تركي العازمي / الاستقالة!

تصغير
تكبير

معظم الوزراء هددوا بالاستجواب بما فيهم رئيس مجلس الوزراء وهذا الحراك السياسي أو الاستفزاز السياسي قد أسفر عن تقديم الوزراء لاستقالتهم.

القضية ليست قضية الاستقالة، إن المسألة تتجاوز حد تقديم الاستقالة فهي مؤشر لعدم قناعة السادة النواب بفاعلية أداء بعض الوزراء.

لقد انقسم الملف السياسي إلى جزئين: جزء أوضح عدم تمكن إدارة الحكومة الحالية لمنشآتها، وتحديداً بعض الوزراء فيها، ما وضع سمو رئيس مجلس الوزراء في حرج من «الربكة» القيادية، فالوزير يتسلم مهام الحقيبة الوزارية عن اقتدار وكفاءة ونضج شخصي يجعله يعمل تحت ضغط أي ظرف ويفترض فيه سعة الصدر والتحمل النفسي، عندما يتلقى السهام مصوبة تجاهه من خلال النواب مباشرة في مجلس الأمة أو عن طريق الصحافة، هذا خلاف ما يكتب من قبل الكتاب والمحللين السياسيين.

إن صفة التوزير هذه لم تكن متوافرة جوانبها في بعض الوزراء والضعف يؤدي إلى الانهزام.

أما الجزء الثاني فهو بارز للعيان ولا يحتاج إلى مكاتب استشارية ولا البنك الدولي لتفسيره، وهو مثبت في عاملي القرار والالتزام في التنفيذ.

الحكومة لم تأتِ بخطة عمل وفق ما حدده المشرع الكويتي، وجاءت بعد انتهاء المهلة الدستورية، وقد ساعد التردد في اتخاذ القرار بعض نواب مجلس الأمة الذين هم في واقع الحال مختلفون فيما بينهم.

ان الأحداث يسطرها التاريخ، وهي مطبوعة على صدر صفحات الصحف على هيئة تصريحات أو قرارات تؤخذ في ليلة وضحاها تلقى التأجيل أو بصريح العبارة التسويف! فمن المستفيد مما يحصل؟

قد يرى البعض أن الاستقالة متوقعة ونحن نتفق معهم حسب ما أفرزته لنا التداعيات الأخيرة لقضايا مهمة كقضية الزيادة، التجنيس، الملف الرياضي، الملف المالي، التعليم، الصحة، إزالة التعديات إضافة إلى قضايا لا تعد ولا تحصى!

قد يساعد حل مجلس الأمة في توفير تركيبة نيابية أفضل، ولو نظرنا لبعض العناصر النشطة بين النواب لتولد لدينا اليقين بأنهم عائدون لا محالة فهم مفوهين، ولديهم كاريزما خاصة! وإذا عاد النواب الصقور إلى المجلس مرة أخرى وتم تشكيل حكومة جديدة على الاستراتيجية نفسها المتبعة في توزير الوزراء فإننا «لا طبنا ولا غدا الشر».

الاستقالة أوقفت سيل الانحدار في التعامل بين السلطتين وعدم انسجام الكتل القيادية واتفاق الأعضاء مع الوزراء وعدم تحمل الوزراء للاستفزازات النيابية، وهو جانب نفساني مهم يحتاج إلى معالجة من قبل الحكماء كي يكون الطرح في الأيام المقبلة طرفاً عقلانياً لا تستخدم فيه عبارات استفزازية أو تجاوزاً في أدب الحوار أو قفزا على الصلاحيات.

ندعو الله عز وجل الهداية للجميع وأن يحفظنا من الآثار السلبية لتراكمات الأحداث على المستويين السياسي والاجتماعي.

نبقى أسرة واحدة، فريقاً واحداً، ولكن كيف يتحقق لنا تشكيل فريق واحد منسجم يعمل تحت مظلة الأسرة الواحدة وهي الوطن؟ هذا ما نتطلع إليه، والله المستعان على أي حال نجد أنفسنا فيها!


تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي