د. وائل الحساوي / نسمات / اضحك... فهنالك استجواب!

تصغير
تكبير
ذكرت لكم سابقاً قصة مدرس اللغة الإنكليزية في الثانوي الذي دخل علينا في أول يوم دراسي، فحاول بعض الطلاب جس نبضه عن طريق الاتيان بحركات شقاوة، فما كان منه إلا أن صاح بصوت قوي: «أنا ها ابتدي أهزّأ» فأصاب الفصل الذهول وسكت الجميع خوفاً من هذا المدرس، ثم عاود طلاب آخرون إصدار حركات أخرى فصاح مرة أخرى بالعبارة نفسها، ثم تكررت منه العبارة ذاتها دون أن نرى شيئاً، فأدركنا بأن صاحبنا يمثل ظاهرة صوتية لا أكثر. بعدها أصبحنا نستهزئ به في الفصل ونردد عبارته وسط ضحكات الجميع وهو يضحك معنا.

مجلس أمتنا المجيد لا يزال لا يدرك بأن الناس قد سئمت تكرار النواب تهديدهم بالاستجواب لوزراء الحكومة في كل شاردة وواردة، بل وأصبح ذلك التهديد مثار سخرية حتى من الوزراء أنفسهم.

لقد فرحنا كثيراً ونحن نشاهد كتلة الغالبية تجهز القانون تلو القانون لعرضها على المجلس مما يسد فراغاً كبيراً نحن في أشد الحاجة إليه لا سيما فيما يتعلق بخطة التنمية التي تتطلب عشرات القوانين لتطبيقها ومنها قانون المناقصات، «ومنع المنافسة» و«الاحتكار» و«الشفافية» وغيرها من القوانين، لكن دخول الاستجوابات على الخط بالأعداد التي أعلن عنها لا شك أنها ستستغرق معظم وقت المجلس وستثير الارتباك في صفوف الحكومة وتعطل أعمالها، ونحن قد نعذر كتلة الأقلية إذا قدمت استجواباتها الهزلية كاستجواب صالح عاشور واستجواب حسين القلاف لأننا ندرك بأنهم يرون هذا المجلس ليس بمجلسهم ويسعون لحلّه بأي وسيلة ممكنة عن طريق التشويش والمشاغبة، لكننا لا ندري لماذا يزايد نواب الغالبية على غيرهم في التهديد المستمر بالاستجواب!! ولماذا لا يسعون لإنجاز قائمة مشاريع القوانين المتراكمة في أدراج المجلس!!

في تصوري أن التعطش لتحقيق الأمجاد الشخصية لدى

كثير من النواب يدفعهم إلى تجاهل المصلحة العامة التي تتطلب الصبر والتنسيق مع الآخرين، كذلك فإن الاستجواب والتهديد به يعطي النائب الشعور بالفخر والعزة لأنه يستطيع أن يضع أكبر الرؤوس على المنصة وأن يوجه لها أسئلة وإحراجات وأن يطرح بها الثقة.

لقد أعجبني وزير الداخلية الشيخ الحمود عندما تحدى النواب بقوله: اتركوا تطبيق القوانين علينا وقدموا الاستجوابات كما تريدون، فنحن بحاجة الى حكومة تنزع عنها غطاء الخوف من المجلس وتسعى لتطبيق القوانين بكل قوة على الجميع.

للذين مازالوا يرددون بأن ما يجري في المجلس هو شيء طبيعي وأن ذلك هو ثمن الديموقراطية نقول لهم بأنكم واهمون فنحن نواجه تزويراً حقيقياً في التعامل مع الديموقراطية وسوء استخدام الوسائل التي كفلها الدستور للنائب، والحل يكمن في تعديل بعض مواد الدستور بحيث يضبط تحركات بعض النواب الذين يعيشون نشوة القوة والسيطرة على حساب مصلحة وطنهم!!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي