د.نوف علي المطيري / أيها الناخب... لا تقع في الفخ

تصغير
تكبير
بدأت آمال الشعوب العربية في الحصول على حقوقها المسلوبة، والمتمثلة في المشاركة في صنع القرار والحياة الحرة الكريمة في الارتفاع، بعد ثورات التغيير المسماة بالربيع العربي. لقد اندفع الشباب الطامح للتغيير لتقويض الحكومات المستبدة، والخروج من الدوامة التي عاشت فيها شعوبهم مرغمة لسنين طويلة ليقدموا للناس الحرية التي طالما نشدوها. لقد مرت سنوات ذاق فيها العرب مرارة العيش والذل والفقر، ثم أفاقوا من حالة السبات القسري وارتفعت أصواتهم مطالبة برحيل الطغاة، وبمكافحة الفساد، وطرد من كانوا السبب في معاناة الملايين من البشر. ولقد التقط العرب أنفاسهم بعد رحيل الطغاة وطي قصصهم إما بالتنحي القسري وإما بالموت، وبدأوا مرحلة الانتخابات لاختيار المرشحين للرئاسة ولمن يمثلهم في المؤسسات المدنية المختلفة.

ويأتي اختيار المرشحين كاختبار أول وحقيقي للشعوب العربية لتثبت فيه تحررها التام من جلاديها واستخلاصها العبر من تجارب الماضي القاسية، ولتظهر للعالم أجمع أنها جديرة بإدارة نفسها وتحقيق أهدافها التي حاربت من أجلها ودفع الشرفاء من أبنائها دماءهم للوصول لها. إن هذه اللحظة التاريخية، التي تمثل بداية المشوار نحو السعي لتحقيق الأهداف الوطنية والقومية المتمثلة في بناء البلدان العربية، تقتضي التخلص من فلول الأنظمة السابقة التي تنتشر كالسرطان في العديد من الأماكن الحساسة والمؤثرة. وتحتاج عملية اقتلاع هذه الفلول من جذورها لوعي كامل بأهمية التعامل بجدية تجاه المشاركة في العملية الانتخابية واختيار المرشح الأنسب لشغل المنصب، وتفويت الفرصة على الفاسدين والمسؤولين السابقين الذين يراهنون على فشل الثورات العربية وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها.

وتعتبر لحظة الاختيار الحر للمرشحين، والتي يفترض أن تكون خالية من القيود والضغوط، من اللحظات النادرة والمهمة في حياة الإنسان العربي، وهي لحظة يتوق لها الكثيرون ويمر بها القليلون. إنها فرصة لا تعوض على المواطن العربي أن يستغلها جيداً، وهذا يتطلب وعيا وفكرا جديدا متجردا من الانتماءات القبلية والمذهبية والحزبية وغيرها. وليتذكر الجميع أنهم أمام قضية مهمة هي بناء الوطن وتحقيق ديموقراطية تتيح تعايش شرائحه ومواطنوه على تعدد انتماءاتهم العرقية والدينية وغيرها في تأخ وانسجام، كما أن الانتخاب يجب أن يعي فيه الإنسان العربي أن اختياره سوف يؤثر لا في مستقبل بلده فحسب بل وحتى في مستقبل حياته وأسرته.

ولقد كثر المرشحون وكثرت الوعود التي يطلقونها ما قد يجعل عقل الناخب في حيرة وشك في من يختار، وقد يسأل نفسه: كيف اختار المرشح المناسب، هل هذا المرشح صادق في وعوده؟ لذا ينبغي أن يتذكر الإنسان العربي أن عليه أن يستخدم معايير تضمن ممارسته للانتخاب بحكمة وكفاءة. من هذه المعايير اتصاف المطلوب ترشيحه بالصدق في وعوده وفي ما يقول، ثم يتعين أن يكون المرشح ذا تاريخ يشهد له بالنزاهة، ثم الكفاءة المهنية التي تضمن أن يحقق الإنجازات الطموحة التي ينتظرها الناس. ثم يتعين اختيار المرشح على أساس مواقفه من قضايا الأمة التاريخية وانسجامه مع روح العمل العربي المشترك. ومن الصفات المطلوبة في المرشح الجرأة على مواجهة القوى السياسية التي يمكن أن تعيق تحقيق طموحات البلاد والأمة. والحذر الحذر من بيع الأصوات لقاء مبلغ مالي، لأن الأمر في منتهى الخطورة لمستقبل البلاد ومستقبل الفرد. وعلينا ايضاً أن نمنح جيل الشباب الفرصة للمشاركة في صنع القرار وتشجيع الوجوه الشابه على الترشح حتى نضخ دماء جديدة وشابة تطرح رؤى غير تقليدية في البناء والتنمية، كما ساهمت في صنع الثورات وحققت التحرر من الطغاة.





د.نوف علي المطيري

كاتبة سعودية

d.nooof@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي