي الصاخب ليموت بعد سنتين قبل أن يبلغ الرابعة والعشرين من عمره, «شون بين» صور فيلما بعيدا كل البعد عن الخداع والكذب والمجاملات وقدم حقيقة لا يمكن اغفالها للحياة الانسانية بكل عفويتها.
رحلة الشقاء