قيود حرية التعبير!
سارة الدريس
| سارة الدريس |
حرية الرأي والتعبير هي الحرية في التعبير عن الآراء و الأفكار، عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني من دون رقابة أو قيود أو حدود، بشرط عدم خرق قوانين و أعراف الدولة، و يصاحب حرية التعبير بعض الحقوق مثل حرية العبادة وحرية الصحافة و حرية التظاهر السلمي.
يعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل... من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقي في نظر البعض، حيث قال: «إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توافرت له القوة»، وكان الحد الوحيد الذي وضعه ميل لحرية التعبير هو «إلحاق الضرر»، لكن إلى وقتنا هذا هناك جدل قائم حول ماهية هذا الضرر، فعلى سبيل المثال، لو كان هناك شخص يملك القوة والمال والسلطة و يمارس حريته كما يشاء بناء على اعتقاده الشخصي بأن هذا من صلاحياته، ألا يعتبر التظاهر السلمي لصد هذا الرجل نوعا من أنواع حرية التعبير التي قد توقف عبث هذا الرجل بإبعاده وإلحاق الضرر به بما يستحق، وعزله في الوقت ذاته يعود بالنفع على الصالح العام؟
النتائج الجيدة التي تعود بالنفع على أكبر عدد ممكن من الناس هي من يحدد إن كان عملا ما أو فكرة أو رأيا أو قضية هي حرية تعبير إيجابية أم مجرد إلحاق ضرر بالآخرين.
الإيمان بحرية التعبير دلالة على الوعي و التحضر، لكن شرط ألا تكون هجوما على دين أو عرق أو ملة أو رموز دينية أو أماكن مقدسة أو معتقدات الإنسان الخاصة، فالحوار السلمي و احترام الآخر هو أفضل وسيلة للتعايش السلمي في وجود التنوع الديني والعرقي والطائفي، وكل القوانين الدولية في كل الدول تجرم الإساءة لمقدسات الآخرين.
أكد الدين الإسلامي على حرية التعبير باعتبار أنها فريضة على الحاكم والمحكوم معاً، فالحاكم مطالب بتنفيذها عن طريق الشورى، وعن طريق تحقيق العدل والنظام القضائي المستقل، ونشر التعليم، وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي وغيرها من الوسائل التي تجعلها ممكنة بحيث لا تخاف الرعية من ظلم أو فقر أو تهميش إذا مارستها، و المحكوم مطالب بها فرداً وجماعات في كل المجالات تجاه الحاكم وتجاه الآخرين، ومن دون حرية التعبير وكل ما يؤدي إليها يحدث خللا في المجتمع الإسلامي، فالمسلم مطالب بعدم كتمان الشهادة السياسية والاجتماعية والقضائية على حد سواء: «وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ».
أقر الإسلام بالتعددية، وأن الاختلاف بين البشر ليس أمرا طبيعيا فحسب، بل إيجابي، قال تعالى، «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ»، وحرية التعبير ليست حكرا على أحد دون أحد، لا للرجل دون المرأة، ولا للحر دون العبد، ولا لأي فئة دون فئة، «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر»، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أعمدة حرية التعبير في الإسلام، و كان الرسول صلى الله عليه و سلم والصحابة في عهد الخلافة يستمعون إلى آراء غيرهم من المسلمين وغير المسلمين، من الشيوخ والشباب أيضا، لكن هناك أيضا قيودا أخلاقية وقانونية في الدين الإسلامي تقيد حرية التعبير، أخلاقية مثل الغيبة والسخرية من الآخرين وكشف عيوبهم، وقانونية مثل إيذاء الآخرين وتكفير المسلم والافتراء عليه، وغيرها.
نحن الآن في أمس الحاجة إلى فهم معنى حرية التعبير بشكل يعود بفائدة على مجتمعنا، ويؤكد على مبدأ احترام الآخر، وقبول الاختلاف و إدراك أن الديموقراطية لا تتحقق إلا بتنوع الأحزاب و الإيمان بالتعددية، من دون إلحاق الضرر بالآخرين
الغريب، أن المسلمين أكثر الناس بعدا عن تعاليم دينهم، المجتمعات الإسلامية في الوقت الراهن بالضبط كموقف رواه لي شخص ما، «قال لزوجته: اسكتي، وقال لابنه: اخرس، صوتكما يجعلني مشوش التفكير، لا تنبسا بكلمة، أريد أن أكتب عن حرية التعبير!».
ملاحظة: تمت الاستعانة في هذا المقال بويكيبيديا الموسوعة الحرة.
[email protected]
حرية الرأي والتعبير هي الحرية في التعبير عن الآراء و الأفكار، عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني من دون رقابة أو قيود أو حدود، بشرط عدم خرق قوانين و أعراف الدولة، و يصاحب حرية التعبير بعض الحقوق مثل حرية العبادة وحرية الصحافة و حرية التظاهر السلمي.
يعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل... من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقي في نظر البعض، حيث قال: «إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توافرت له القوة»، وكان الحد الوحيد الذي وضعه ميل لحرية التعبير هو «إلحاق الضرر»، لكن إلى وقتنا هذا هناك جدل قائم حول ماهية هذا الضرر، فعلى سبيل المثال، لو كان هناك شخص يملك القوة والمال والسلطة و يمارس حريته كما يشاء بناء على اعتقاده الشخصي بأن هذا من صلاحياته، ألا يعتبر التظاهر السلمي لصد هذا الرجل نوعا من أنواع حرية التعبير التي قد توقف عبث هذا الرجل بإبعاده وإلحاق الضرر به بما يستحق، وعزله في الوقت ذاته يعود بالنفع على الصالح العام؟
النتائج الجيدة التي تعود بالنفع على أكبر عدد ممكن من الناس هي من يحدد إن كان عملا ما أو فكرة أو رأيا أو قضية هي حرية تعبير إيجابية أم مجرد إلحاق ضرر بالآخرين.
الإيمان بحرية التعبير دلالة على الوعي و التحضر، لكن شرط ألا تكون هجوما على دين أو عرق أو ملة أو رموز دينية أو أماكن مقدسة أو معتقدات الإنسان الخاصة، فالحوار السلمي و احترام الآخر هو أفضل وسيلة للتعايش السلمي في وجود التنوع الديني والعرقي والطائفي، وكل القوانين الدولية في كل الدول تجرم الإساءة لمقدسات الآخرين.
أكد الدين الإسلامي على حرية التعبير باعتبار أنها فريضة على الحاكم والمحكوم معاً، فالحاكم مطالب بتنفيذها عن طريق الشورى، وعن طريق تحقيق العدل والنظام القضائي المستقل، ونشر التعليم، وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي وغيرها من الوسائل التي تجعلها ممكنة بحيث لا تخاف الرعية من ظلم أو فقر أو تهميش إذا مارستها، و المحكوم مطالب بها فرداً وجماعات في كل المجالات تجاه الحاكم وتجاه الآخرين، ومن دون حرية التعبير وكل ما يؤدي إليها يحدث خللا في المجتمع الإسلامي، فالمسلم مطالب بعدم كتمان الشهادة السياسية والاجتماعية والقضائية على حد سواء: «وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ».
أقر الإسلام بالتعددية، وأن الاختلاف بين البشر ليس أمرا طبيعيا فحسب، بل إيجابي، قال تعالى، «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ»، وحرية التعبير ليست حكرا على أحد دون أحد، لا للرجل دون المرأة، ولا للحر دون العبد، ولا لأي فئة دون فئة، «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر»، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أعمدة حرية التعبير في الإسلام، و كان الرسول صلى الله عليه و سلم والصحابة في عهد الخلافة يستمعون إلى آراء غيرهم من المسلمين وغير المسلمين، من الشيوخ والشباب أيضا، لكن هناك أيضا قيودا أخلاقية وقانونية في الدين الإسلامي تقيد حرية التعبير، أخلاقية مثل الغيبة والسخرية من الآخرين وكشف عيوبهم، وقانونية مثل إيذاء الآخرين وتكفير المسلم والافتراء عليه، وغيرها.
نحن الآن في أمس الحاجة إلى فهم معنى حرية التعبير بشكل يعود بفائدة على مجتمعنا، ويؤكد على مبدأ احترام الآخر، وقبول الاختلاف و إدراك أن الديموقراطية لا تتحقق إلا بتنوع الأحزاب و الإيمان بالتعددية، من دون إلحاق الضرر بالآخرين
الغريب، أن المسلمين أكثر الناس بعدا عن تعاليم دينهم، المجتمعات الإسلامية في الوقت الراهن بالضبط كموقف رواه لي شخص ما، «قال لزوجته: اسكتي، وقال لابنه: اخرس، صوتكما يجعلني مشوش التفكير، لا تنبسا بكلمة، أريد أن أكتب عن حرية التعبير!».
ملاحظة: تمت الاستعانة في هذا المقال بويكيبيديا الموسوعة الحرة.
[email protected]