د. محمد علوش / قواعد اللعبة بين إيران وحماس

تصغير
تكبير
| د. محمد علوش |

العارفون بطبيعة العلاقة بين ايران وحركة حماس يدركون تماماً كيف تدير ايران اللعبة وفق قواعد مدروسة ومحسوبة استراتيجياً وفق رؤيتها للصراع العربي - الإسرائيلي من ناحية، وانطلاقاً من حساباتها الداخلية والإقليمية والدولية من ناحية أخرى. حماس بدورها تدرك ذلك تماماً، وإن كانت لا تبوح به أو تحاول إظهار الغباء أمام المانح الإيراني.

كانت العلاقة بين الطرفين لا تسبب ارباكا كبيرا للحركة قبل اندلاع الثورة السورية، وكانت حماس تقبل بالطعن والنقد والتهجم الذي يتبرع به كتاب وصحافيون على صفحات الجرائد العربية لتحالفها مع ايران التي يفترض، وفق رؤية بعض العرب، انها العدو الاول للخليج العربي وللأمة العربية، وان جاءت اسرائيل في مرتبة لاحقة أو متأخرة على قائمة أعداء الأمة العربية.

حماس تعلم وغيرها يعلم أن كل دولار مقدم لها من ايران كان مصحوباً باشتراطات سياسية، رغم نفي قيادات الحركة ذلك إعلامياً في أكثر من مناسبة. ليس بالضرورة أن تكون تلك الاشتراطات مخالفة لمنهج حماس ومبادئها الفكرية والدينية اطلاقاً. لكن بعضاً منها كان غير مناسب، من حيث التوقيت والظروف والاولويات، لما تراه حماس في صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي.

يهمس البعض سراً : إن بعض الأموال الإيرانية كانت تشترط على حماس انفاقها كلّها أو بعضها على العمل العسكري، أو تشترط لإعطائها اطلاق صورايخ من غزة على مدن الاحتلال، في وقت ترى حماس أن ذلك قد يعرض جبهتها للانكشاف أمام الجبار الإسرائيلي في ظرف هي أحوج ما تكون فيه الى لملمة اوضاع الغزّييـّن المتفاقمة، وتوفير الدعم المالي والسياسي لحكومة هنية التي تعمل تحت ضغوط لا ترحم.

حتى ابان العدوان الإسرائيلي السافر على قطاع غزة نهاية العام 2008، واندلاع الجبهة بين فصائل القطاع والاحتلال الإسرائيلي، كانت حماس أحوج ما تكون الى اسلحة نوعية، وكانت تأمل من ايران ان تزودها بها لا سيما تلك الصواريخ المضادة للدبابات التي آتت أكلها في حرب تموز 2006 حين استعملها حزب الله بوجه الميركافا الإسرائيلية، لكن ايران لم ترسل للحركة ما تحتاجه من الأسلحة رغم قدرتها على ذلك واكتفت بانواع من الأسلحة التي هي أقل نوعية بكثير مما توصله الى حزب الله في لبنان دون اي مبرر منطقي في ذلك. قيادات حماس كانت تسكت على ذلك، ولما لا؟ فقد وقفت ايران الى جانبهم حين خذلهم العرب وحاربوهم واتهموهم بالعمالة والعداء لمصالح العرب العليا، وكانت ايران تمولهم بالسلاح والمال في وقت كان الحظر العربي يمنع على قيادات الحركة مجرد المرور في المطارات العربية.

بيد أن حماس لم تخن عمقها العربي، ولم تدفع المعاملة السيئة للنظم العربية ولا الحماية الإيرانية لها لاستعداء العرب في صراعهم مع ايران حيث تنطلق الحركة من فكر الإخوان المسلمين الداعي الى فتح حوار جدّي مع ايران، والتوصل معها الى تفاهم يصبّ في مصالح الشعبين، ويحترم حقوق الجميع وسيادة الدول وهو ما لم تقم به ايران حتى اللحظة.

الآن، ومع الثورة السورية وخروج تصريحات واضحة من حماس أن الممانعة ونصرة القدس والقضية لا تكون على جماجم شعب لم يعادِ القضية ولم يبخل يوماً بالغالي والنفيس لنصرتها، باتت حماس تتحسس علاقتها مع ايران التي طلبت منها أن تؤيد النظام السوري في قمع شعبه.

حماس اليوم تريد أن تقول انها لا تريد عداء مع ايران، ولا جرّها الى محور جديد يستعدي دولة طالما أيدت القضية. كما انها ليست جناحاً من أجنحة «الولي الفقيه» في العالم العربي، وقضيتها تحتاج الى تضافر جهود أمة بكاملها، ولا تملك الوقت للانشغال في معارك جانبية هنا او هناك. من هنا قد نفهم تصريحات المستشار السابق لرئيس الحكومة في غزة احمد يوسف في تصريح نشرته صحيفة القدس العربي 8-3- 2012، ان حماس» ليست جزءا من اي محور عسكري او سياسي اقليمي... عملنا في فلسطين».

وإذا كان تصريح يوسف جاء رداً على من يقول: إن حماس في غزة وحزب الله في لبنان سيشنان حرباً على اسرائيل إذا ما استهدفت الأخيرة المفاعلات النووية الإيرانية، معللاً موقف الحركة بأن ايران تملك من الإمكانات والقدرات العسكرية ما يغنيها عن حاجتها لحماس، وهو أمر مخالف لرؤية حزب الله الذي يحذر من اشتعال جبهة كبيرة، وهو يعلم عن امكانات ايران وقدراتها العسكرية اكثر مما تعلمه حماس على حد علمي!



alloushas@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي