رئيس مؤسسة «كارنيغي» للسلام توقّعت حراكاً سياسياً في روسيا على خطى «الربيع»

جيسيكا ماتيوس: 2011 سيخلّد عاماً للصحوة العربية و2012 ستكون السنة الأخيرة لبشار الأسد ونظامه

تصغير
تكبير
| إعداد عماد المرزوقي |

شكل التغيير في عام 2011 أحداثا تاريخية. وبعد السنة التي شهدت الصحوة العربية، أزمة اليورو، كارثة اليابان نووية، قتل أسامة بن لادن وردود الفعل **غير المتوقعة للانتخابات روسيا البرلمانية الأخيرة والكثير غيرها تطل السنة الجديدة 2012 متخمة بالكثير من علامات الاستفهام حول ما تحمله من تطورات ومفاجآت.

رئيسة مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي في واشنطن جيسيكا ماتيوس تلقي الضوء على أحداث العام المنصرم والسنة الجديدة، فإذا كان 2011 عام المفاجآت والتغيير السريع فإن 2012 ستكون سنة مماثلة. هكذا تعتقد ماتيوس التي قدمت سردا مطولا في هذا الاطار عبر حوار نشره موقع «كارنيغي» نسلط الضوء على أبرز وأهم ما جاء فيه:



ترى ماتيوس أن 2012 سيكون «العام الأخير للنظام السوري الحالي» مشيرة الى أنه «في هذا الوقت من السنة المقبلة، سيكون بشار الأسد الرئيس السابق وسيرحل نظامه»، لكنها تعتقد أن «سبيل الخلاص من النظام السوري سيكلف خسائر كبيرة في الأرواح».

وتشير إلى أن «عام 2011 سيخلّد من دون شك كعام للصحوة العربية»، غير مستبعدة صحوة سياسية في روسيا كذلك.

وبينت ماتيوس أن أزمة اليورو يمكن أن تقارن بالصحوة العربية، موضحة أنه «إذا كانت منطقة اليورو أو الاتحاد الأوروبي يأتيان على حدة، ستكون هناك أحداث في أوروبا مماثلة في الأهمية التاريخية لما حدث في منطقة الشرق الأوسط»، فيما رأت أن «قتل أسامة بن لادن وحتى زلزال اليابان المدمر وأمواج تسونامي والأزمة النووية اللاحقة لا ترقى إلى المستوى التاريخي نفسه». وقالت ان «حادث محطة فوكوشيما يضع علامة استفهام كبيرة حول احتمال وجود نهضة نووية، فالكارثة النووية دفعت اليابان مع دول ومناطق أخرى مثل ألمانيا الى اختيار التخلص التدريجي من محطات الطاقة النووية وغيرها لأجل تباطؤ نمو الخطط النووية».



القضايا العالمية الرئيسية

توقعت ماتيوس أن «تكون 2012 سنة تاريخية أخرى، وان القضايا الأربع المحورية في الشرق الأوسط هي مصر والعراق وسورية وايران».

وقالت ان «الانتخابات في مصر تتجه إلى الأمام، والسؤال حول ما إذا كان الجيش سيتخلى عن السلطة التي أخذها في أعقاب الاطاحة بالرئيس حسني مبارك، يثير علامة استفهام كبيرة»، مبينة أن «الاضطرابات التي سادت في الأيام والأسابيع القليلة الماضية تعطي مؤشرات ليست مشجعة. لكن معاينة ما يمكن أن يحدث مستقبلا لن يكون واضحا الا بعد أن يتم انتخاب برلمان جديد في نهاية المطاف».

وبينت رئيسة معهد «كارنيغي» للسلام أنه «بعد نهاية الحرب في العراق ورحيل القوات الأميركية، قام رئيس الوزراء نوري المالكي بخطوات مذهلة ضد زعماء السنة». وذكرت أنه «من السابق لأوانه القول ما اذا كان وضع العراق سيتجه نحو الحلحلة»، وفي المقابل لم تستبعد على الاطلاق أن تتفاجأ «اذا ازداد الوضع سوءا أكثر».

وتعتقد ماتيوس أن «في هذا الوقت من السنة المقبلة، سيكون بشار الأسد الرئيس السابق وسيرحل النظام الحالي السوري. لكن الأسئلة هي : كيف ينتهي اتساع أعمال العنف في سبيل التخلص من النظام، وكم سيكلف ذلك من خسائر في الأرواح؟».

وفي هذا الصدد، رأت ماتيوس انه «سيتعين على المجتمع الدولي أن يلعب دورا بناء، كما ينبغي على جامعة الدول العربية تكثيف الجهود كما فعلت في ليبيا وتكون أكثر فاعلية مما هي عليه حتى الآن؟». وخلصت الى أن «ثمة تداعيات ضخمة للأزمة السورية على أقل تقدير في لبنان، إيران، إسرائيل وتركيا».

ورأت ماتيوس «اننا مقبلون على مرحلة خطرة لا سيما في ايران»، مشيرة الى أن «أحدث التقارير الاستخباراتية تفيد أن ايران تخطط لتوسيع أنشطة التخصيب في منشأة تحت الأرض بالقرب من مدينة قم. وتشارك اسرائيل في النقاش حول ما إذا كان للهجوم على مثل هذا المرفق داع قبل مرحلة التشغيل الكامل. السياسات الأميركية حول التعاطي مع هذا الموضوع في عام الانتخابات مخيفة. وهذا من شأنه أن تدخل إسرائيل حربا يمكن أن تبدأ ولكن لا يمكن أن تنتهي».

وفي الوقت نفسه، ركزت رئيسة معهد «كارنيغي» للسلام على مسألة تسابق المرشحين الجمهوريين في المزايدة بشأن التعاطي مع إيران. ولم تستبعد ماتيوس أن «تنجرف الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد إيران من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية الى مستويات قياسية، وفي جميع الاحتمالات ستؤدي مثل هذه الحرب إلى اندلاع موجات ارهابية من قبل مجموعات مدعومة من إيران».

في مكان آخر، تعتقد ماتيوس أنه «سيكون لأزمة اليورو طرف في ادخال العالم في ركود اقتصادي». ورأت أنه «لا يزال من غير الواضح ما إذا كان يمكن حل الأزمة، وإذا كانت منطقة اليورو سوف تبقى على قيد الحياة».



الصحوة العربية

اعترفت ماتيوس أن «عام 2012 سيكون عاما صعبا، ولكن هذا لم يكن غير متوقع»، معتبرة أن الربيع العربي تسمية خاطئة «انه ليس موسما واحداً، أو حتى عملية دامت عاما كاملا للتغيير. بدلا من ذلك، كان عام 2011 بداية لفترة عشر سنوات أو عشرين سنة متعددة من التحول العميق في العالم العربي».

وقالت ماتيوس: «يجب أن يفكر الناس في الصحوة العربية بهذه الشروط، وليس الاعتقاد بأن انتخابات واحدة في بلد واحد هي لحظة حاسمة تضمن اللاعودة إلى الوراء. كل هذه الهستيريا ضد بلوغ الإسلاميين إلى السلطة في مصر هي أحد الأمثلة على هذا النوع من التفكير. وفي الواقع، فإن الديموقراطية من المرجح أن تكون لها تأثير ملطف على الإسلاميين بمرور الوقت، لأن الحكم هو أكثر من ذلك بكثير مما تطالب به المعارضة. أول انتخابات ليست نهاية الطريق، ولكن فقط بداية».

وترى ماتيوس أن «السنة الجديدة ستكون فترة صعبة بالنسبة للحكومات الجديدة، لأنها سوف تواجه تحديات كبيرة في توفير التقدم الاقتصادي».

على صعيد آخر، أثارت ماتيوس استمرار علامات الاستفهام حول الوضع في أفغانستان وباكستان، وقالت «الأمور في باكستان حسب تسير من سيئ إلى أسوأ، والتوترات آخذة في الارتفاع بين قواتها العسكرية القوية والحكومة المدنية»، كما يمكن توقع انقلاب عسكري قد ينهي حقبة أخرى من الحكم المدني في 2012»، معتبرة ان «تعقيد المسألة في باكستان يعود الى سبب الحرب في أفغانستان، والوضع هناك ليس على ما يرام. وتستمر الحرب على الارهاب في افعانستان عشر سنوات تكبدت فيها قوات حلف الشمال الأطلسي أعلى الخسائر بين 2010 و2011».

وفي الولايات المتحدة، ترى ماتيوس أن «اتفاق اللجنة العليا على سبل خفض العجز في الصيف الماضي، يثير قلقا حقيقيا حول التخفيضات في الميزانية التي يفترض اتباعها». وذكرت أن «اجراءات تخفيضات الانفاق الدفاعي فضلا عن تخفيضات لتناسب البيئة الاستراتيجية الخارجية، يمكن أن تكون مدمرة بشكل رهيب».

وأشارت الى أنه «بعد محاولات التملص من شرط لخفض تلقائي في عام 2013 أكدت هذه الخطوة فقط عدم قدرة أميركا على ضبط وضع المالية العامة في وقت كانت فيه العديد من البلدان الأخرى عالجت الى حد كبير مشاكل أكثر صعوبة».

ولاحظت ماتيوس أن «صورة السياسات الأميركية المنكسرة والمتعددة تعطي تأثيرا كبيرا في الخارج على تصورات الدول الأخرى حول نفوذ وقوة الولايات المتحدة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي