د. وائل الحساوي / نسمات / مسرحية «مأكولة ومذمومة»

تصغير
تكبير
اشترى المشاهدون التذاكر ليشاهدوا مسرحية الموسم التي طالما انتظروها، والتي تجمع بين المرح والضحك والدراما والمفاجآت، ثم تسمّر المشاهدون على كراسيهم ليشاهدوا المسرحية التي ابتدأت بلقاء مهم جرى تحت قبة البرلمان ما لبث ان تحول الى ضرب بالأيدي والعقل، ثم تصالح الجميع ليعودوا الى برلمانهم.

لم تمض فترة قصيرة حتى اختلف أبطال المسرحية حول الأخلاق وطعن بعضهم بذمم البعض الآخر، ثم قررت مجموعة منهم مقاطعة من فسدت ذممهم وتركوا البرلمان ثم اتجهوا الى ما سموه بساحة الإرادة ليمارسوا تحذير الناس من هؤلاء المرتشين ويعقدوا الندوات المتتالية لإسقاط برلمانهم.

لم يكتف المعارضون بالندوات والانتقادات ولكنهم قرروا ان يقتحموا المجلس الذي خرجوا منه، ولكن هذه المرة عبر كسر الأبواب والدخول عنوة لاحتلال البرلمان، ثم حدثت حالة من الفوضى والارتباك تسببت في حل برلمانهم وإيقاف نشاطهم.

تحوّل المشهد من البرلمان وساحة الإرادة الى النيابة العامة لتمارس استدعاء من قبض الملايين في البرلمان ومن احتل البرلمان، فكلهم مجرمون في نظر القانون، ورأينا سيارات مظللة تقف عند البرلمان لينزل منها رجال متخفون، وسيارات مكشوفة يخرج منها رجال يتفاخرون ببطولاتهم، ثم يخرج الجميع ضاحكين بعد ان يدفعوا الكفالات الرمزية ويلتقطوا الصور التذكارية مع ناخبيهم.

بعدها تحول النقاش الى جدل عقيم أصاب المشاهدين بالغثيان حول دستورية الحل وفقدان المحلل والبحث عن حل لأزمة ليس لها حل، وبعدما كان المعارضون يرفضون أي حل إذ بهم يوافقون الحكومة على كل ما تقترحه من حلول لكي لا يتعثر الحل، ولكي يحصلوا على الغنائم من إسقاطهم الحكومة.

أخيرا فقد اجتمع الجميع في مخيمات انتخابية ليتفاخر كل منهم بأنه كان بطل المرحلة السابقة، ويبدأ حملته في شتم الطرف الأضعف، ألا وهو الحكومة، فهي السبب في التأزيم وهي السبب في إفساد القبيضة، وهي السبب في تدمير البلد وهي التي ظلمت النواب بإحالتهم الى النيابة وهي التي اقتحمت المجلس وهي السبب في الربيع العربي.

وبعد نهاية المشهد الأخير للمسرحية وزع أبطال المسرحية أوراقا على المشاهدين وطلبوا منهم اختيار الأبطال الذين أجادوا دورهم، شعر المشاهدون بالحيرة: إذا كانت الحكومة هي الخصم الوحيد وهي من يستحق العقوبة على كل شيء، فلماذا تعارك الجميع داخل المجلس وضرب بعضهم بعضا، ولماذا تبادلوا الاتهامات بينهم بالرشوة أو بالتأزيم؟! ولماذا تمت إحالة هذا العدد المهول الى النيابة العامة؟! بل الأهم من كل ذلك هو: ما نتائج التحقيق التي تم خلط الأوراق فيها لدرجة اختفاء المذنب وراء البريء، وإذا كانت الحكومة قد اتبعت سياسة «عفا الله عما سلف» فماذا عنا نحن المشاهدين الذين عشنا ساعات من الرعب ووقوف الشعر، وكيف سنميّز الأمور لنحسن الاختيار؟! وأين الدماء الجديدة التي سنختارها بدلاً ممن سقطوا في الاختبار؟!

لم يستطع منظمو المسرح الإجابة عن أسئلة المشاهدين وإنما قاموا بجمع الأوراق وفرزها لكي يعلنوا فوز الجميع من مؤزمين ومرتشين ومطبلين، والوحيدة التي رسبت في الامتحان كانت هي الحكومة.

خرج الجميع من المسرح ليشاهدوا الإعلان عن المسرحية المقبلة وكانت المفاجأة هي ان جميع الأبطال في المسرحية السابقة هم أبطال هذه المسرحية الجديدة، والوحيدة التي تم استبعادها من المشاركة هي الحكومة!! أما عنوان المسرحية الكوميدية فهو «مأكولة ومذمومة».

عاش أبطال المسرحية!!



نتمنى للسميط الشفاء

لقد آلمنا المصاب الجلل الذي ألمَّ بالدكتور الداعية عبد الرحمن السميط الذي ما إن تتصفح صفحات حياته حتى ترى الإنسان الذي كرّس وقته وجهده كله في سبيل الله وترك رغد العيش في بلاده ليعيش في أسوأ الأماكن مع أهله وذلك ليوصل دعوة الله تعالى للعالم كله وليقوم بواجبه الإنساني الذي قام به رسل الله تعالى من إغاثة المنكوبين وكسوة العارين وإطعام الجائعين والمسح على رأس اليتيم.

عسى الله تعالى أن يمنّ على الدكتور السميط بالشفاء العاجل وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي