د. وائل الحساوي / نسمات / حماية الأخلاق قبل حماية المال العام

تصغير
تكبير
يقول الامام ابن القيم رحمه الله: «من احب شيئا غير الله عُذّب به»

ويقول الاديب الرافعي: «ان الخطأ الأكبر ان تنظم الحياة من حولك، ثم تترك قلبك في فوضى».

وقال الشاعر: وغير تقي يأمر الناس بالتقى

طبيب يداوي الناس وهو عليل

يحتدم النقاش اليوم حول حماية المال العام وتسعى اطراف كثيرة من أجل محاربة ظواهر انتشار الرشوة وافساد ذمم الناخبين، والتصدي للأطراف التي تسعى من اجل تزوير ارادة الامة عن طريق النواب القبيضة والمرتشين، واعتقد بأننا سنحصل بإذن الله تعالى على نتائج طيبة وملموسة يظهر اثرها على اداء المجلس المقبل.

لكن هنالك قضية تعتبر الاساس لكل شيء والمفتاح السحري الذي يبدو أننا قد نسيناه في غمرة التركيز على القضايا المهمة الاخرى ألا وهي السعي لبناء الانسان الصالح الذي هو السر في معالجة جميع مشاكلنا، ويبدو بأن الممارسات الانتخابية تسعى لتجاوز تلك القواعد الاساسية وكسر جميع الحواجز من اجل توصيل اشخاص الى دفة المجلس دون الاكتراث بأمور قد قامت عليها نواميس الكون، ومنها:

أولا: الاصل هو ان هذه المناصب لا تُعطى إلا لمن لم يحرص عليها وينافس من اجلها مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «إنا لا نولي هذا الامر من سأله»، ولا يمنع ذلك من ان يتقدم من لديه الكفاءة والأمانة لهذه المناصب، ولكن ما نراه اليوم من تنافس محموم على الترشيح واستخدام وسائل غير مشروعة من اجل تزكية النفس او تحطيم الخصوم يدل دلالة واضحة على ان الهدف هو الدنيا وليس تحقيق الامانة، وكم يؤلمني ان ارى من المتدينين من يتصارع مع غيره على دخول المجلس ويضرب عرض الحائط بنصيحة اخوان له بعدم نزول الانتخابات فهل يتناسب ذلك مع مبدأ «انا عرضنا الأمانة على السماوات والارض فأبين ان يحملنها واشفقن منها، وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا»؟!

ثانيا: التنافس على الانتخابات لا يعطي الانسان الضوء الاخضر لكي يطلق لسانه ضد الآخرين ويتهمهم بشتى التهم ويستبيح اعراضهم وسمعتهم بحجة التنافس الانتخابي، وما نراه اليوم يمثل العجب العجاب، فكم من انسان عفيف تم تشويه صورته وكم من مستور تم نزع ستره، لاسيما مع مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت وللأسف الى مواقع للصراع الاجتماعي واستغل الكثيرون سهولة الدخول اليها وكتابة ما يشاؤون فيها واختفاءهم عن عيون الراصدين، لكي يسعوا في الفتنة ويتكلموا بالباطل ويتهموا من هب ودب بما لا يليق بهم: «ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا...».

ثالثا: لقد استغل بعض النساء الحرية التي اباحتها القوانين لانتخاب وترشيح المرأة فبدأن يدخلن الدواوين من دون استئذان ومن دون حجاب ما يحرج كثيرا من اصحاب الدواوين الذين يخجلون من منعهن، وكأنما اصبحت الانتخابات مقدمة لكسر جميع الحواجز الاجتماعية بين المرأة والرجل ونزع الحياء من المجتمع، فما اسوأ ما نجرّه على مجتمعاتنا من سوء تحت مسمى الحرية والديموقراطية!!





د. وائل الحساوي

wael_al_hasawi@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي