قد يكون من العبث الحديث عن الازمة المرورية وتجاوزها لجميع الحدود واستعصائها على الحل، بل تحولت تلك الازمة إلى معاناة يومية للمواطن الذي لا يملك الا ان يتسمّر امام مقود السيارة ساعات طويلة ينتظر الفرج لكي يستطيع الوصول إلى العمل أو إلى البيت.
ولعل الجانب النفسي في الموضوع هو الاهم حيث اصبحنا نرتعد كلما فكرنا في الخروج من البيت لانجاز معاملة او حتى للتمشي مع الاهل.
كثير من الناس يعلق آمالا كبيرة على المشاريع القائمة والتي تسير ابطأ من السلحفاة وتتفنن وسائل الاعلام في نشر صور الجسور المعلقة ونظام «المونريل» لتخفيف معاناة المواطن وطمأنته بقرب انشائها - لا ندري متى - ولكن ما نراه اليوم هو اتلاف شبه كامل للشوارع الحالية بحجة التصليح وبناء المشروعات، وللاسف ان وزارة الاشغال لا تفرض على الشركات التي تنفذ المشاريع اي شروط من اجل راحة المواطن في السير، ولكم ان تسيروا على شارع البيبسي او جمال عبدالناصر لتروا الدهاليز والتعرجات التي تضاهي الانفاق داخل الاهرامات المصرية.
لكن لابد من الاعتراف بان تلك المشاريع قد تساعد في تقليل الزحام على الطرق الرئيسية لكنها لا تحل مشكلة مليون وستمئة الف سيارة في الكويت تتنافس على مواقف قليلة في المستشفيات والوزارات واماكن العمل وفي المناطق المأهولة بالسكان، فالحل لابد ان يكون جذريا اما بالتخلص من السيارات التي تزيد اعمارها على عشر سنوات او 15 سنة، وكذلك بتطوير وسائل المواصلات العامة وجعلها متيسرة للناس، بل لابد من بحث طرق اكثر فاعلية مثل زيادة اسعار الوقود بدرجة تجعل الكثيرين يفكرون بجدية في استخدام وسائل النقل العام.
ولعل الوقت قد حان لملاحقة ومعاقبة المستهترين على الطرقات والذين لم يعد يؤثر فيهم دفع الغرامات وسحب السيارات او رخص القيادة، فقد اصبحت حركاتهم تثير الرعب في قلوب الناس وتتسبب في اكثر الحوادث دموية، ولابد من العلاج النفسي لهؤلاء.
ان المطلوب هو استخدام وسائل متطورة مثل المراقبة الجوية وزيادة الشرطة المرورية والزج بالمخالفين في السجون لكي يدركوا بانهم مجرمون حقيقة لا وهما وان تهديد ارواح الناس وترويعهم هو محاولة للقتل المتعمد.
في لقاء مع بعض كبار قيادات المرور اخبروني بان الحديث عن تشبع شوارع الكويت وبلوغها مرحلة التضخم من السيارات قد اصبح من الماضي وان المرحلة الحالية قد وصلت إلى الانفجار المدمر الذي لن يكتفي بتدمير الشوارع وسحق السائقين ولكنه سيتسبب في مشاكل نفسية واجتماعية خطيرة، وهو ما اصبحنا نعانيه بوضوح.
فاذا كانت ترسية مناقصة جسر بسيط طوله بضعة كيلومترات قد استغرقت ذلك الوقت الطويل لترسيتها في ظل التردد والصراعات بين الكبار، فكم نتوقع ان ننتظر قبل انجاز مشاريع البنية التحتية في الكويت؟! وكم من الارواح ستحصد من تلك الشوارع المهدّمة والطرقات المتعرجة؟! وكم مليون دينار ستتم سرقتها من ميزانيات تلك المشاريع؟!
فكرة تحتاج لتأمل
لماذا لا توفر الحكومة ممرات آمنة في الشوارع للدراجات وتشجع الناس على استخدامها في التنقلات القريبة كما تفعل كثير من المدن العالمية، وعمل مواقف خاصة لربط الدراجات؟! صدقوني بان هذه الفكرة الغريبة ستصبح واقعا إذا اهتمت بها الدولة ورعتها، ومن اجل ارضاء الفئة المخملية في الكويت لا مانع من تسمية الدراجات بالمرسيدس والكاديلاك وغيرهما.
د. وائل الحساوي
[email protected]