نافذة الكتابة / أحمد نجيب ... و«القصة في أدب الأطفال»

تصغير
تكبير
| خولة القزويني |

«القصة في أدب الأطفال» كتاب من تأليف أحمد نجيب، صدر عن دار الحدائق للنشر والتوزيع في لبنان.

فالقصة هي أحد منابع تربية الطفل لما تحتويه من قيم ومفاهيم تربوية وثقافة مؤثرة حرص الباحثون على تطويرها وتطعيمها بالأفكار المبدعة البناءة الهادفة، وهنا يقسم الكاتب أحمد نجيب مرحلة الطفولة إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي:

1 - الطفولة المبكرة: من سن 3- 6 سنوات تقريباً.

2 - الطفولة المتوسطة: من سن 6 9 سنوات تقريباً.

3 - الطفولة المتأخـرة: من سن 9 12 سنة تقريباً.

يقول الكاتب في كتابه ان الأطفال محتاجون إلى أدب ومستوى خاص وثقافة من نوع معين معدة لهم خصيصاً تبسّط لهم التراث البشري والمعالم والمنجزات الفكرية والمادية، التي تعلو على مستوياتهم وييسر لهم سبل تناولها واستيعابها بأسلوب يناسب مرحلة نموهم، وتنتهي هذه الطفولة الثقافية، عندما يصل الأطفال إلى الحد الذي يستطيعون معه تناول الإنتاج الفكري والأدبي المعد للكبار واستيعابه من غير حاجة إلى إعداد خاص.

فما هو أدب الأطفال:

1- أدب الأطفال بمعناه العام: الإنتاج العقلي المدوّن في كتب موجهة لهؤلاء الأطفال في شتى فروع المعرفة.

2- أدب الأطفال بمعناه الخاص: وهو يعني الكلام الجيد الذي يحدث في هؤلاء الأطفال متعة فنية سواء أكان شعراً أو نثراً وسواء أكان شفوياً بالكلام أم تحريرياً بالكتابة.

وأدب الأطفال الجيد هو الذي يراعي خصائص الطفولة واحتياجاتهم في إطار من المثل والقيم والنماذج والانطباعات السليمة.

وعلى هذا نجد أدب الأطفال هو الذي يضم قصص الأطفال ومسرحياتهم وأناشيدهم وأغانيهم وما إلى ذلك.

ما هي أهداف أدب الأطفال كما يبين الكاتب: إنه له أهمية قصوى في عملية تنشئتهم وتربيتهم لأن الصغار في هذه المرحلة من العمر يكونون بحاجة إلى من يساعدهم على تحقيق النمو السليم للتكامل في مختلف النواحي، وهم بحاجة إلى بيئة تهيئ لهم جواً اجتماعياً وثقافياً ومواقف مناسبة للخبرة، ولكن من المألوف ألا يتوافر هذا إلى حد كافٍ ومناسب في البيئة المنزلية الحالية إما لقلة وعي المنزل وإما لانشغال الآباء وإما لضيق وقت الأمّ إذا كانت تعمل، وهذا كله يلقي على أدب الأطفال الموجه الهادف وبخاصة المقدم عن طريق «القصة» ومن خلال التلفزيون والإذاعة عبء محاولة ملء هذا الفراغ في حياة الأسرة المعاصرة وتهيئة المواقف اللازمة للخبرات المناسبة للأطفال في مختلف مراحل عمرهم بشرط أن يتم هذا في ظل القواعد الصحيحة لأدب الأطفال السليم بحيث لا يتحول الإنتاج الأدبي إلى مجموعة من المواعظ والنصائح والتوجيهات ولا شك بأنه مما يؤكد أهمية تحقيق أدب الأطفال لأهدافه الحقيقية المعروفة أن ما يكتسبه الطفل في سنوات عمره الأولى من عادات واتجاهات وقيم ومثل يصعب تغييره أو تعديله في ما بعد.

ما هي محاولات أدب الأطفال أو الأفكار التي تدور حولها قصص الأطفال؟

1 - النواحي الثقافية: تقديم معلومات عامة وحقائق مختلفة عن حياة الناس وشؤون الحياة والمجتمع في بيئة الطفل والبيئات الأخرى وتعريف الأطفال بجذورهم الثقافية وتراثهم المجيد تأصيلاً لروح العزّة عندهم والاعتزاز هو البوابة الذهبية للولاء والانتماء وهو الحافز القوي لبناء مستقبل زاهر مشرق.

2 - النواحي الخلقية: تبصير الأطفال بالقيم الخلقية الفاضلة وتنمية إعجابهم وتقديرهم وحبهم للصفات الطيبة والأبطال الأخيار ونفورهم من الصفات المذمومة وجوانب الانحراف الخُلقي.

3 - النواحي الروحية: لتحقيق التوازن بين الاتجاهات المادية السائدة في العصر الحديث وبين القيم الدينية الروحية كي تتوازن شخصية الطفل، فالجانب الروحي مهم جداً للطفل لأنه أساس سعادته واستقراره النفسي، حتى أن الكاتب البريطاني برايان ابليارد، قد كتب في كتابه الذي أحدث ضجة كبيرة لدى العلماء والمفكرين وناقشوا كتابه «فهم الحاضر: العلم والروح لدى الإنسان المعاصر»، والذي صدر في لندن عام 1992 واعتبر من أهم الكتب التي صدرت في الأعوام الأخيرة.

وقال: «إن تقليص دور الدين الذي صاحب عصر النهضة في أوروبا قد أثمر مواقف وسلوكيات وسياسات وأنظمة حكم في القرن العشرين نجمت عنها الرأسمالية التي غلّبت الجانب المادي على أي شيء، والشيوعية التي استغنت تماماً عن الجانب الروحي، بالإضافة إلى النازية والفاشية والعنصرية والنزعات المتطرفة، كل هذه الفلسفات حاربت الدين الذي يقوم في جوهره على التسامح والعدل والرحمة والإخاء ورفض الطغيان والعنف والتطرف، كان ميراث هذه الفلسفات الفاسدة التعاسة للنفس البشرية، لهذا كان ضروريا تنشئة الطفل وتغذيته على الدين وقيمه عبر القصص».

4 - النواحي الاجتماعية: تعريف الطفل بمجتمعه ومقومات هذا المجتمع وأهدافه ومؤسساته وما يجب أن يسود فيه من قيم وصفات اجتماعية.

5 - النواحي القومية: أن يعرف الطفل وطنه الصغير والروابط التي تربط وطنه بالوطن العربي الكبير.

6 - النواحي العقلية: لكي تتاح للطفل من خلال الإنتاج الأدبي المناسب فرص طيبة لنشاط عقلي مثمر في مجالات التخيل والتذكر وتركيز الانتباه والربط بين الحوادث وفهم الأفكار والحكم على الأمور وحسن التعليل والاستنتاج وما إلى ذلك ما يساعد على نمو هذه العمليات العقلية وتطويرها.

7 - النواحي الجمالية وتشمل:

تقديم المعاني والأخيلة التي تستهوي الأطفال.

تقديم الألوان الواقعية الجميلة من مختلف جوانب الحياة والوجود الطبيعي.

تقديم الأساليب الأدبية الجميلة.

تقديم المعلومات الفنية التي تثري حصيلة الأطفال عن الفن وألوانه والفنانين وأعمالهم.

الصور والرسوم والألوان والمناظر والموسيقى.

8 - النواحي الترويحية: حيث يمكن أن يكون أدب الأطفال وسيلة شيّقة وممتعة لشغل فراغ الأطفال وتسلية محببة تجلب لهم الفرح بشرط ألا يكون هذا على حساب القيم والمثل ولاتجاهات الحميدة أو على حساب الذين يمثلون هذه القيم كالآباء والمعلمين ورجال الدين.

إنه كتاب ثري وشامل ونافع لمؤلفي قصص الأطفال كي يسلكوا النهج المثالي في البناء القصصي وصالح للآباء والمربين والمعلمين، وكل الناشطين في مجال الطفل، إذ يعلمهم الأسس التربوية السليمة على تثقيف الطفل ونمو شخصيته وفقاً لمعايير الدين والأخلاق والضمير.



* أديبة روائية كويتية

www.khawlaalqazwini.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي