د. عيسى العميري / الإمارات... حلم عربي كبير

تصغير
تكبير
شهد يوم 2 ديسمبر من عام 1971 ميلاد دولة الإمارات العربية المتحدة التي برزت إلى الوجود بفضل الرؤية الاستراتيجية الواضحة للراحل سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، فقد لقيت دعوة سموه المخلصة والحكيمة لجمع شمل الإمارات استجابة واسعة تجسدت في اللقاءات التي تمت بين حكام الإمارات منذ عام 1968 وحتى إعلان الاتحاد بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مستقلة ذات سيادة، وجزءا لايتجزأ من الوطن العربي الكبير. تستهدف الحفاظ على استقلالها وسيادتها واستقرارها ودفع كل عدوان عن كيانها أو كيان الإمارات والأعضاء، وحماية حقوق وحريات شعبها وتحقيق التعاون الوثيق بين إماراتها لصالحها المشترك. واتفق حكامها على قيام اتحاد بينهم، وتشكيل مجلس أعلى هو السلطة العليا لصنع القرار السياسي في الدولة الجديدة ويتألف من أصحاب السمو حكام الإمارات. وبالإضافة إلى المجلس الأعلى للاتحاد فإن نظام الحكم يتضمن أيضا سلطة تنفيذية هي مجلس الوزراء، وتشريعية، هي المجلس الوطني الاتحادي، وقضائية مستقلة على رأسها المحكمة الاتحادية العليا ويقوم صاحب السمو رئيس الدولة باختيار رئيس مجلس الوزراء بالتشاور مع أعضاء المجلس الأعلى ثم يختار رئيس الوزراء أعضاء حكومته. وينص الدستور على استقلالية القضاء وتتألف المحاكم من المحكمة الاتحادية العليا والمحاكم الاتحادية الابتدائية والاستئنافية. ولكل إمارة من الإمارات السبع هيئاتها الإدارية المحلية والتي تكون موازية وفي بعض الحالات متداخلة مع الهيئات الاتحادية. وقد تشكل المجلس الوطني الاتحادي الذي يمثل السلطة الرقابية والتشريعية في الثاني من ديسمبر 1971 تنفيذا لاحكام دستور البلاد وتجسيدا لحرص المسؤولين على اختيار الشورى منهجا للحكم وإتاحة المجال أمام المواطنين للمشاركة في تحمل مسؤوليات العمل الوطني.

وينطلق نهج السياسة الخارجية لدولة الإمارات من التزامها بانتمائها الخليجي والعربي والإسلامي وحرصها على تعزيز وتوسيع دائرة صداقاتها مع جميع دول العالم. كما تقوم ثوابت هذه السياسة على نهج الشفافية والحوار والمصارحة والحرص على حسن الجوار، واقامة علاقات مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين والجنوح إلى حل النزاعات بالطرق السلمية والالتزام بمواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية والوقوف إلى جانب الحق والعدل والإسهام الفعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين.

وعملت دولة الإمارات على الصعيد الخليجي انطلاقا من إيمانها بوحدة الهدف والمصير بين دول الخليج العربية على تعزيز العمل الخليجي المشترك واسهمت مع شقيقاتها منذ إعلان ميلاد مجلس التعاون في أبوظبي في الخامس والعشرين من مايو 1981 في تعميق روابط التعاون والتآزر بين دوله وشعوبه وتحقيق التكامل في ما بينها في مختلف الميادين. وترتكز السياسة النفطية لدولة الإمارات على قاعدة الحرص على توفير الاستقرار وتحقيق التوازن في أسواق النفط العالمية بما يحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة وعملت الإمارات في هذا الخصوص على دعم كل جهد جماعي يهدف إلى تعزيز تماسك ووحدة منظمة أوبك للاضطلاع بدورها في تثبيت سقف الإنتاج العالمي للنفط ويحقق أسعار مقبولة وعادلة. واهتمت دولة الإمارات بالتنمية الصناعية لدورها المحوري في استراتيجية تنوع القاعدة الإنتاجية التي تنتهجها الدولة للتقليل من الاعتماد على العوائد النفطية كمصدر وحيد للدخل القومي. وقد رسخت دولة الإمارات مكانتها في صناعة السياحة العالمية لما تتمتع به من مقومات وفي مقدمتها الأمن والاستقرار والموقع الجغرافي الاستراتيجي والطقس المتميز طوال أكثر من ستة أشهر في العام.

وتلك الانجازات الهائلة لم تكن لتأتي من فراغ.. وإنما نتيجة أشخاص لهم أهم الأثر في هذا النهج. بمعنى... أن هناك رجالا سهروا وجاهدوا من أجل توحيد إمارات الدولة والانطلاق بشعبها نحو العلا واستنفروا كل طاقاتهم وإمكانياتهم ووضعوها في خدمة دولتهم التي تم بناؤها تدريجياً من حيث البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية.

وبعد كل تلك الإنجازات يحق لنا أن نهنئ شعب الإمارات لما وصل إليه، وتستحق القيادة الحكيمة على منحها ثقتها لشعبها، والتي ماكانت دولة الإمارات لتصل إلى ما وصلت إليه لولا الفضل الكبير لكل الشيوخ الذين تعاقبوا على حكم دولة الإمارات، والحفاظ على الاتحاد متحدا متماسكاً كما كان لدى إنشائه قبل عقود من الزمان... ويحق لشعب الإمارات أن يفخر بكل ما حققه من انجازات على جميع الأصعدة، ويحق لنا نحن الخليجيين أن نفخر أيضاً بهذا البلد الخليجي ونباهي به شعوباً وبلداناً أخرى... ونجد أنفسنا بين اخوان لنا عندما نقوم بزيارة الإمارات ولا نجد أي فرق أو نحس بغربة في هذا البلد الخير المعطاء، حفظه الله وأدام عليه الخير والأمن والأمان ورغد العيش. والله من وراء القصد.





د. عيسى العميري

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي