د. عيسى العميري / إشراقات / «فيتو» روسيا والصين؟!.. مبرر أقبح من ذنب

تصغير
تكبير
| د. عيسى العميري |

إن المبررات التي ساقتها كل من روسيا والصين لاحباط خطة الجامعة العربية الأخيرة في مجلس الأمن عبر استخدام «الفيتو» غير مقبولة ولا منطقية، ولو تناولنا بعض المقتطفات من تلك التبريرات، نجد مثلا بأن الصين تقول بأنها أرادت تجنيب سورية والمنطقة سفك الدماء والمزيد من الخسائر والاضطرابات؟!. فلو افترضنا أن ذلك صحيح بنسبة معينة نجد أن سفك الدماء متواصل بالفعل منذ مارس 2011 أي من فترة طويلة تقترب لسنة، وأيضاً فإن المنطقة مليئة بالاضطرابات فعلاً، فهذا عجيب وغريب في الوقت نفسه، فكيف تريدنا الصين أن نهضم هذا الحديث؟ وكيف يعقل هذا التبرير؟

إن هذا الفيتو الذي استخدم يوصل رسالة عكسية للنظام السوري (كما صرح به أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي بوقت سابق)، والرسالة هي أنه يمكن للنظام الاستمرار في سفك دماء شعبه وقصف الاحياء والابرياء من هذا الشعب ولا مانع بإهراق المزيد من الدم، الأمر الذي يشكل «رخصة للقتل»؟!.

ولو جئنا على تبرير روسيا التي بررت موقفها هذا «بأن الغرب لم يبذل جهوداً كافية للتوافق»؟!، ونقول لقد رأينا في بداية الاحتجاجات في سورية كيفية التفاف النظام عليها، لا بل تفوق هذا النظام عن نظيره من الانظمة الاستبدادية والقمعية في المنطقة والتي ثار فيها شعبها على هؤلاء الحكام، ورأينا كيف قام بتأسيس معارضة وهمية وتم حشد مجموعة من الشخصيات المعروفة في المجتمع السوري من ممثلين ومفكرين وخلافه لهذا الغرض وليبرزوا للعالم بوجود معارضة، هكذا وبكل سهولة وسرعة تم تشكيل تلك المعارضة، إنه فعلاً أمر مضحك ومبكٍ في نفس الوقت؟!..

هذا كله يجري على الرغم من أن حيثيات الخطة العربية غير قاسية في حق هذا النظام على غرار القرارات الأخرى تجاه الوضعية ذاتها.

وعلى أي حال فإنه باعتقادي، هذه التبريرات التي تم سوقها أقل ما يمكن وصفها بأنها العذر أو المبرر الأقبح من الذنب المتمثل في منح النظام السوري الإذن لقتل شعبه وتحت مرأى ومسمع الأسرة الدولية. وان العقلية الروسية والصينية لسنا بحاجة للتذكير بأحداث ليست بعيدة عنا كثيرا لنفهمها، والمتمثلة في تصرف الصين نحو أحداث تيان آن مين التي جرت منذ عشرين عاماً، والسيناريو نفسه ينطبق على روسيا وقمعها لشعبها، فتلك الأنظمة لا تعتد بضمير أو دين... وأكثر ما أخشاه أن يستفيق العالم في الأيام المقبلة على مجزرة في حق الشعب السوري «لا سمح الله» لربما تعمل على تغيير فكره وتحكيم ضميره، واتخاذ ما يتوجب عليهم أن يتخذوه لحفظ دم هذا الشعب البائس الذي يتاجر بروحه ودمه هذا المجتمع الدولي أو ما يسمى كذلك.. ونعود ونكرر ماقلنا سابقاً، بأننا نسأل الله أن يرحم الشهداء الذين سقطوا وما زالوا في هذا البلد، وأن يكون الله في عون هذا الشعب الذي أوقعه نصيبه في هذه الدنيا تحت ظل هذا النظام.. والله من وراء القصد.

 



Twitter:dressaamiri

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي