«الجنح المستأنفة»: فعل المسلم خالف المبادئ الدستورية ... والذمة المالية مصلحة اقتصادية عليا للدولة

تصغير
تكبير
| كتب أحمد لازم |

أيدت محكمة الجنح المستأنفة امس برئاسة المستشار عادل الصقر حكم اول درجة في قضية «الشيك» القاضي بأن يؤدي النائب السابق فيصل المسلم المتهم الثاني في القضية للمدعي بالحق المدني مبلغاً قدره 5001 دينار تعويضاً مدنياً موقتا وتغريمه 200 دينار عن تهمة افشاء معلومات مصرفية والاشتراك فيها وببراءته من تهمة خيانة الامانة والاشتراك فيها.

رفضت المحكمة (الجنح المستأنفة) ببراءة مدير فرع بنك برقان وهو المتهم الاول في القضية نفسها من جميع التهم، حيث جاء في حيثيات حكمها ان «المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وبظروفها وألمت بها عن بصر وبصيرة وكانت ادلة الثبوت التي ركن اليها الحكم المستأنف بشأن اسناد الاتهام للمتهم الاول قد بلغت من الوهن مبلغه ولا ترقى بذاتها دليلاً على ثبوت نسبة ذلك الاتهام قبله اذ انها عولت على اطمئنانها لما جاء من اقوال وعولت على القول ان الصورة المسلمة للمتهم الثاني قد التقطت من قبل المتهم الاول بعد ايداع قيمة الشيك بحساب المستفيد منه وقبل ارفاق اصل الشيك بملف حفظ المعاملات والمحكمة بما لها من سلطة في الاستخلاص للصورة الصحيحة للواقعة ترى ان ما ساقه الحكم المستأنف قاصراً عن حد بلوغ حد الكفاية لثبوت الاتهام الاول المسند للمتهم الاول ولا ترقى لمرتبة الدليل الذي تطمئن اليه المحكمة لادانة المتهم عن تلك التهمة اذ ان الثابت للمحكمة حال سؤالها لضابط التحريات ان تحرياته لم تسفر عن علاقة في ما بين المتهمين الاول والثاني كما لم تسفر عن القائم تحديداً بتصوير الشيك من بنك برقان او القائم بتوصيله للمتهم الثاني او ان المتهم الاول هو من سلم صورة الشيك للمتهم الثاني فضلاً عما ثبت بشهادة نائب مدير فرع البنك المدعى بالحق المدني ورئيس الصرافين بالبنك سابقاً ان مكتب مدير الفرع (المتهم الاول) لا يوجد به تصوير وانه بامكانية اي موظف للبنك الحصول على صورة الشيك الامر الذي تتشكك معه المحكمة والحال كذلك في صحة نسبة الاتهام السالف للمتهم الاول اذ ان بمكنة اي من موظفي البنك المدعى بالحق المدني التحصل على صورة الشيك وفق الآلية التي يتم بها صرفه وتداوله بين ايدي العديد من موظفيه على نحو ما سلف وترى المحكمة من جماع ما سلف ان الادلة التي ساقتها النيابة بحقه وان كانت لا تصلح دليلاً

لإسناد التهمة الى المتهم الاول الا انها لا تنفي حدوث الواقعة بوصفها الوارد بالاتهام الاول قبل مجهول من العاملين بالبنك المدعى بالحق المدني لم تسفر التحقيقات وكذلك تحريات المباحث وفق ما شهد الضابط مجريه على نحو ما سلف للوصول اليه بما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف القاضي بإدانته والقضاء مجددا ببراءته من هذا الاتهام المسند اليه حسبما سيرد بالمنطوق. وحيث انه عن استئناف النيابة العامة بشأن ما نسب اليه للمتهم الاول فإن المحكمة وفق ما انتهت سلفا الى براءته من التهمة الاولى فمن ثم تقضي المحكمة برفض استئناف النيابة بشأن هذه التهمة. أما بشأن التهمة الثانية المسندة للمتهم الاول فلما كان الحكم المستأنف قد بني على اسباب سائغة كافية لحمله وكان من المقرر القضاء بمحكمة التمييز (ان المحكمة الاستئنافية اذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها ان تذكر تلك الاسباب في حكمها بل يكفي ان تحيل عليها اذ الاحالة على الاسباب تقوم مقام ايرادها وتدل على ان المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها).

ولما كان ذلك وهديا به وكان الحكم المستأنف قد أصاب وجه الحق من حيث الواقع والقانون فيما قضى به من براءة المتهم الاول بشأن التهمة الثانية المسندة اليه للاسباب التي بني عليها والتي من شأنها ان تؤدي الى ما رتبه عليها والتي تقرها هذه المحكمة وتجعلها أسبابا لقضائها ومن ثم تقضي المحكمة في موضوع استئناف النيابة العامة بشأن هذه التهمة لرفضه وتأييد الحكم المستأنف محمولا على أسبابه عملا بنص المادة 1/208 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية.

حيث انه عن استئناف المتهم الثاني فلما كانت المحكمة قد انتهت في صدر حكمها الى ان أدلة الثبوت ساقتها النيابة العامة وان كانت لا تصلح دليلا لإسناد التهمة الاولى الى المتهم الاول الا انها لا تنفي حدوث الواقعة من مجهول من بين موظفي البنك المدعى بالحق المدني الذي اشترك معه المتهم الثاني بالتحريض والاتفاق لأن حرض واتفق مع ذلك المجهول على مده بصورة ضوئية من الشيك موضوع الاتهام والخاص لأحد عملاء البنك المدعى بالحق المدني وذلك بعد تقديمه من المستفيد للبنك المدعى مدنيا وقيام احد موظفي البنك السالف باتخاذ اجراءات صرفه وفتح حساب للمستفيد وختم الشيك بخاتم (journal) بما يفيد إتمام العملية بين حاسبين داخل البنك اي بعد صيرورة الشيك من مستند البنك المدعى مدنيا وإسباغ الحماية القانونية المقررة عليه بمقتضى نص المادة 85 مكررا من القانون 28 لسنة 2004 بتعديل بعض احكام القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهن المصرفية اي انه أضحى من أسرار البنك المحظور نشرها بيد ان المتهم الثاني بعد تحصله على صورة ذلك الشيك قام بعرضه بقاعة مجلس الأمة وسلم صورته بعد العرض لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء مستندا في ذلك للحق المخول له بمقتضى المادة 110 من الدستور على اعتبار انه عضو بمجلس الأمة الا ان ما أتاه المتهم الثاني لا يتفق والمبادئ الدستورية المستقر عليها اذ ان الاعمال المصرفية وما يتعلق منها بالذمة المالية لعملاء البنك وما اتخذه المتهم الثاني هو امر يتعلق بالذمة المالية للساحب للشيك موضوع الدعوى وذلك يعتبر من قبيل المساس بالحق في الحياة الخاصة بما لا يجوز معه الكشف عن عناصرها وإشاعة أسرارها.

لما كان ما تقدم وهدياً به وللأسباب التي أوردها الحكم المستأنف فإن التهمة المسندة للمتهم الثاني تكون ثابتة في حقه بما يتعين معه رفض استئناف المتهم الثاني وتأييد الحكم المستأنف حسبما سيرد بالمنطوق.

وحيث انه عن استئناف النيابة للتشديد قبل المتهم الثاني فلما كان من المقرر ان تقدير العقوبة من إطلاقات محكمة الموضوع طالما انها تدور بين حديها الادنى والاقصى ومن ثم تقضي المحكمة برفض استئناف النيابة العامة.

حيث انه عن الدعوى المدنية الموجهة قبل المتهمين ولما كانت المحكمة قد خلصت وفق ما سلف لبراءة المتهم الاول مما أسند اليه الامر الذي ينتفي معه المسؤولية التقصيرية قبله لانتفاء ركن الخطأ في حقه ومن ثم تقضي المحكمة برفض الدعوى المدنية قبله حسبما سيرد بالمنطوق.

أما بالنسبة للمتهم الثاني فلما كانت المحكمة قد خلصت لإدانته بشأن ما نسب اليه حسبما سلف وكان المتهم الثاني بفعله الخاطئ قد نجم عنه ضرر لحق بالمدعى بالحق المدني بما يستوجب معه إلزامه بتعويض للبنك المضرور عما لحقه من ضرر وإلزامه بالتعويض المطالب به على نحو ما سلف بالمنطوق.

حيث انه عن مصاريف الدعوى المدنية ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية فالمحكمة تلزم بها المتهم الثاني - كمدعى عليه مدنيا - وتقدر مقابل أتعاب المحاماة الفعلية بمبلغ مئة دينار عملا بالمادتين 119 - 119 مكررا من قانون المرافعات، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة:

أولا: بقبول الاستئنافات المقامة من المتهمين والنيابة العامة شكلا.

ثانيا: في موضوع استئناف المتهم الاول بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءته من التهمة الاولى المسندة اليه ورفض الدعوى المدنية قبله.

ثالثا: في موضوع استئناف المتهم الثاني برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزامه بأن يؤدي للمدعى بالحق المدني مبلغ 5001 د. ك تعويضا مدنيا موقتا وألزمته بمصاريف الدعوى المدنية ومبلغ مئة دينار مقابل أتعاب المحاماة الفعلية.

رابعا: في موضوع استئنافي النيابة العامة برفضهم.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي