«يا من عين الضالة والحلاوة آنتين والعقلان على الله»، قول كان ينطلق من حنجرة المطرب قديما في أوساط هذه الديرة الحبيبة عندما يفقد أحد شيئا أو يعثر أحد على شيء، فيقول المطرب: «يا من له الضالة»، أو «يا من ضيع الضالة» في مجتمع تتخلله حرف بسيطة، كل يعمل على تكامل الآخر، «الحداد والنجار والمجني والقفاص والبناي والغيص والسفار والخراز والقلاف والصفار والسماك والتمار»، أعمال كثيرة وكل يقوم بعمله ليكمل عمل الآخر، والكل نسيج واحد، ويتأثر الكل بالكل، والجميع ممتزج في طينة واحدة فإذا ما تزوج أحد فعروس «الفريج» ترصع بالحلى وتدور طاسة الذهب في «الفريج» حيثما وجدت عروس في بيت من بيوتاته، ويكاد الناس لا يعرفون الفقير من الغني لتمازجهم في نسيج واحد، والمطرب إذا ما أحد فقد شيئا أو عثر على شيء فإنه يدور في «الفرجان والسكيك» فيجوبها حتى ولو كانت سكة سد فيعثر كل على ضالته برفق وهدوء وسكينة وحكمة، ولكن للأسف الشديد نلاحظ في الآونة الأخيرة أن المطربين قد زادوا واستغلوا وسائل وطرق كثيرة في التطريب، منهم من يطرب على الزيت وآخرون يطربون للنار وثالثهم يطرب على التفريق والتشتيت والتباعد والتناحر، وهذه أصوات لم نألفها ولم نلحظ شيئا منها من ذي قبل. وكأن بعضهم يريد منا التقهقر ومسح الصفة الكويتية الأصيلة التي تبني على الخير وحده، فماذا يريد هؤلاء المطربون، وعلى ماذا يطربون، وما هي الضالة التي يريدونها، وما هو عشاؤهم، ومن أين يأخذونه؟ على قول أبي ماضي: أتمنى أنني أدري... ولكن لست أدري.
سلطان حمود المتروك
كاتب كويتي