مياه الشرب في الكويت من الآبار والأمطار... إلى التقطير والتحلية

تصغير
تكبير
قصة الماء في الكويت نعيش معها اليوم في حديث الذكريات حيث نلقي الضوء على مصادره في الماضي فنتطرق الى كيفية توفير مياه الامطار واستغلالها** عند هطولها، ثم نتعرف الى اماكن تواجد آبار المياه بعدها نتطرق الى مسيرة توريد المياه من شط العرب، ونتعرف كذلك على كيفية تخزينها في الكويت، ثم ننتقل في الحديث الى تدرج انشاء محطات التقطير التي كانت تعمل لتحلية مياه البحر وجعله صالحا للشرب، فإلى قصة الماء: ارتبط وجود الماء وتوافره على أي بقعة كانت بعيش الإنسان وحياته واعماره للأرض التي وجد فيها هذا العنصر الذي جعل الله منه كل شيء حي ولم يكن في الماضي البعيد والقريب الحصول عليه بالأمر السهل والمتاح للجميع عندنا في الكويت والخليج العربي نظراً لعدم توافر الأنهار والعيون الطبيعية لذا كانت المرحلة ما قبل النفط صعبة والمعاناة والجهود كبيرة بذلها الأولون ومن عاش تلك الحقبة وهذا ما دفع الناس إلى عدة وسائل من أجل توفير المياه العذبة الصالحة للتربة.



البيوت

كانت أسقف المنازل قديماً تبنى بشكل مائل من أجل انحدار مياه الأمطار حين هطولها على سطوح البيوت فتنحدر في اتجاه محدد الى حوش البيت الذي جعلت في وسطه حفرة وهي عبارة عن خزان أرض «بركة» مبطنة من الأسمنت وهذا عندما توافر الاسمنت في الكويت أما في الماضي فكانت تطوى بصخر البحر القوي ينحدر الماء من أعلى سطح البيت ثم يتجمع في هذه البركة حتى تتم الاستفادة من كل قطرة ساقطة على سقف البيوت في تلك الأيام.



الشتر

هناك طريقة اعتمدها الكويتيون من أجل الاستفادة أكثر من مياه الأمطار وهي استخدام «الشتر» الذي هو عبارة عن قماش سميك مثل أشرعة المراكب يكون في وسطه فتحة يوضع الشتر على حوش «فناء» البيت بحيث يغطي جميع الحوش وتكون فتحة الشتر على فوهة البركة التي وسط البيت حتى تجعل جميع ماء المطر ينحدر داخل البركة... ولابد أن تكون الفتحة التي في وسط الشتر مركزة على فوهة البركة حتى يمر ماء المطر فوق الشتر عبر الفتحة الى البركة.



الحفر

ولجأ أيضاً الأهالى الى طريقة أخرى من أجل الاستفادة أكثر وأكثر من مياه الأمطار الى جانب برك البيوت أخذوا يحفرون حفر صغيرة وكبيرة لتجميع مياه الأمطار التي كانت تسيل في البراحات والسكيك والمساحات المجاورة للفرجان والبيوت في الماضي لذلك وجدت كثير من هذه الحفر وكانت تسمى باسم الفرجان والأسر الكويتية التي تكون فيها وقد قدر عددها بأكثر من 30 حفرة.



السدود

ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تمت إقامة مجموعة من السدود وهي عبارة عن حواجز وكثبان رملية تقام في عرض البحرة «مجرى السيل» من أجل حجز ماء السيل المنحدر الى البحر ومنعه من الوصول إليه حتى يستفاد منه بشكل مباشر أو غير مباشر لأن المياه عندما يتم حجزها في منحدر السيل «البحرة» تتسرب داخل الطبقات التحتية القريبة من السطح فيحفر آباراً سطحية داخل مجرى السيل من اجل الوصول للمياه التي تسربت في تلك الطبقات السطحية ومن اهم تلك السدود التي اقيمت سد الشيخ سالم المبارك الصباح وكان على مجرى السيل الذي كان يطلق عليه بحرة الشعب وسد السالمية الذي يقع جنوب غرب السالمية.



القلبان

كانت القلبان «الآبار» المتوافرة في الماضي تعد اهم مخزون ومورد للمياه التي اعتمد عليها الكويتيون في الحصول على الماء ومنها ما كان داخل سور الكويت ومنها ما كان خارج السور وقد يكون قريبا نسبيا مثل الشامية وحولي وكيفان والنقرة وكان بعضها بعيدا مثل ام الهيمان والصليبية والشدادية والعرفيجية وغيرها من القلبان وهذه الآبار تتجدد عذوبتها في الفصول التي يكون المطر بها كثيرا وكان يطلق على القلبان التي في الشامية اكوات فهي على مجرى السيول لذلك كان الماء بها متوافرا وعذبا.



الشط

سنة 1909 اتجه الكويتيون لجلب الماء من شط العرب حيث البحر احد النواخذة وهو محمد اليعقوب على سفينة وهي من نوع «التشاله» بعدما وضع بها خزانات خشبية الى شط العرب وكان يبعد بحدود 96 كيلو مترا عن الكويت وقام بملء الخزانات بالماء العذب من الشط وعاد به الى الكويت وأخذ في بيعه للاهالي وكان عمله هذا بداية رحلة كثير من اهل الخشب «السفن» لجلب الماء وبيعه وهكذا اصبحت هناك مهنة وحرفة لنقل الماء العذب بواسطة السفن الشراعية وكان يطلق عليها «أبوام الماي» وبلغت اكثر من 50 سفينة وهي كان يأخذ منها رسوما جمركية من جانب الحكومة العراقية في تلك الايام واصبح لدى الكويت بحارة ونواخذة متخصصون في نقل مياه شط العرب.



الوطنية

ولأجل الحاجة الضرورية للمياه العذبة أسست شركة وطنية كويتية سنة 1939 اطلق عليها «شركة ماء الكويت» كانت تتولى تزويد البلاد من كفايتها من الماء العذب بأسعار معتدلة وقد ملكت 45 سفينة تجلب الماء من شط العرب وكان يرأسها الشيخ عبد الله السالم وقد توقفت عن العمل سنة 1953 حين تم تأسيس محطة تقطير «تحلية» المياه في الشويخ



نقل

ان القلبان «الآبار» الجوفية التي كانت خارج السور وبعيدة عن البيوت السكنية برزت الحاجة الى وسيلة لنقل المياه من مناطق توافر الآبار ومن مواقع رسو السفن على الساحل في النقع البحرية لذا امتهن بعض المواطنين حرفة نقل الماء من الآبار والسفن الشراعية الى المنازل فكانت الوسائل هي الدواب من جمال وحمير حيث يملأون قربهم الجلدية ويحملونها على الحمير ثم يتوجهون بها الى المنازل لبيعها وكانوا يبيعون درب الماء (ثلاث قرب جلدية) بثلاث او اربع انات وهناك من الباعة يقومون بنقل الصفائح المحملة بالماء العذب على اكتافهم الى المنازل وكان هناك سوق لبيع الماء وسط المدينة القديمة حيث ينتظر باعة الماء زبائنهم.



المهارة

مع تزايد كميات المياه الآتية من شط العرب أنشئت مجموعة من البرك كبيرة بالقرب من النقع البحرية التي ترسو بها السفن الشراعية التي تنقل المياه ومن هذه البرك بركة الشرق والغنيم والقبلية وكانت كل بركة تتسع لنحو (880) الف جالون ماء وفي اثناء انشاء هذه البرك ظهرت (عربانة المهارة) وهي عربة تصنع من الخشب ولها ثلاث عجلات وفي داخلها خزان ماء من الصفيح يدفعها شخص او اثنان وغالباً من عمل بها كانوا من المهارة ينقلون عليها الماء للبيوت في منتصف الاربعينات وتطور الامر بسرعة ثم جاءت محلها سيارات صغيرة تسير بثلاث عجلات لها خزان اكبر قليلاً من حجم خزان عربة المهارة.



تقطير

تقطير «تحلية» المياه في الكويت ظهر في بداية متواضعة جداً كان ذلك في عهد الشيخ مبارك الصباح عندما طلب من المعتمد البريطاني انذاك مساعدته في تشغيل المحطة الصغيرة التي تم طلبها من احدى الشركات الانكليزية في الهند وكان ذلك سنة 1914 فبادر في ارسال فريق من المختصين الى الكويت للاشراف على تركيبها وتشغيلها وتوفي الشيخ مبارك الصباح ولم ير ثمارها لانها بدأت عملها سنة 1919 في عهد الشيخ سالم المبارك لكنها بعد تشغيلها لم يكتب لها النجاح بسبب الصعوبات الفنية فتوقفت سنة 1929.



الشركة

شركة نفط الكويت اهتمت بانشاء محطة صغيرة نسبياً لتقطير مياه الخليج في ميناء الاحمدي وتم نقل جزء من هذه المياه الى مدينة الكويت عبر انابيب انشئت خصيصاً لذلك.



الشويخ

تعد تحلية الشويخ او محطة تقطير المياه في الشويخ كما يطلق عليها هي التي انهت مشكلة المياه في الكويت فهي اكبر محطة انشئت لهذا الغرض بدأ العمل بها عام 1951 وتم تشغيلها سنة 1953 وبعدها تم تتابع انشاء المحطات لزيادة الطاقة الانتاجية لمواجهة الاحتياجات المائية المتزايدة بصورة متطورة نتيجة تطور البلاد.



سعيّد

من اهتمام الشيخ مبارك الصباح في علاج مشكلة نقص مياه الشرب في الكويت فقد اشترى باخرة هندية ذات خزان كبير كانت تعمل في نقل المياه بين بعض المقاطعات الهندية وبدأ استخدامها لنقل المياه من شط العرب الى الكويت واطلق عليها اسم سعيّد وهي اول باخرة تملكها الحكومة.



حمد سعد الحقان



انتقل إلى رحمة الله قبل أيام عدة العم حمد سعد الحقان

هو أول ضيف لنا في حديث الذكريات الذي استهلت صفحتنا به قبل احد عشر عاماً وكان لقاؤنا معه حافزاً لنا للمواصلة في رحاب الذكريات.

برحيله طويت صفحة من صفحات تاريخ الغوص على اللؤلؤ، فلقد ادرك أيامها ومواسمها حينما ركب تباباً مع أهله الذين يعدون جزءاً من تاريخ الغوض على اللؤلؤ فلا يذكر الغوص إلا وذكر معه النواخذة من آل الحقان فهم من أعلامه وربانه المشهورين.

الجدير بالذكر أن العم حمد سعد الحقان كان أحد تلاميذ الملا مزعل الصلال وهو من أسس أول دكان لبيع المواد التموينية في الفنطاس سنة 1953.

نسأل الله له الرحمة الواسعة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي