ملامح / الشعر وعجلة التغيير

تصغير
تكبير
|بقلم :خالد العبدالله|

الشعر النبطي أو البدوي كما أسماه ابن خلدون في مقدمته هو شعر عربي النشأة ويمتد إلى الزمن الهلالي أي زمن بني هلال بن عامر بن صعصعة، وكلمة (نبط) تعني في اللغة العربية: ظهر بعد إخفاء، ويقال: حفر الأرض حتى نبط الماء، وجَدَّ في التنقيب حتى نبط المعدن، وجاء في القاموس: استنبط الشيء أي استحدثه أو استمده من مصدر موجود، والشعر النبطي فيه الظهور بعد الخفاء وتسميته بالنبطي اختلفت فيها الآراء والراجح أن سبب التسمية يعود إلى أن العرب استنبطوه من الشعر الفصيح بلهجاتهم المحلية المعبرة عن أدب القبيلة ليعبر به الشاعر النبطي عن مشاعره وآماله وأحلامه أي ظهرت بعد إخفاء في قلبه وبين جوانحه، فانحصر الفرق بين الشعر النبطي والشعر الفصيح في عدم التزام النبطي بالقواعد النحوية واحتوائه على بعض المفردات الدخيلة على اللغة العربية، وينقسم الشعر النبطي إلى قسمين رئيسين هما شعر النظم (القصائد) وشعر الارتجال (المحاورة الشعرية) ولكل منهما بحورا وأوزانا مختلفة، وقد ظل الشعر النبطي مطروقا على الطريقة الهلالية إلى أن أتى زمن الشاعر العلم عبدالمحسن الهزاني الذي يعتبر المجدّد والمطوّر في نمط القصيدة النبطية، فهو أول من أدخل الأوزان السامرية في الشعر، وهو أول من ابتكر قصيدة القافيتين على الشعر النبطي (أي قافية للصدر وقافية للعجز) خارجا عن القاعدة الهلالية في النظم التي تعتمد على القافية الواحدة حيث أدخل بحر المسحوب ذي القافيتين اللازمتين وأصبح شكلا من أشكال الشعر الذي يلتزم به غالبية الشعراء حتى اليوم، كما أنه أول من نظم على المروبع المعتمد على الجناس في الشعر الشعبي

(لكل بيت أربعة أشطر مع توحيد القافية في الشطر الرابع) ونجح في ذلك نجاحا كبيرا وسار على نهجه كثيرا من الشعراء، ثم بدأ بعض جمهور الشعر الحديث من شعراء ونقاد حاليين بمحاولة دفع عجلة التطوير في الشعر نحو الأفضل من خلال توحيد لغة ضمائر لغة المخاطبة في النص الواحد كالتذكير والتأنيث والجمع والمفرد والحاضر والغائب، مع إبتكار المزيد من الصور الشعرية التي لا تخلو من الخيال المقبول الذي لا يخرج عن المألوف ولا يتعدى حدود العقل والمنطق، ورغم اصطدام هؤلاء المطوّرين ببعض المعوقات التي مازالت تقف عائقا دون هذا التجديد ولعل أبرزها عدم تقبل البعض لمبدأ التغيير والتطوير إلا أن هذه العجلة ستدور كما دارت في السابق وستبقى تدور إلا أن يرث الله الأرض وما عليها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي