عدسة «الراي» ترصد الصورة الحقيقية لعاصمة الكويت النفطية المحجوبة بأضواء الزينة وصخب الأوبريتات والاحتفالات
... هنا «الأحمدي» !
الأحمدي... هكذا تحولت بسبب الاهمال
هنا كان «سوق الأحمدي»
كتابات على جدران المدارس والمستوصف
ثانوية الأحمدي... اللافتة تعبر
سوق الأحمدي مهجور بشكل كامل بلا حماية ولا بديل للأهالي (تصوير نور هنداوي)
النفايات في الشوارع
المحافظ أعلن انتهاء مشكلة تسرب الغاز... والأعمال مستمرة
«جدول» سموم ونفايات سائلة
برك زيت تقتل التربة في الساحات
| كتب تركي المغامس |
على بعد نحو نحو 40 كيلومترا جنوب الكويت تشع مدينة الأحمدي بأضوائها اللافتة لتبهر زوارها بمدخل رائع يتلألأ ألوانا وزراعات خضراء ومبنى تاريخيا لمقر المحافظة التي تشكل عصب اقتصاد البلاد ومنبع خيراتها من الذهب الأسود.
هناك تحت ظل الأشجار الزاهية وسمعة الأحمدي ذائعة الصيت نخر الفساد جذور عاصمة الكويت النفطية وتسلل لجميع مرافقها، فتوقفت حدود المدينة عند بدايتها المبهرة حيث يقع مبنى المحافظة المفترض انها مسؤولة عن المنطقة كاملة، فيما يلف «الداخل» اهمال وتلوث وبيوت ومساحات مهجورة ونقص فظيع في الخدمات تحجب الأنظار عنها، ولا تصل إلى مسامع ومرأى المسؤولين والقيادة سوى أخبار ومشاهد الزينة والاحتفالات والأوبريتات والمهرجانات التي تحاول ترميم صورة كئيبة للمنطقة لم يعد من الممكن السكوت عنها في ظل اهمال المعنيين، وعدم دخولهم إلى حيث يفترض بهم أن يكونوا بدل الاكتفاء بالوقوف عند خط البداية والجلوس في مبنى المحافظة.
هناك في مدينة الأحمدي أشجار خضراء... وبيئة ملوثة، ورود ملونة... وأغصان يابسة، أضواء متلألئة... وعتمة موحشة، مساحات خضراء... وساحات قاحلة، طريق معبد... وطرقات مهجورة، مبنى مزين... ومبان مهدمة.
هناك في مدينة الأحمدي يصح المثل القائل: «من برا هالله هالله ومن الداخل يعلم الله»، فمن مبنى المحافظة الذي يراد توسيعه فيما تحوم شبهات حول مدى قانونيته أصلا، إلى الوضع البيئي الذي لم يكفه التسرب الطبيعي للغاز فزادته انتهاكا السموم التي تلقى في مصبات مياه الإمطار وتشق طريقها إلى البحر، بالإضافة إلى تشوين الشاحنات و تبديل الزيوت في الساحات الترابية و استغلالها استغلالا مضرا بالبيئة بعلم المسؤولين لإرضاء أشخاص أو مسؤولين يقومون برعاية الاحتفالات والمهرجانات وغيرها في المحافظة.
هناك في مدينة الأحمدي، ترسم المشاكل التي يعانيها المواطنون من سكان المنطقة مشهدا مأسويا يحاكي اهمال الحكومة ممثلة بالمحافظ وغياب الاهتمام بحلها، فالوضع الأمني وكثرة السرقات يرهب قاطني المنطقة، والخدمات الطبية متدنية إلى أقصى حد من خلال مستوصف واحد ومستشفى لا يمكن لأي كان دخوله، فضلا عن سوء الخدمات التعليمية ومرافقها التي مر عليها عقود دون ترميم أو تجديد، إضافة إلى سوق تم هجره وحرمان الأهالي منه ليتحول إلى مرتع للحيونات الضالة وملجأ للمشبوهين، فيما المحافظ غائب عن متابعة أهم متطلبات المواطنين وأبسطها.
عدسة «الراي» جالت داخل مدينة الأحمدي وفي شوارعها ولم تتوقف عند خط البداية، لتنقل الصورة الكئيبة التي لم يعد من الممكن السكوت عنها، علها تصل إلى أصحاب القرار ممن يعنيهم الأمر ولا تبقى محجوبة عنهم بغطاء احتفالات وأوبريتات أو أضواء تزين لهم واقعا معكوسا لحقيقة الصورة التي تصل إليهم ممن يفترض انهم مسؤولون ومؤتمنون على نقل «الصورة» على حقيقتها دون إضافات أو تعديلات تجميلية عليها.
من مبنى محافظة الأحمدي الذي يشهد شدا وجذبا بسبب الرغبة في توسعته رغم فقدان مخطط أوراق تخصيص الأرض المشيد عليها بدأت الجولة، نحو منطقة الأحمدي الصناعية التي تشكل مصدر إزعاج و ضوضاء وتلوثا دائما لأهالي المنطقة، لا تنفك المصانع والشركات النفطية وغيرها وورش صيانة للمعدات الثقيلة تبث ملوثاتها في هواء المنطقة، فيما يتم استغلال الساحات الترابية المحاذية من قبل الشركات بعلم مسؤولي المحافظة مواقف لسياراتها المعروضة للبيع أو للصيانة حيث يتم الغسيل وتبديل الزيوت والتشحيم في العراء وصب الزيت في برك ترابية ما تسبب في موت التربة وتلفها نهائيا بسبب سكب الزيوت المحروقة عليها.
أما في الجهة الشرقية لمدينة الأحمدي حيث الحزام الزراعي ذا الشكل الجذاب والمبهر للقادم من ناحية طريق الملك فهد السريع، فإن المشهد يبدو معكوسا بالكامل من الجهة الداخلية حيث تتراكم نفايات إنشائية وصناعية بشكل يوحي أن هذا الموقع مخصص كمردم للنفايات، حيث يبلغ طول النفايات المردومة أكثر من 700 متر على امتداد الحزام الزراعي فيما يقبع في نهاية هذا الحزام موقف كبير جدا بمساحة نحو كيلومتر مربع خصص لتشوين الشاحنات والرافعات التابعة للشركات حيث تم وضع «روف» خاص بهذا الموقع.
وأسهم استغلال الشركات لهذا الموقع مكانا لصيانة معداتها في إتلاف الحزام الزراعي وزيادة التلوث البيئي بشكل كبير، حيث أصبحت السموم التي تخلفها هذه الشركات تفوق ما تنتجه مصانع الشعيبة الغربية حيث تنبعث روائح كريهة من المنطقة بشكل لافت، فضلا عن تعمد بعض الشركات تبليط الأرض ما حولها وكأنها جزء من ممتلكاتهم الخاصة.
وبعد المواقف المخصصة للشاحنات تقع واحة زراعية مهملة بالقرب من نادي الشباب القديم، حيث تسقى هذه الواحة من مياه الأمطار ومخلفات المصانع التي تقوم بعض الشركات برميها في هذا المصب، الذي تحول جدولا صغيرا من المياه الملوثة، حيث أكد عدد من أهالي المنطقة ان قطيعا مؤلفا من أكثر من 19 رأسا من الأغنام لأحد المواطنين وجدت ميتة بعد شربها من هذا الجدول.
أما في موقع ما كان يسمى «سوق الأحمدي» الذي تم إخلاؤه، فقد حيث أصبح مرتعا للكلاب والقطط ومقصدا لمدمني المخدرات و السكارى ليلا، وبات يشكل خطرا حقيقيا على أهالي المنطقة، فضلا عن الروائح الكريهة المنبعثة منه بسبب الاهمال وتركه على خرابه بعد الاخلاء، ويضاف إلى ذلك ان هذا السوق كان نقطة التسوق الوحيدة لأهالي الأحمدي، وبعد قرار الإخلاء بات التسوق لأبسط الاحتياجات يمثل مشقة لقاطني المنطقة.
ورغم قرار الإغلاق الصادر عن المجلس البلدي لمبنى سينما الأحمدي وإزالته، فلا تزال المحلات تعمل هناك ولا حياة لمن تنادي، فـ «الواسطة» في المحافظة أقوى من القانون في المنطقة تعج بها المقاهي التي وجدت لنفسها موطئ قدم راسخ في المنطقة، فيما تغيب عنها جمعية تعاونية ترقى لتلبية احتياجات المواطنين، بالإضافة إلى عدم وجود صالة أفراح في الأحمدي التي تعتبر أقدم مدينة في المنطقة الجنوبية.
وفي مشهد محزن ومؤسف آخر تبدو المدارس في الأحمدي تالفة، حيث يوحي منظرها الخارجي بأنها مهجورة، ولم تطلها يد الترميم رغم المنظر المشوه بسبب قدم البناء وطلاء جدرانها بعبارات لا تمت للمدارس بصلة.
ولا يسلم الوضع الأمني في الأحمدي من الشكوى، حيث عبر الأهالي عن قلقهم من السرقات التي تزداد بشكل لافت في المنطقة خصوصا سرقة السيارات عن طريق الكسر وسرقة حدائق البيوت، إضافة إلى أن المشاكل والهوشات تحصل بشكل مستمر بين الشباب خصوصا في الفترات المسائية في الحدائق العامة أو الهوكي أو الممشى أمام الكنيسة، وفضلا عن الاستعراض والرعونة التي يقود بها الشباب سياراتهم بها في طرقات الأحمدي.
أما القطعة 1 في مدينة الأحمدي التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى منطقة «منكوبة» بسبب تسرب الغاز الذي حدث في بيوتها، فما زال الأهالي يعانون «التشرد» الذي فرض عليهم على أمل المعالجة السريعة والجذرية للمشكلة، بينما لم ينبهم سوى التصريحات الحكومية الرسمية ممثلة بالمحافظة التي وعدت بحل طال أمده ولم يتم لمسه على أرض الواقع، وبدل ان يعاد تجهيز البيوت لتعود صالحة للسكن، أصبحت كأفران لها مداخن تسحب الغاز من الأرض وتبثه في الهواء الطلق مما تسبب في زيادة كثافة نسبة الغاز في الجو بين البيوت بشكل ضاعف الأخطار الصحية الموجودة أصلا بسبب التلوث، وأصبح السير بينها أو العيش فيها شبه مستحيل خصوصا لمرضى الجهاز التنفسي والربو وكبار السن والأطفال.
ويقول سمير العتيبي: «مر علينا أكثر من عام ونحن نصارع السموم التي تنبعث من الأرض في ظل تضليل حكومي متعمد وتصاريح عشوائية من المسؤولين والمحافظة حول حل المشكلة والقول بأنه لم يبقَ سوى صبغ البيوت، وهذا كلام غير صحيح فنحن ما زلنا نعاني من الغاز»، مبينا أن «الإتلاف الذي حصل في بيوتنا أكبر من الإصلاحات التي أجروها، فالبيوت أتلفت من الداخل والأرضيات تم ترقيعها بشكل سيئ جدا»، مبينا أن «الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ حيث وضعت منصات وأبراج لسحب الغاز من الأرض و نشره في الهواء مما تسبب في إصابة العديد بالأمراض حيث تزيد نسبة الغاز في الجو و وتملأ رائحته الهواء الذي نستنشقه».
ويضيف «ان اللجنة الحكومية المشكلة لمتابعة المشكلة أجبرت بعض السكان على العودة للمنطقة رغم استمرار تسرب الغاز وانتشاره في المنطقة و هذا أمر خطير جدا، فضلا عن ان البيروقراطية الحكومية تسبب لنا احراجات ومشاكل مع أصحاب العقارات حيث نسكن موقتا بسبب عدم صرف
بدل الإيجار إلا بعد شهرين أو ثلاثة».
ويحمل العتيبي مسؤولي اللجنة والمحافظة «مسؤولية التلاعب في مشاعرنا بسبب التصريحات البعيدة عن الواقع، فوضعنا الآن سيئ للغاية ويجب أن تعترف اللجنة بعجزها عن معالجة المشكلة البيئية في الأحمدي وتطلب تثمين هذه القطعة التي ترغب في استملاكها شركة نفط الكويت».
وبدوره، يقول ناصر جهز «لقد طفح الكيل، فالوضع في الأحمدي من سيئ إلى أسوأ، بأصبحنا نعيش معاناة حقيقية بسبب المساوئ التي تسببت بها طريقة معالجة تسرب الغاز، إضافة إلى إخلاء سوق الأحمدي المركز التسوقي الوحيد لأهالي المنطقة وتجاهل حاجة المواطنين له، فضلا عن أن الوضع الصحي متردٍ أصلا، والحالة التعليمية أردى منه، فكيف لنا أن نعيش في هذه المنطقة التي أصبحت لا تتوافر فيها اقل سبل ومقومات العيش الكريم».
ويعتبر جهز ان «الأحمدي أصبحت بعد العبث الذي قامت به اللجنة المعنية بمعالجة الغاز منطقة غير صالحة للسكن، فلا نستطيع التعايش مع الغاز المنتشر في الهواء فقد تسبب لنا بحالات ضيق تنفس، والنقطة الأمنية أصبحت غير ذي فائدة فالعمالة السائبة تجوب البيوت ولا احد يستطيع إيقافها، ونحن نريد حياة كريمة لنا ولأبنائنا ولا ذنب لنا في ظهور الغاز وهذه كارثة طبيعية يجب أن تتحمل تبعاتها الدولة».
ويؤيد ما سبق كل من من سليم العتيبي و سعد السهلي و فهد شباب الذين اتفقوا على أن «الحياة في المنطقة أصبحت لا تطاق فالغاز منتشر في كل مكان ومنصات سحب الغاز منتشرة بين البيوت بالإضافة إلى ان (دكتات) سحب الغاز المركبة على البيوت أصبح خطرها اكبر على المواطنين».
على بعد نحو نحو 40 كيلومترا جنوب الكويت تشع مدينة الأحمدي بأضوائها اللافتة لتبهر زوارها بمدخل رائع يتلألأ ألوانا وزراعات خضراء ومبنى تاريخيا لمقر المحافظة التي تشكل عصب اقتصاد البلاد ومنبع خيراتها من الذهب الأسود.
هناك تحت ظل الأشجار الزاهية وسمعة الأحمدي ذائعة الصيت نخر الفساد جذور عاصمة الكويت النفطية وتسلل لجميع مرافقها، فتوقفت حدود المدينة عند بدايتها المبهرة حيث يقع مبنى المحافظة المفترض انها مسؤولة عن المنطقة كاملة، فيما يلف «الداخل» اهمال وتلوث وبيوت ومساحات مهجورة ونقص فظيع في الخدمات تحجب الأنظار عنها، ولا تصل إلى مسامع ومرأى المسؤولين والقيادة سوى أخبار ومشاهد الزينة والاحتفالات والأوبريتات والمهرجانات التي تحاول ترميم صورة كئيبة للمنطقة لم يعد من الممكن السكوت عنها في ظل اهمال المعنيين، وعدم دخولهم إلى حيث يفترض بهم أن يكونوا بدل الاكتفاء بالوقوف عند خط البداية والجلوس في مبنى المحافظة.
هناك في مدينة الأحمدي أشجار خضراء... وبيئة ملوثة، ورود ملونة... وأغصان يابسة، أضواء متلألئة... وعتمة موحشة، مساحات خضراء... وساحات قاحلة، طريق معبد... وطرقات مهجورة، مبنى مزين... ومبان مهدمة.
هناك في مدينة الأحمدي يصح المثل القائل: «من برا هالله هالله ومن الداخل يعلم الله»، فمن مبنى المحافظة الذي يراد توسيعه فيما تحوم شبهات حول مدى قانونيته أصلا، إلى الوضع البيئي الذي لم يكفه التسرب الطبيعي للغاز فزادته انتهاكا السموم التي تلقى في مصبات مياه الإمطار وتشق طريقها إلى البحر، بالإضافة إلى تشوين الشاحنات و تبديل الزيوت في الساحات الترابية و استغلالها استغلالا مضرا بالبيئة بعلم المسؤولين لإرضاء أشخاص أو مسؤولين يقومون برعاية الاحتفالات والمهرجانات وغيرها في المحافظة.
هناك في مدينة الأحمدي، ترسم المشاكل التي يعانيها المواطنون من سكان المنطقة مشهدا مأسويا يحاكي اهمال الحكومة ممثلة بالمحافظ وغياب الاهتمام بحلها، فالوضع الأمني وكثرة السرقات يرهب قاطني المنطقة، والخدمات الطبية متدنية إلى أقصى حد من خلال مستوصف واحد ومستشفى لا يمكن لأي كان دخوله، فضلا عن سوء الخدمات التعليمية ومرافقها التي مر عليها عقود دون ترميم أو تجديد، إضافة إلى سوق تم هجره وحرمان الأهالي منه ليتحول إلى مرتع للحيونات الضالة وملجأ للمشبوهين، فيما المحافظ غائب عن متابعة أهم متطلبات المواطنين وأبسطها.
عدسة «الراي» جالت داخل مدينة الأحمدي وفي شوارعها ولم تتوقف عند خط البداية، لتنقل الصورة الكئيبة التي لم يعد من الممكن السكوت عنها، علها تصل إلى أصحاب القرار ممن يعنيهم الأمر ولا تبقى محجوبة عنهم بغطاء احتفالات وأوبريتات أو أضواء تزين لهم واقعا معكوسا لحقيقة الصورة التي تصل إليهم ممن يفترض انهم مسؤولون ومؤتمنون على نقل «الصورة» على حقيقتها دون إضافات أو تعديلات تجميلية عليها.
من مبنى محافظة الأحمدي الذي يشهد شدا وجذبا بسبب الرغبة في توسعته رغم فقدان مخطط أوراق تخصيص الأرض المشيد عليها بدأت الجولة، نحو منطقة الأحمدي الصناعية التي تشكل مصدر إزعاج و ضوضاء وتلوثا دائما لأهالي المنطقة، لا تنفك المصانع والشركات النفطية وغيرها وورش صيانة للمعدات الثقيلة تبث ملوثاتها في هواء المنطقة، فيما يتم استغلال الساحات الترابية المحاذية من قبل الشركات بعلم مسؤولي المحافظة مواقف لسياراتها المعروضة للبيع أو للصيانة حيث يتم الغسيل وتبديل الزيوت والتشحيم في العراء وصب الزيت في برك ترابية ما تسبب في موت التربة وتلفها نهائيا بسبب سكب الزيوت المحروقة عليها.
أما في الجهة الشرقية لمدينة الأحمدي حيث الحزام الزراعي ذا الشكل الجذاب والمبهر للقادم من ناحية طريق الملك فهد السريع، فإن المشهد يبدو معكوسا بالكامل من الجهة الداخلية حيث تتراكم نفايات إنشائية وصناعية بشكل يوحي أن هذا الموقع مخصص كمردم للنفايات، حيث يبلغ طول النفايات المردومة أكثر من 700 متر على امتداد الحزام الزراعي فيما يقبع في نهاية هذا الحزام موقف كبير جدا بمساحة نحو كيلومتر مربع خصص لتشوين الشاحنات والرافعات التابعة للشركات حيث تم وضع «روف» خاص بهذا الموقع.
وأسهم استغلال الشركات لهذا الموقع مكانا لصيانة معداتها في إتلاف الحزام الزراعي وزيادة التلوث البيئي بشكل كبير، حيث أصبحت السموم التي تخلفها هذه الشركات تفوق ما تنتجه مصانع الشعيبة الغربية حيث تنبعث روائح كريهة من المنطقة بشكل لافت، فضلا عن تعمد بعض الشركات تبليط الأرض ما حولها وكأنها جزء من ممتلكاتهم الخاصة.
وبعد المواقف المخصصة للشاحنات تقع واحة زراعية مهملة بالقرب من نادي الشباب القديم، حيث تسقى هذه الواحة من مياه الأمطار ومخلفات المصانع التي تقوم بعض الشركات برميها في هذا المصب، الذي تحول جدولا صغيرا من المياه الملوثة، حيث أكد عدد من أهالي المنطقة ان قطيعا مؤلفا من أكثر من 19 رأسا من الأغنام لأحد المواطنين وجدت ميتة بعد شربها من هذا الجدول.
أما في موقع ما كان يسمى «سوق الأحمدي» الذي تم إخلاؤه، فقد حيث أصبح مرتعا للكلاب والقطط ومقصدا لمدمني المخدرات و السكارى ليلا، وبات يشكل خطرا حقيقيا على أهالي المنطقة، فضلا عن الروائح الكريهة المنبعثة منه بسبب الاهمال وتركه على خرابه بعد الاخلاء، ويضاف إلى ذلك ان هذا السوق كان نقطة التسوق الوحيدة لأهالي الأحمدي، وبعد قرار الإخلاء بات التسوق لأبسط الاحتياجات يمثل مشقة لقاطني المنطقة.
ورغم قرار الإغلاق الصادر عن المجلس البلدي لمبنى سينما الأحمدي وإزالته، فلا تزال المحلات تعمل هناك ولا حياة لمن تنادي، فـ «الواسطة» في المحافظة أقوى من القانون في المنطقة تعج بها المقاهي التي وجدت لنفسها موطئ قدم راسخ في المنطقة، فيما تغيب عنها جمعية تعاونية ترقى لتلبية احتياجات المواطنين، بالإضافة إلى عدم وجود صالة أفراح في الأحمدي التي تعتبر أقدم مدينة في المنطقة الجنوبية.
وفي مشهد محزن ومؤسف آخر تبدو المدارس في الأحمدي تالفة، حيث يوحي منظرها الخارجي بأنها مهجورة، ولم تطلها يد الترميم رغم المنظر المشوه بسبب قدم البناء وطلاء جدرانها بعبارات لا تمت للمدارس بصلة.
ولا يسلم الوضع الأمني في الأحمدي من الشكوى، حيث عبر الأهالي عن قلقهم من السرقات التي تزداد بشكل لافت في المنطقة خصوصا سرقة السيارات عن طريق الكسر وسرقة حدائق البيوت، إضافة إلى أن المشاكل والهوشات تحصل بشكل مستمر بين الشباب خصوصا في الفترات المسائية في الحدائق العامة أو الهوكي أو الممشى أمام الكنيسة، وفضلا عن الاستعراض والرعونة التي يقود بها الشباب سياراتهم بها في طرقات الأحمدي.
أما القطعة 1 في مدينة الأحمدي التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى منطقة «منكوبة» بسبب تسرب الغاز الذي حدث في بيوتها، فما زال الأهالي يعانون «التشرد» الذي فرض عليهم على أمل المعالجة السريعة والجذرية للمشكلة، بينما لم ينبهم سوى التصريحات الحكومية الرسمية ممثلة بالمحافظة التي وعدت بحل طال أمده ولم يتم لمسه على أرض الواقع، وبدل ان يعاد تجهيز البيوت لتعود صالحة للسكن، أصبحت كأفران لها مداخن تسحب الغاز من الأرض وتبثه في الهواء الطلق مما تسبب في زيادة كثافة نسبة الغاز في الجو بين البيوت بشكل ضاعف الأخطار الصحية الموجودة أصلا بسبب التلوث، وأصبح السير بينها أو العيش فيها شبه مستحيل خصوصا لمرضى الجهاز التنفسي والربو وكبار السن والأطفال.
ويقول سمير العتيبي: «مر علينا أكثر من عام ونحن نصارع السموم التي تنبعث من الأرض في ظل تضليل حكومي متعمد وتصاريح عشوائية من المسؤولين والمحافظة حول حل المشكلة والقول بأنه لم يبقَ سوى صبغ البيوت، وهذا كلام غير صحيح فنحن ما زلنا نعاني من الغاز»، مبينا أن «الإتلاف الذي حصل في بيوتنا أكبر من الإصلاحات التي أجروها، فالبيوت أتلفت من الداخل والأرضيات تم ترقيعها بشكل سيئ جدا»، مبينا أن «الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ حيث وضعت منصات وأبراج لسحب الغاز من الأرض و نشره في الهواء مما تسبب في إصابة العديد بالأمراض حيث تزيد نسبة الغاز في الجو و وتملأ رائحته الهواء الذي نستنشقه».
ويضيف «ان اللجنة الحكومية المشكلة لمتابعة المشكلة أجبرت بعض السكان على العودة للمنطقة رغم استمرار تسرب الغاز وانتشاره في المنطقة و هذا أمر خطير جدا، فضلا عن ان البيروقراطية الحكومية تسبب لنا احراجات ومشاكل مع أصحاب العقارات حيث نسكن موقتا بسبب عدم صرف
بدل الإيجار إلا بعد شهرين أو ثلاثة».
ويحمل العتيبي مسؤولي اللجنة والمحافظة «مسؤولية التلاعب في مشاعرنا بسبب التصريحات البعيدة عن الواقع، فوضعنا الآن سيئ للغاية ويجب أن تعترف اللجنة بعجزها عن معالجة المشكلة البيئية في الأحمدي وتطلب تثمين هذه القطعة التي ترغب في استملاكها شركة نفط الكويت».
وبدوره، يقول ناصر جهز «لقد طفح الكيل، فالوضع في الأحمدي من سيئ إلى أسوأ، بأصبحنا نعيش معاناة حقيقية بسبب المساوئ التي تسببت بها طريقة معالجة تسرب الغاز، إضافة إلى إخلاء سوق الأحمدي المركز التسوقي الوحيد لأهالي المنطقة وتجاهل حاجة المواطنين له، فضلا عن أن الوضع الصحي متردٍ أصلا، والحالة التعليمية أردى منه، فكيف لنا أن نعيش في هذه المنطقة التي أصبحت لا تتوافر فيها اقل سبل ومقومات العيش الكريم».
ويعتبر جهز ان «الأحمدي أصبحت بعد العبث الذي قامت به اللجنة المعنية بمعالجة الغاز منطقة غير صالحة للسكن، فلا نستطيع التعايش مع الغاز المنتشر في الهواء فقد تسبب لنا بحالات ضيق تنفس، والنقطة الأمنية أصبحت غير ذي فائدة فالعمالة السائبة تجوب البيوت ولا احد يستطيع إيقافها، ونحن نريد حياة كريمة لنا ولأبنائنا ولا ذنب لنا في ظهور الغاز وهذه كارثة طبيعية يجب أن تتحمل تبعاتها الدولة».
ويؤيد ما سبق كل من من سليم العتيبي و سعد السهلي و فهد شباب الذين اتفقوا على أن «الحياة في المنطقة أصبحت لا تطاق فالغاز منتشر في كل مكان ومنصات سحب الغاز منتشرة بين البيوت بالإضافة إلى ان (دكتات) سحب الغاز المركبة على البيوت أصبح خطرها اكبر على المواطنين».